قال تقرير أسواق النقد الصادر عن بنك الكويت الوطني إن إمكانية رفع أسعار الفائدة تصدرت المشهد في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي، ويتجلى ذلك في ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأميركية وتراجع أداء الأسهم إلى جانب صعود الدولار الأميركي مستفيداً من وضعه كملاذ آمن وكذلك التباين في معدلات أسعار الفائدة. ووفق التقرير، تأتي المخاوف من ارتفاع معدلات التضخم وسط اتخاذ أحد القرارات المؤثرة جداً على صعيد السياسيات العامة لزيادة سقف الدين في الولايات المتحدة إذ من المتوقع أن تواجه الحكومة خطر التعثر في سداد ديونها بحلول 18 أكتوبر الجاري.
سقف الدين
واشتهرت الولايات المتحدة باقتصادها الضخم والمقترن بمبالغ هائلة من الديون. لذلك، أدى الإعلان بأن أكبر اقتصاد على مستوى العالم سيتخلف عن السداد إذا لم يتم رفع سقف الديون إلى إثارة مخاوف المستثمرين والتجار في كل أنحاء العالم. وصرحت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين بأن رفع الحد الأقصى للديون لتجنب التخلف عن السداد من شأنه أن يقوض وضع الدولار الأميركي كملاذ آمن. وأعلنت وزارة الخزانة أن السيولة النقدية ستنفد بحلول 18 أكتوبر الجاري، ما لم يرفع الكونغرس الحد الأقصى للديون الاتحادية. وتعتبر المهلة الزمنية لاتخاذ مثل هذا القرار أقرب مما توقعه المحللون، ولم يتم تسعير العواقب المترتبة على ذلك في الأسواق. بالإضافة إلى ذلك، تثير إمكانية تعثر الولايات المتحدة عن سداد ديونها تساؤلات حول ما إذا كان هذا هو الوقت المناسب لتنفيذ خطة بايدن للبنية التحتية.خطة البنية التحتية
كان من المقرر طرح مشروع قانون البنية التحتية الطموح للرئيس جو بايدن على طاولة النقاش يوم الخميس الماضي، لكن تم تأجيله حتى يتسنى للقادة الديمقراطيين الحصول على المزيد من الدعم. وتهدف الخطة إلى تعزيز البنية التحتية للولايات المتحدة، وكما وصفها الرئيس بايدن، فإن الجهود التحويلية تهدف إلى تحقيق "اقتصاد قوي وأكثر مرونة وابتكاراً في العالم". ويعتبر مشروع الرئيس بايدن للبنية التحتية المبادرة الرئيسية الثانية التي يطلق عليها "خطة الوظائف الأميركية" وتحمل تكلفة إجمالية تبلغ حوالي 4 تريليونات دولار موزعة على عقد من الزمان. في حين كانت أولى المبادرات الرئيسية التي طرحت على الأجندة الطموحة للرئيس بايدن هي مشروع قانون الإغاثة من الجائحة بقيمة 1.9 تريليون دولار الذي يطلق عليه "خطة الإنقاذ الأميركية". إلا أن هناك بعض النقاط ضمن خطة الوظائف الأميركية المثيرة للمخاوف مثل نفقات الخطة، والتي تواجه معارضة الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ. ويخطط الرئيس بايدن لتعويض التكاليف عن طريق زيادة ضرائب الشركات التي سيتم تجميعها على مدى 15 عاماً. وقد يكون لهذا القرار انعكاسات سلبية على سوق الأسهم، إلا أنه سيفيد سوق العمل الأميركي من خلال خلق فرص العمل، كما من شأنه تعزيز البنية التحتية طويلة المدى للبلاد. وبدأت مستويات البطالة في الولايات المتحدة في التعافي مقارنة بالارتفاع الذي شهدته في بداية ظهور الجائحة في أبريل 2020 عندما وصلت إلى حوالي 23.11 مليون شخص عاطل عن العمل مقابل 8.384 ملايين في أغسطس 2021، لكن على الرغم من ذلك، ما يزال هذا الرقم مرتفعاً ويجب التصدي له.حركة الأسواق
وساعدت التوقعات بإمكانية تقليص الاحتياطي الفدرالي لبرنامج شراء السندات، وهو ما دفع إلى ارتفاع منحنى عائد سندات الخزانة حيث وصل عائد السندات الأميركية لأجل سنتين إلى 0.318 في المئة، وهو أعلى مستوى له منذ أوائل عام 2020، ينما ارتفعت عوائد السندات لأجل 10 و30 عاماً إلى أعلى مستوياتها في 3 أشهر عند 1.56 في المئة و2.10 في المئة على التوالي. وشهدت أسواق الأسهم أسبوعا متقلباً جداً إذ استهل مؤشر ستاندرد آند بورز تداولات الأسبوع عند مستوى 4.357.73 نقطة ثم شهد ارتفاعاً كبيراً بنحو 2.24 في المئة ليصل إلى أعلى مستوياته خلال الأسبوع عند مستوى 4.455.48 نقطة. لكنه قلص جزءاً من مكاسبه وتراجع بنحو 2.31 في المئة ليصل إلى 4.352.63 نقطة تقريباً. وكان مؤشر ناسداك ذو الثقل بأسهم التكنولوجيا هو الأسوأ أداءً هذا الأسبوع لارتباطه الشديد بعمالقة التكنولوجيا من ذوي الاستدانة العالية حيث تراجع بنحو 3.2 في المئة، إذ ألقت توقعات أسعار الفائدة المرتفعة بثقلها على طبيعة تكلفة الاقتراض العالية لشركات التكنولوجيا.وعلى صعيد العملات الأجنبية، بدأ مؤشر الدولار الأميركي تداولات الأسبوع قرب مستوى 93.300، كما حقق مؤشر الدولار الأميركي مكاسب بنحو 1.19 في المئة بالغاً أعلى مستوى له خلال عام عند مستوى 94.435. وانخفض اليورو إلى مستوى 1.1563 مقابل الدولار ليصل إلى أدنى مستوياته منذ يوليو 2020. كما انخفض الجنيه الإسترليني بحوالي 1.99 في المئة ووصل إلى أدنى مستوياته المسجلة هذا الأسبوع عند 1.3412، كما ارتفع الدولار الأميركي مقابل الين الياباني والفرنك السويسري على خلفية زيادة تباين أسعار الفائدة.وفي ختام تعاملات الأسبوع الماضي فقد الدولار بعض مكاسبه مقابل نظرائه الرئيسيين حيث طغت احتمالات انتعاش النمو على القلق بشأن ضغوط التضخم. كما عوّضت أسواق الأسهم بعض من خسائرها لكن المكاسب لم تكن كافية لمحو الخسائر، التي حققتها خلال الأسبوع. فيما ارتفعت سندات الخزانة وبلغت عوائد السندات لأجل 10 سنوات نحو 1.47 في المئة.