قدّمت الصين عرضا فيه قدر كبير من البذخ، استعرضت فيه تكنولوجيتها العسكرية المتطورة التي كانت سرية في وقت ما، وذلك خلال أكبر معرض جوي أقامته هذا الأسبوع، وروّجت في الوقت نفسه لطموحاتها المتنامية في استكشاف الفضاء، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطائرات التجارية.

ومن شأن قيود السفر المرتبطة بجائحة "كورونا" أن تجعل "معرض الصين الجوي" في مدينة تشوهاي بجنوب البلاد محلياً إلى حد كبير، لكن المراقبين الأجانب تابعوا عن كثب التطورات عن بعد.

Ad

وتجتهد الصين لتحسين أداء المحركات محلية الصنع التي تتخلف عن التكنولوجيا الغربية. وخلال المعرض اختبرت طيران مقاتلات "جيه 20" باستخدام محركات صينية بدلا من الروسية للمرة الأولى.

كما ستختبر نوعين من المحركات المحلية لطائرات النقل من طراز "واي 20" حسبما صرح رئيس الفريق الذي صمم الطائرة لصحيفة "غلوبال تايمز".

وأعلنت الصين أيضا أنها تتوقع إطلاق الجيل الجديد من الصواريخ شديدة التحمل، القوية بما يكفي لإرسال مركبة فضاء مأهولة إلى القمر في 2028، أي قبل عامين من المتوقع.

وبالنسبة للطائرات التجارية، تكثف بكين جهودها لتصبح أكثر اكتفاء ذاتيا في تكنولوجيات مهمة في ظل خلافاتها التجارية مع واشنطن.

«تكنولوجيا الرقائق»

وكانت صحيفة "واشنطن بوست" ذكرت في أبريل الماضي، أن الصين تعمل على إنتاج أنظمة أسلحة متقدمة من شأنها تهديد الولايات المتحدة، مستخدمة تكنولوجيا الرقائق الإلكترونية الأميركية.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين سابقين ومحللين غربيين، أنه تم رصد منشأة عسكرية سرية في جنوب غربي الصين لتجربة أنظمة صاروخية تفوق سرعتها سرعة الصوت، وحذروا من إمكان أن تستهدف تلك الصواريخ ذات يوم حاملة طائرات أميركية أو تايوان.

وقال محللون، إنه يتم تشغيل أنظمة كمبيوتر ضخمة تستخدم في تشغيل تلك الأسلحة بواسطة رقائق صغيرة صممتها شركة صينية تدعى "فيتيوم تكنولوجي" باستخدام برامج أميركية، تم بناؤها في مصنع الرقائق الأكثر تقدماً في العالم في تايوان، والذي يحاكي دقة الآلات الأميركية.

وذكرت الصحيفة أن "فيتيوم" تصوّر نفسها أنها شركة تجارية تطمح لأن تصبح عملاقاً عالمياً للرقائق مثل "إنتل"، لكنها لا تعلن صلاتها بأذرع البحث للجيش الصيني.

صناعة الدرون

وفي مطلع سبتمبر الماضي، أعلنت الشرطة الإيطالية، أنها داهمت شركة محلية متخصصة في إنتاج الطائرات العسكرية من دون طيار (درون)، يشتبه في أن الصين اشترتها بشكل غير قانوني عبر شركة خارجية (أوفشور).

ووفقاً للتحقيق الذي أجراه المدعي العام في بوردينوني بشمال شرقي إيطاليا، فقد تم شراء الشركة الإيطالية التي يجب إبرام عقودها من خلال وزارة الدفاع الإيطالية، بنسبة تصل إلى 75 في المئة عام 2018 من قبل شركة مقرها في هونغ كونغ مقابل "سعر مرتفع ومثير للريبة".

وتخضع الأراضي الصينية إلى مراقبة مشددة من الأقمار الاصطناعية وباقي الوسائل، لمعرفة ما يدور من تطورات عسكرية للعملاق الاقتصادي والبشري الآسيوي.

وكشفت الصور الفضائية، في يوليو، قيام الحكومة الصينية بحفر موقع جديد لما يبدو أنه 110 منصات لإطلاق صواريخ نووية، على بُعد نحو 2100 كيلومتر غرب العاصمة بكين.

وتعد هذه القاعدة التي يتم إنشاؤها تحت الأرض، حسب صحيفة "نيويورك تايمز"، الثانية من نوعها التي يكشفها المحللون العاكفون على دراسة صور الأقمار الاصطناعية في الأسابيع الأخيرة.

ويعبر هذا الكشف عن "توسع هائل في ترسانة الأسلحة النووية الصينية"، في ما يمثل رغبة صينية في امتلاك قوة فائقة اقتصادية وتكنولوجية توضح أنها باتت جاهزة لامتلاك ترسانة نووية بحجم ترسانة واشنطن أو موسكو.

وطرح المعرض العسكري الصيني الكبير تساؤلات عما اذا كانت بكين قد تتخلّى عن استراتيجية "الحد الأدنى من الردع"، التي كانت تنتهجها، أو ستنضم إلى "سباق التسلح"، أم أنها تتطلع إلى الإمساك ببطاقة تفاوض جديدة، في حال اضطرت إلى الجلوس على طاولة مفاوضات الحد من التسلح.

