المناطق الآمنة
على مشارف المناطق الحدودية الساخنة بالصراعات والنزاعات بين الدول تقام مناطق عازلة تهدئ من فرص نشوب القتال، الفكرة يمكن بلورتها وتطبيقها بين العديد من الأفكار والمشاريع المتنازع أو المختلف حولها، لتجنب الأضرار وعواقب الصدامات والتجاذبات الحادة والمباشرة بين الأطراف أو الجهات المحلية، بحسبانها مناطق جدال ونقاش ومفاوضات لابد من توافرها لتقريب وجهات النظر، وبذر أسس تفاهمات مشتركة تنطلق منها المحادثات والتطلعات لرحب أوسع.لو طبقنا هذه الرؤية على الوضع السياسي المحلي لأدركنا مس الحاجة إليها، فجمود الوضع السياسي الحالي جاء نتيجة افتقار الحكومة والمعارضة البرلمانية لتفعيل مثل تلك المساحة الحيوية والمرنة، وعجزهما عن إيجاد أرضية مشتركة تنطلق منها الرؤى المستقبلية المشتركة للأوضاع السياسية والاقتصادية وغيرها للنهوض بالبلد من كبواته المزمنة.
يفتقر الطرفان الحكومي والمعارضة لمواهب متوثبة طموحة تهيئ مناطق آمنة فيما بينها ينتزع منها فتيل الانفعالية والمشاكسة والعصبية والعناد بغير حق، فاللقاءات المتواصلة والدؤوبة- تدفق بالدافعية والاستمرارية لقواسم وطنية مشتركة- التي تتكلل بالمفاوضات والتنازلات المتبادلة لتحقيق الحد الأدنى من المكتسبات في معادلة لا غالب ولا مغلوب، تؤتي ثمارها وترسو بالنظام السياسي على بر الأمان. المعارضة ذاتها بحاجة ملحة إلى المناطق الآمنة مع السلطة، واللقاءات والحوارات واستعراض الآليات لمواجهة عناد السلطة، والتخلي عن الشروط المسبقة للحوار، أساليب مثلى للضغط عليها بحنكة وحكمة، دون الولوج في نزاعات جانبية توهن تعاضد المعارضة وتماسكها. تطبيق نظرية المناطق الآمنة بجدالنا اليومي، في الأسرة والعمل والديوانية، وهجرنا لنوازع الشخصانية والمصالح الذاتية، يكلل جهودنا بالنجاح المضمون.