"إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ". (القصص 85). جاءت هذه الآية في أواخر سورة القصص، ويرى المفسرون أن السورة نزلت والنبي في طريقه مهاجرا من مكة إلى المدينة، وكان يشعر بأنواع من الحزن والأسى لتركه مكة وعدم قدرته على هداية قومه، وقد كان يتساءل عما إذا كان مقصراً في طريقة دعوته لقومه، فنزلت هذه السورة لتطمئنه وتؤكد له أن الله الذي كلفك بهذه المهمة وتكلفت أعباءها، لرادك إلى المكان الذي هاجرت منه منتصراً.
وتذكر السورة في بدايتها قصة فرعون والصراع بينه وبين بني إسرائيل، إذ كان يقتل المواليد الذكور منهم ويستحيي النساء، إذ يقال إن هناك من تنبأ أن هذه الطائفة سيخرج منها من يحاربه، فتربى موسى في قصر فرعون، ورده الله إلى أمه لترضعه كما وعدها، وخرج منها شابا مهددا بالقتل ثم رجع نبيا مرسلا.يؤكد الله لنبيه أن الله الذي نصر موسى في تلك الظروف سينصرك وستعود منتصراً، وبالفعل بعد سنوات من الجهد والمثابرة انتشر الإسلام في ربوع الجزيرة العربية، فكان الرسول وصحبه ينشرون الدين بين المشركين وعبدة الأوثان، لكن اليوم أنصار الإسلام السياسي يريدون نشر الإسلام بين المسلمين فما أهدافهم؟ نذكر على سبيل المثال حسن البنا لما زار الملك عبدالعزيز طالبا السماح له بنشر فكر الإخوان، أجابه كلنا إخوان وكلنا مسلمون لسنا بحاجة لمن يعلمنا ديننا، غير أن البنا وجماعته من بعده يعتقدون أن فهمهم للإسلام يختلف عن الآخرين، فمن وجهة نظرهم أن المسلمين في هذا العصر قد ارتدوا عن الإسلام، والجماعة فرضت نفسها لتكون الجهة المسؤولة عن هدايتهم وبالوسائل التي تراها مناسبة لتحقيق أهدافها. ويرى كثير من الباحثين المتخصصين في الجماعات الدينية أن الإرهاب الديني والعنف المضاد برز في تلك الفترة، عندما أباحوا الاغتيالات السياسية وتفجير دور اللهو، وأطلق أنصار الإسلام السياسي على علماء المسلمين الذين يهتمون بالقضايا الفقهية من عبادات ومعاملات بفقهاء السلطان، سخرية واستهزاء بهم، لأنهم يحرمون استخدام الدين للخروج على الحاكم والنظام وإشعال الفتن وهدم استقرار الدولة، وأطلق كثير من العلماء على تلك الجماعة بأنهم خوارج العصر، ومنعت بعض الدول نشاطهم وصادرت ممتلكاتهم ووصفتهم بأنهم جماعة إرهابية خطيرة تتاجر بالدين. وقد يمتد هذا الصراع بين كثير من المجتمعات وجماعات الإسلام السياسي إلى فترات طويلة، لأن قيادات هذا التنظيم حققوا أرباحا مادية كبرى من وراء انتمائهم لهذا التنظيم، وخصوصاً من يعيش منهم في أوروبا وأميركا، فهم سيتمسكون بذلك التنظيم ليحافظوا على تلك المكاسب، وربما هناك دول ومخابرات تدعم وجودهم.
مقالات
«إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد»
29-09-2021