محادثات معقمة

وفي وقت تشهد العلاقة بين البلدين توتراً بشأن عدة ملفات منها منطقة المحيطين الهندي والهادئ، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" أن الجيشين الأميركي والصيني أجريا، محادثات "صريحة ومتعمّقة" هذا الأسبوع تتعلق بعدد من القضايا الدفاعية.

وأوضحت الوزارة، في بيان، أن الجانبين "جددا تأكيد توافقهما على إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة، إذ أبدت واشنطن التزامها بدعم المبادئ المشتركة مع الحلفاء والشركاء في منطقة المحيطين الهندي والهادئ".

ولفت البيان إلى أن المحادثات نُظمت يومي 28 و29 من الشهر الماضي، مؤكداً أن الاجتماع يعد "مكوّناً مهماً من الجهود المستمرة لإدارة الرئيس جو بايدن لإدارة المنافسة بشكل مسؤول بين الولايات المتحدة والصين من خلال الحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة".

وكان زعماء مجموعة "كواد" (الحوار الأمني الرباعي الذي يتألف من الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا) تعهدوا الأسبوع الماضي بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ "حرة ومفتوحة"، في أول اجتماع فعلي لهم، شكّل جبهة موحدة وسط مخاوف مشتركة بشأن الصين، وذلك بعد ايام على إعلان تحالف "أوكوس" بين اميركا وبريطانيا وأستراليا التي حصلت بموجب ذلك على غواصات نووية أميركية قادة على تهديد الصين.

تايوان

في غضون ذلك، عبر جيرمي كورنفورث نائب مدير المعهد الأميركي في تايوان عن التزام الولايات المتحدة بتوسيع نطاق مشاركة تايبيه على الساحة الدولية، وذلك خلال اجتماع عبر الإنترنت حضره أيضا وزير الخارجية التايواني ونائب السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة.

وتمنع الصين، التي تعتبر تايوان إقليما تابعا لها، الجزيرة من المشاركة في أغلب الهيئات الدولية مثل الأمم المتحدة قائلة إنها يجب ألا تحظى بمعاملة دولة.

الفلبين وأميركا

في سياق متصل، قال وزير الدفاع الفلبيني دلفين لورنزانا، أمس، إن الصين عبّرت عن معارضتها لسعي بلاده لمراجعة اتفاقية دفاع مع الولايات المتحدة عمرها 70 عاماً بسبب قلقها من أن يكون ذلك محاولة لتحجيمها.

وتريد الفلبين تعديل اتفاقية الدفاع المشترك لعام 1951 لتوضيح إلى أي مدى ستحمي واشنطن حليفتها وتدافع عنها إذا تعرضت لهجوم.

وفي حدث لمناسبة الذكرى الـ 70 للاتفاقية، قال لورنزانا، إن السفير الصيني السابق لدى بلاده حضّه عام 2018 على عدم مراجعة الاتفاقية، مضيفا: "قال السفير، رجاء لا تمس اتفاقية الدفاع المشترك، دعها كما هي".

بكين تترقب أزمة كهرباء

بدأت الشركات الصينية الصغيرة، التي تواجه أزمة طاقة منذ فترة طويلة، التحول إلى مولدات الديزل أو إغلاق أبوابها، في حين عبر مسؤولون في قطاع النفط عن مخاوفهم بشأن المخزونات قبيل فصل الشتاء وتراجع التصنيع في ثاني أكبر اقتصاد عالمي.

وتسابق بكين الزمن لتوصيل المزيد من الفحم إلى محطات الكهرباء لاستعادة التيار، في حين يواجه شمال شرقي البلاد أسوأ انقطاع للكهرباء منذ أعوام لا سيما في مقاطعات لياونينغ وهليونغجيانغ وجيلين التي يقطنها قرابة 100 مليون نسمة.

وكشفت بيانات رسمية أن نشاط المصانع في الصين انكمش في سبتمبر للمرة الأولى منذ فبراير 2020. ومنذ الأسبوع الماضي أبلغت أكثر من 100 شركة، تشمل شركات إلكترونيات وصناعات تحويلية ومناجم ذهب، البورصات بأنها ستعلق الإنتاج، لكن بعضها قالت إنها استأنفت العمل في اليومين الماضيين.

يأتي ذلك في وقت حذرت الجمعية الوطنية الصينية للفحم من أنها "غير متفائلة" بشأن الإمدادات قبيل الشتاء، موسم ذروة الطلب، مضيفة أن مخزونات محطات الكهرباء "منخفضة بوضوح" الآن.

وتقول الحكومة، التي تسعى لتهدئة المخاوف، إن الأولوية بالنسبة لها هي ضمان توفير الكهرباء وإمدادات التدفئة للمنازل خلال الشتاء، وتعهدت الشركة الصينية للصناعات البتروكيماوية "سينوبك" التي تديرها الدولة بزيادة واردات الغاز الطبيعي المسال.