غداة تهديد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف بتدويل الأزمة مع إيران والاستعانة بقوى إقليمية، في إشارة واضحة الى تركيا، اتهمت طهران باكو وحليفتها الوثيقة أنقرة بإيواء جماعات مسلحة معارضة على حدودها، مهددة بأن المناورات التي تقوم بها قواتها على الحدود لن تكون عابرة، بل هي تحضير لتدخل عسكري إيراني إذا لزم الأمر.وأكد مصدر في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني لـ«الجريدة» أنه حسب المعلومات الاستخباراتية فإن الأتراك والاذربيجانيين نقلوا خلال الشهرين الماضيين فقط حوالي الثمانية آلاف عنصر من التنظيمات المعارضة لطهران، وقام نحو 2500 عنصر منهم بالاستقرار على الحدود الإيرانية الأذرية والباقي جرى إيواؤهم في إقليم ناغورني كاراباخ ومحافظة سيونيك الأرمينية، التي سيطرت باكو على أجزاء كبيرة منها، للقيام بعمليات ضد إيران.
وقال المصدر إن عددا من الموقوفين الذين تم اعتقالهم خلال الأشهر الماضية في المناطق المختلفة خصوصا الأذرية في إيران وكانوا يخزنون أسلحة وقطع طائرات دون طيار «درون» ومتفجرات اعترفوا أنهم حصلوا عليها من جمهورية أذربيجان.
تخوف إيراني
وحسب المصدر، فإن إيران تتخوف من معلومات استخباراتية تفيد بأن هناك مشروعا تركيا أذريا لاحتلال قسم كبير من جنوب محافظة سيونيك الأرمينية وتأمين اتصال بين جمهورية اذربيجان وجمهورية نخجوان الاذربيجانية، لتأمين خط مباشر مع تركيا، وهذا يعني قطع طريق ايران إلى أوروبا وروسيا عبر أرمينيا.وأوضح أن إيران جمعت وثائق متعددة تؤكد أن عملية اغتيال العالم النووي البارز فخري زادة، التي اتهمت إسرائيل بتدبيرها، تمت عبر طائرات دون طيار وعملاء وأسلحة تم ادخالها إلى إيران من أذربيجان، إضافة إلى أن «الدرونز» التي قامت بعمليات ضد مراكز عسكرية ونووية إيرانية في مناطق متعددة مثل كرج وشرق طهران أخيراً جميعها دخلت عبر المناطق الخاضعة لسيطرة أذربيجان.وأشار المصدر إلى أن الإيرانيين أسقطوا عدة «مسيرات» كانت تقوم بالتجسس على المنشأت النووية والعسكرية في اصفهان وتبين فيما بعد أنها دخلت البلاد من باكو التي اكتفت بالنفي.وبيّن أن روسيا غير مهتمة حالياً بالتدخل لحماية أرمينيا، خصوصاً بعد القمة الأخيرة بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب إردوغان، ولهذا فلن يكون أمام طهران مجال سوى أن تقوم بتأمين شريط حدودي يضمن التواصل مع أرمينيا، حتى لو اضطرت إلى التوغل بإقليم ناغورني كاراباخ المتنازع عليه بين أذربيجان وأرمينيا.انشقاقات وتشكك
وفي مؤشر على انشقاقات إيرانية بشأن الأزمة مع باكو، خصوصاً أن القومية الأذرية هي الثانية من حيث العدد في إيران، قال المصدر إن هناك خلافات جوهرية بين السفير الإيراني في آذربيجان المتحدث السابق باسم الخارجية عباس موسوي، ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان، والفريق الجديد في الخارجية، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى إنهاء مهمة موسوي في باكو وتغييره قبل انتهاء دورته.وأضاف المصدر أن الفريق الجديد للخارجية يحمل موسوي مسؤولية ما يصفه بـ«المصاعب التي تواجهه إيران مع آذربيجان بعد أن طغى حسه القومي الأذري على انتمائه الوطني».والعام الماضي استفاد موسوي من نفوذه في الخارجية وأجهزة صنع القرار لوقف أي تدخل إيراني لصالح حليفتها أرمينيا بهدف ايجاد توازن في القوى مع باكو.ولفت المصدر إلى أن هناك تقارير مؤكدة تشير إلى أن موسوي قام بمشاورات مع بعض كبار رجال الدين في المناطق الآذرية الإيرانية لكي يدعموا موقفه الداعم لآذربيجان.تهديد وحساسية
وفي حين يعتزم البرلمان الإيراني، الذي يعود اليوم للانعقاد بعد اجازة استمرت أسبوعين، عقد جلسة لمناقشة التوترات مع أذربيجان، وجه عضو لجنة الأمن القومي البرلمانية فدا حسين مالكي، أمس، تهديدات لرئيس أذربيجان التي تتمتع بعلاقات جيدة مع إسرائيل.وقال مالكي في تصريحات أمس: «إذا أطلقت إسرائيل رصاصة واحد باتجاه الحدود الإيرانية، فسيكون علييف الضحية الأولى، لأن وحدة أراضي بلادنا هي خطنا الأحمر».وعلّق على معارضة علييف للمناورات بالقول: «إيران لن تبدأ أي صراع في المنطقة ولن تدخل بحرب».وفي موازاة ذلك، قال قائد القوات البرية الإيرانية كيومرث حيدري، إن «إيران لديها حساسية تجاه الحدود الشمالية الغربية، وزادت تلك الحساسية بسبب النشاط الإسرائيلي هناك».وتأتي المناورات على خلفية تصاعد الخلافات بين إيران وأذربيجان في الأيام الأخيرة، بعد فرض حكومة باكو تعريفات مشددة على الشاحنات التي تنقل الوقود الإيراني إلى مدينة ستيبانكيرت عاصمة جمهورية ناغورني كاراباخ المعلنة من جانب واحد والمدعومة من أرمينيا.استبعاد إسرائيلي
إلى ذلك، اعتبر رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي، تمير هايمان، أمس، أن الطريق لايزال طويلاً أمام إيران لإنتاج قنبلة نووية فاعلة، على الرغم من تخصيبها اليورانيوم إلى مستوى غير مسبوق. وقال هايمان: «هناك كميات مخصبة من اليورانيوم لم نشهدها من قبل وهي مقلقة. وفي الوقت ذاته، لم نر تقدماً في جميع جوانب المشروع النووي الإيراني الأخرى، مثل التسلح أو أي قطاع آخر، لذلك لم تتغير الفترة الزمنية المتبقية عن عامين».وأوضح أن الإيرانيين «يواجهون 3 خيارات، إما العودة إلى الاتفاق النووي السابق لعام 2015، أو المضي في تحد غير مسبوق، بما في ذلك السعي نحو التسلح واستمرار التخصيب، أو الذهاب إلى اتفاق مُحسّن، يحققون من خلاله الكثير عما تم في الماضي». ولفت هايمان إلى وجوب وجود خيار عسكري عملي وموثوق إلى جانب المسار الدبلوماسي والعقوبات الاقتصادية.وجاء ذلك في وقت ذكر رجح دبلوماسي غربي كبير عدم عودة طهران إلى الجولة السابعة لمفاوضات فيينا النووية إلا بعد حصولها على «تنازلات معينة».في سياق منفصل، أفادت تقارير استخبارية أميركية بأن «حزب الله» ربما حصل على نظام «بافار 373» للدفاع الجوي الإيراني، ونجح في نقله من سورية إلى مناطق نفوذه بلبنان.