مشكلة المؤسسات العراقية الأساسية التي تشكل منها نظام "الاتحادي" في العراق، أنها مفككة وغير متجانسة ولا يكمل بعضها بعضا كما في دول الديموقراطية، الهيئات التشريعية مستقلة تماما عن الهيئات التنفيذية وهي بدورها مستقلة عن المحاكم والهيئات القضائية، وعندما نقول إنها مستقلة لا نقصد بذلك المعنى الإيجابي للكلمة كما في الأنظمة الديموقراطية التي تمارس كل مؤسسة فيها دورها الفاعل والمؤثر في قيادة البلاد بتعاون ومشاركة سلسلة طبيعية مع المؤسسات الأخرى من أجل تحقيق هدف واحد وغاية واحدة، وهي توفير الأمن والاستقرار والحياة الكريمة للمواطنين، فالسلطات الرقابية في العراق ضعيفة ويتخللها الفساد والوهن وعدم القدرة على المحاسبة والمعاقبة، رغم تشكيل هيئة النزاهة الوطنية عام 2005، وأدرجت في الدستور، فإنها وقفت عاجزة تماما عن طوفان الفساد الذي اجتاح العراق الذي مازال منذ ذلك التاريخ يتصدر الدول الأكثر فسادا وخطرا في العالم، على الرغم من أن الدستور العراقي تبنى النظام البرلماني لقيادة الدولة، وكان من المفروض أن تهيمن هذه المؤسسة التشريعية المهمة على مرافق الدولة الحيوية وتمارس دورها في مراقبة ومحاسبة المؤسسات التنفيذية التي أخطأت كثيرا في سياساتها الداخلية والخارجية وفشلت في مواجهة الفساد والإرهاب، ولكنها أخفقت في أداء مهامها، واقتصر دوره على تصديق بعض القوانين الهامشية، في حين ظلت القوانين المصيرية مثل إقرار قانون النفط والغاز وقانون الأحزاب وتفعيل المادة 140 الخاصة بالأراضي المتنازع عليها مع الكرد وغيرها مركونة على رفوف مكاتبها.. وإزاء غياب الدور الرقابي للبرلمان وانحراف مرافق قضائية مهمة كمجلس القضاء الأعلى وتسييسه، دخل العراق في أتون أزمات خانقة لم يخرج منها حتى الآن، وقد لا يخرج منها إلا على حساب وحدته الوطنية!. ومما زاد الأمر قتامة وسوءا هيمنة ميليشيات الحشد الشعبي التي تأسست بفتوى من المرجع "السيستاني" عام 2014 على مقدرات البلد واهم مؤسساتها وهي البرلمان وجزء مهم من تشكيل الحكومة الرسمية التي يقودها "مصطفى الكاظمي"، الامر الذي بدا وكأنها دولة "قوية"داخل دولة"ضعيفة"وهي كذلك!
وفي المقابل هناك دولة غير رسمية في الشمال العراقي اسمها "إقليم كردستان" لها كل مقومات الدولة تقودها حكومة وبرلمان ولكنها ليست مستقلة بل تابعة للعراق الفدرالي، مؤسساتها أكثر تنظيما وتماسكا من مؤسسات العراق التي تتفشى فيها ظاهرة الفساد وتهيمن عليها الطائفية الميليشياوية.. يتولى الحكم فيها رئيس شاب محنك "نيجيرفان بارزاني" يتمتع بنشاط دبلوماسي وعلاقة قوية مع دول الجوار وله صداقة مع الرئيس الفرنسي"ايمانويل ماكرون" والرئيس التركي" رجب طيب اردوغان"، وكثيرا ما قام بـ"تهدئة التوترات بين تركيا وبعض دول الخليج، بحسب موقع المونيتور الأميركي مثلا.. فشتان بين الدولتين: دولة طائفية فاشلة وفاسدة آيلة للسقوط في أي لحظة ودولة ناشئة غير رسمية تحمل في طياتها كل مقومات الحياة! * كاتب عراقي
مقالات - اضافات
دولة مفككة وغير متجانسة!
01-10-2021