قطر: تفاؤل وتفاعل في أول انتخابات تشريعية
• نسبة مشاركة كبيرة وتغطية إعلامية واسعة وانسحاب ثلث المرشحين ودوائر حُسمت بالتزكية
• خالد بن خليفة: إنجاز يضاف إلى رصيد بلدنا في توسيع المشاركة الشعبية في صناعة القرار
توافد آلاف الناخبين إلى مراكز الاقتراع بالدوائر الانتخابية في قطر للإدلاء بأصواتهم في أول تجربة انتخابية، لاختيار 30 عضواً يمثلون ثلثي مجلس الشورى، بينما يعين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد الثلث الباقي.
للمرة الأولى في تاريخ قطر، شارك القطريون في انتخابات لاختيار ثلثي مجلس الشورى، في خطوة تفاعل معها القطريون بتفاؤل رغم أن الطريق للمشاركة السياسية لا يزال في بدايته. وقبل عام من استضافة الدوحة لكأس العالم لكرة القدم، بادرت قطر إلى هذه الخطوة التي طال انتظارها، ليختار القطريون بأنفسهم 30 عضواً من أصل 45 في مجلس الشورى، بعدما كان الأمير يعيّن كل أعضائه. وسيواصل أمير البلاد تعيين الأعضاء الـ 15 المتبقين في المجلس.
مشاركة كبيرة
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها أمام الناخبين في تمام الثامنة صباحا، واستمرت حتى السادسة مساء، أعلن بعدها رؤساء اللجان ختام عملية التصويت لتبدأ عملية الفرز بعد إغلاق صناديق الاقتراع تمهيدا لإعلان النتائج الرسمية. وكان لافتا حجم التغطية الاعلامية الواسعة من الاعلام المحلي للحدث. ووصف تلفزيون قطر الحكومي نسب المشاركة بـ «الكبيرة»، وبلغت نحو 44.3 في المئة اعتماداً على حسابات النسب الفردية في الدوائر. وكانت نسبة المشاركة هي الأعلى في الدائرة 21 المشرب (الكعبان) وبلغت 57.71 في المئة. أما أقل نسبة مشاركة فكانت في الدائرة 18 (أم صلال محمد) وبلغت 28.7 في المئة. وفي الدائرة الخامسة (العزيزية) فاز المشرح بالتزكية بحسب ما أعلنه التلفزيون الحكومي.وكشفت الإحصاءات أن الدائرة 21 هي الأعلى في نسبة مشاركة الناخبين، وبلغت 73.4 بالمئة، وبلغت نسبة المشاركة في الدائرة العاشرة 72 بالمئة، وفي الدائرة 11 بلغت 69.5 بالمئة، وفي الدائرة 23 بلغت 66.1 بالمئة، بينما كانت الدائرة الخامسة هي أقل الدوائر في نسبة المشاركة، إذ لم تتجاوز 0.1 بالمئة.انسحابات
وخلال النهار، انسحب قرابة 101 من المرشحين أي أكثر من الثلث من السباق، حسب التلفزيون القطري الرسمي، لدعم مرشحين آخرين في دوائرهم. بعدها، تنافس 183 مرشحاً، بينهم 28 امرأة، حسب قوائم صادرة عن الحكومة، على المقاعد الـ 30. وتوافد آلاف الناخبين والناخبات منذ الساعات الأولى من الصباح، إلى مراكز الاقتراع في الدوائر الانتخابية. وخضعت الانتخابات لإشراف قضائي داخل كل الدوائر، إذ سيفوز المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات الصحيحة، وإذا تساوت الأصوات بين أكثر من مرشح، تقترع اللجنة للاختيار بينهم. وجرت الانتخابات في مراكز اقتراع أقيم أغلبيتها في مدارس وقاعات رياضية.وفي 29 يوليو، أصدر أمير قطر قانوناً بشأن تكوين مجلس الشورى وصلاحياته. وحسب القانون، يتكون المجلس من 45 عضوا، يتم انتخاب 30 منهم بالاقتراع السري المباشر، في حين يعين أمير البلاد الأعضاء الـ 15 الآخرين. وفي اليوم نفسه، أصدر أمير قطر قانون نظام انتخاب مجلس الشورى.خالد بن خليفة
وقبيل اقفال مكاتب الاقتراع، كتب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية خالد بن خليفة آل ثاني على «تويتر»: «بإرادة نافذة من سمو الأمير صوت الشعب القطري اليوم لاختيار أعضاء أول مجلس شورى منتخب في اقتراع عام وسرّي، مسطرين إنجازا تاريخيا جديدا يضاف إلى رصيد بلدنا في توسيع المشاركة الشعبية في صناعة القرار. أبارك للشعب هذا النجاح، وأشكر كل من شارك في هذا الحدث الوطني مرشحين وناخبين ومنظمين».مشاهدات
