وثيقة لها تاريخ: الإنكليز يطالبون بتعاون إيران لضبط قراصنة سفينة الفضالة
بعد أن كتب الشيخ مبارك الصباح إلى الوكيل السياسي البريطاني في الكويت رسالته التي تتعلّق بحادثة القرصنة، التي وقعت على سفينة النوخذة علي بن حمد الفضالة، والتي تناولناها في مقالنا السابق، قام الوكيل السياسي من فوره بإبلاغ المقيم البريطاني في الخليج الذي تسلّم الرسالة وردّ عليها بالقول إنه أبلغ حكومة الهند البريطانية بالأمر، وإنه ينتظر الجواب.في هذه الأثناء، تناقش الشيخ مبارك والوكيل السياسي حول ما يمكن اتخاذه من إجراء للقبض على القراصنة، حيث أبدى الشيخ مبارك استعداده لتجهيز سفينة مسلحة وتكليفها بمهمة البحث عن المجرمين، إلّا أن الوكيل السياسي في الكويت كان متردداً تجاه هذا الاقتراح، بسبب خوفه من دخول السفينة الكويتية إلى المياه الإيرانية أو العثمانية، ووقوع تعقيدات في الموضوع.وفي تقرير باللغة الإنكليزية، مرفوع إلى وزير الخارجية البريطاني في الهند بتاريخ 12 سبتمبر 1907، ورد أن عدد القتلى في سفينة علي بن حمد 29 شخصاً، وأنه لم يُعثر على جثثهم بالسفينة، مما يشير إلى أن الجثث تم التخلص منها في البحر. وقد أكد التقرير المرفوع للوزير أن بريطانيا "تعتبر نفسها تحت التزام (نحو الكويت) في هذه الحالة، بسبب القتل والنهب الذي تعرّض له رعايا تابعون لشيخ الكويت الذي ترتبط بريطانيا معه باتفاقية 23 يناير 1899".
كما اقترح التقرير على الوزير أن تتناول بريطانيا الأمر بكل حزم مع الحكومة الفارسية، بهدف العثور على المجرمين ومعاقبتهم. يقول التقرير "إننا نتقدم بالتوصية للقيام بتمثيل قوي إلى الحكومة الفارسية بهدف تأمين القبض ومعاقبة مرتكبي الجريمة، إضافة إلى استعادة المنهوبات وتعويض المتضررين في الحالة الكويتية".ولم يتردد التقرير في القول إنه يجب إبلاغ الحكومة الفارسية أنه في حالة الفشل بالامتثال لمطالب حكومة جلالة الملك خلال فترة محددة، فإن القوة البحرية البريطانية ستتخذ إجراء ضد المنطقة التي لجأ إليها المجرمون وهي "الداير". وبعد ذلك يوضح التقرير للوزير أنه في حالة الموافقة على هذه المقترحات، فإنه لا يتعيّن على القوات البريطانية أن تدخل المياه الإقليمية الفارسية فقط، بل يتعيّن عليها أيضاً إنزال قوات مسلحة على سواحل إيران. وفيما يتعلّق بردّ فعل إيران على ذلك، يقول التقرير إنه سبق لحكومة فارس أن استنكرت بشدة دخول سفينة عسكرية بريطانية مياهها الإقليمية عام 1903، عندما حاول مجرمون شنّ هجوم منظم على الكويت، إلّا أن الحكومة البريطانية أبلغت الحكومة الفارسية أنه رغم أنها تحترم سيادة الحكومة الإيرانية، وعلى استعداد للتعاون الكامل معها، فإنها في حال غياب أية إجراءات فعالة من قبل القوات البحرية الإيرانية، فإن الحكومة البريطانية تحتفظ بحقها في اتخاذ الإجراءات المناسبة، وعلى مسؤوليتها الكاملة لردع القراصنة ومعاقبتهم.نتوقف عند هذا الحد في مقالنا اليوم، ونكمل التفاصيل في المقال المقبل إن شاء الله تعالى.