رغم المؤشرات الكثيرة على تساهل أميركي مع دمشق، وايعاز لبعض الحلفاء بفتح قنوات، ولو محدودة، مع سورية كانت مغلقة منذ اندلاع الحرب الأهلية في 2011، أكد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية أن «واشنطن ليست لديها خطط للتطبيع أو رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة السورية».ورداً على أسئلة حول ترحيب «الخارجية» الأميركية بإعلان الأردن فتح الحدود مع سورية، ثم تراجعه عن ذلك، قال المتحدث إن «واشنطن لا تشجع الآخرين على التطبيع» مع دمشق.
وقام الأردن بفتح الحدود وإعادة الطيران مع سورية، في خطوة بدا أنها حصلت على ضوء أميركي أخضر، خصوصاً في ظل «قانون قيصر» الذي يعاقب المتعاملين مع دمشق. وقبل ذلك، سمحت واشنطن باستجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر سورية الى لبنان، بل طرحت نفسها أنها صاحبة هذه الفكرة، في مواجهة سفن النفط الإيرانية التي استجلبها حزب الله الى لبنان، الذي يشهد أزمة مالية وانهيارا اقتصادياً غير مسبوق.
تفاهمات سوتشي
جاء ذلك، بالتزامن مع إعلان موسكو وأنقرة عن تفاهمات، في حين يعاني البلدان توتر علاقاتهما مع واشنطن. وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال مغادرة منتجع سوتشي الذي استضافه به نظيره الروسي، أمس الأول، إنه بحث مع بوتين «حلاً نهائياً في سورية»، مضيفاً أنه على الأميركيين «تركها لشعبها عاجلا أم آجلا».واتهم إردوغان منسق الولايات المتحدة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بريت ماكغورك، بأنه منسق تنظيم «حزب العمال الكردستاني» الانفصالي، الذي تصنّفه أنقرة تنظيماً إرهابياً.ورأى أن الوقت حان لتطبيق «حل نهائي ومستدام» للنزاع في سورية، وخاصة في محافظة إدلب. ولفت إلى تحديد «خريطة طريق» سيعتمد عليها وزراء الدفاع والخارجية للتعامل مع الوضع في «منطقة خفض التصعيد»، حيث كثفت المقاتلات الروسية ضرباتها على مواقع نفوذ المعارضة السورية المدعومة من تركيا بشمال سورية. من جهته، أكد «الكرملين» أن بوتين وإردوغان أكدا التزامهما بالاتفاقات المبرمة بشأن ضرورة إخلاء إدلب من الإرهابيين.وأكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديميتري بيسكوف، أن النزاعات الإقليمية، منها أزمات سورية وليبيا وأفغانستان وإقليم قره باغ الأذربيجاني، اتخذت مكانة ملموسة ضمن أجندة المحادثات في سوتشي.وتابع: «تم تأكيد ضرورة تطبيق اتفاقاتهما بخصوص إخلاء محافظة إدلب من العناصر الإرهابية المتبقية هناك، والتي من شأنها أن تشكّل خطرا واتخاذ خطوات هجومية معادية ضد الجيش السوري».في ملفات أخرى، قال إردوغان إن بلاده لن تتراجع عن صفقة منظومة الدفاع الجوي الروسية S400 التي تعارضها واشنطن بشدة.وأضاف أن بوتين أبدى موافقته لدراسة إمكانية التعاون في إنشاء محطتي طاقة نووية ثانية وثالثة في تركيا، بجانب محطة «آق قويو».«جنيف 2»
الى ذلك، وفي محاولة للحد من الخلافات التي تقوض العلاقات بين القوتين النوويتين الأبرز في العالم، استأنفت موسكو وواشنطن، أمس في جنيف، الحوار الاستراتيجي الذي بدأه الرئيسان بوتين وبايدن على ضفاف بحيرة ليمان في يونيو.وعقد الاجتماع الجديد خلف الأبواب المغلقة وفي غياب وسائل الإعلام، برئاسة نائبة وزير الخارجية الأميركي، ويندي شيرمان، ونظيرها الروسي سيرغي ريابكوف.ويبدو أن الأوضاع في أفغانستان فرضت نفسها على الاجتماع، خصوصاً بعد أن كشفت مجلة بوليتيكو عن مفاوضات أميركية مكثفة لاستخدام قواعد عسكرية روسية من أجل عمليات مكافحة الإرهاب في أفغانستان. ولفتت، في تقرير، إلى أن جلسة استماع سرية بين قادة «البنتاغون» وأعضاء في مجلس الشيوخ تمت هذا الأسبوع، وتحدث المسؤولون خلالها عن المحادثات التي جرت مع الدول المحيطة بأفغانستان حول إمكانية شن عمليات مكافحة إرهاب، في الأفق، أو عن بعد باستخدام الرادار القادر على اكتشاف ورصد الحركات والأهداف، بشكل يسمح للقوات الأميركية بمراقبة وضرب أهداف في البلد الذي باتت تسيطر عليه حركة طالبان المتشددة.وأوضح أعضاء في «الشيوخ» أن القواعد قد تشمل قواعد عسكرية يديرها الروس في هذه البلدان.وبعد تقديم شهادات عامة أمام لجنة القوات المسلحة في المجلس، الثلاثاء الماضي، قدم القادة العسكريون الثلاثة، وزير الدفاع لويد أوستن، ورئيس هيئة الأركان المشتركة، مايك ميلي، وقائد القيادة المركزية، كينيث ماكينزي، إيجازا للنواب خلف الأبواب المغلقة حول النقاشات الدائرة مع حكومات طاجيكستان وأوزبكستان وقرغيزستان وغيرها. وجاء الكشف للمشرعين بعد ساعات من اعتراف الوزير أوستن بأن الولايات المتحدة طلبت من موسكو توضيحات بشأن عرض من الرئيس بوتين لاستقبال عمليات مكافحة الإرهاب الأميركية في القواعد العسكرية الروسية بوسط آسيا.وأخبر أعضاء مجلس الشيوخ الذين حضروا الجلسة السرية أن العرض تم التعامل معه بجدية. وقال المشرّعون إن ماكينزي، قدّم تفاصيل حول المقاتلات العسكرية ونقاط الإطلاق التي يمكن استخدامها لضرب أهداف إرهابية في أفغانستان.