وأوضح القاضي عبدالعزيز علي الخليفي رئيس الدائرة الثانية، أن «انتخابات مجلس الشورى بداية لمرحلة جديدة من مشاركة المواطن ومساهمته في رفعة وازدهار وتقدم الوطن عبر تعزيز تقاليد الشورى القطرية وتطوير عملية التشريع».وقال الخليفي إنه «على غير المتوقع، كان إقبال الناخبين على الاقتراع جيدا للغاية، الأمر الذي يعكس وعي المواطنين في ممارسة حقهم الدستوري وضرورة المشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي واختيار ممثلين لهم في مجلس الشورى».وأضاف أن «العملية الانتخابية سارت بسلاسة في ظل التزام الناخبين بجميع الضوابط سواء ما يخص الاجراءات الاحترازية أو عملية الاقتراع نفسها». وفي الخور، شمال العاصمة القطرية، حيث صوّت الناخبون لمرشح من أصل 13 عن الدائرة، قال المواطن راشد عبداللطيف المهندي (37 عاما): «هناك عدد كبير من المرشحين في الخور، ولكن بالنسبة لي أهم شيء في الاختيار هو الكفاءة سواء كان من العائلة أو من غير العائلة». وأكدت الموظفة سبيكة يوسف، قبل الإدلاء بصوتها، أن الأمر لا يتعلق فقط بالمرأة، موضحة «نشجع الجميع على المشاركة والتصويت لأهمية هذه الانتخابات على ان يكون للجميع صوت كعائلة واحدة وليس المرأة فقط، لأن المرأة في قطر تتمتع بحقوقها وأكثر في التعليم والعمل وغيره». من ناحيتها، قالت منيرة، وهي مؤلفة كتب أطفال: «مع امتلاك فرصة التصويت، أشعر أن هذا فصل جديد»، مضيفة: «أنا سعيدة حقاً بعدد النساء المرشحات في الانتخابات». بدوره، اعتبر الناخب أحمد محمد الجهني، أن الاستحقاق الانتخابي الأول في قطر يؤسس لمرحلة جديدة من تعزيز المشاركة السياسية في صناعة القرار مع المواطنين عبر الأعضاء المنتخبين.وأشاد الجهني بالتنظيم الجيد للعملية الانتخابية بداية من دخول مقر الدائرة وحتى الانتهاء، حيث استطاع الناخب إجراء الاقتراع في دقائق قليلة، معربا عن أمله خروج هذا الاستحقاق بالصورة التي تحقق مصلحة البلاد وأهلها. أما خالد المطوع، وهو مرشح في حي المرخية، فقال إنه يخوض هذه التجربة للمرة الأولى، مضيفا أن الهدف في النهاية هو تطوير المجتمع وبذل أقصى الجهود لمساعدة الشعب والحكومة. وكتب الفنان الغنائي القطري فهد الكبيسي: «شاركت اليوم وطني الحبيب عرسه الانتخابي الكبير، وسعيد بالتنظيم الجيد وسرعة الإجراءات، كل التوفيق لكل المترشحين، وأدام الله على قطر الخير والتقدم والازدهار».اختصاصات المجلس
ومن اختصاصات مجلس الشورى اقتراح القوانين وإقرار الموازنة وسحب الثقة من وزراء، لكن كل قراراته يمكن نقضها بمرسوم أميري. كما ستكون للمجلس سلطة تشريعية وسيصادق على السياسات العامة للدولة والميزانية، لكنه لا يملك سيطرة على الهيئات التنفيذية التي تضع السياسة الدفاعية والأمنية والاقتصادية والاستثمارية في الدولة الثرية المنتجة للغاز. وسيحتاج مجلس الشورى الجديد المنتخب إلى توافق أغلبية كبيرة جداً من الأعضاء لتعديل قانون الأهلية للترشح ليشمل العائلات المجنسة. ويعود تاريخ مجلس الشورى في قطر إلى عام 1972، ويعد الهيئة التشريعية التي تتولى مناقشة ما يحال إليه من مجلس الوزراء، كمشروعات القوانين، والسياسة العامة للدولة في النواحي السياسية والاقتصادية والإدارية، ومشاريع ميزانيات المشروعات الرئيسية العامة.