«وإنك لعلى خلق عظيم» (4) المهموم بشؤون المسلمين
![د. عبدالحميد الأنصاري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928789945225900/1555928807000/1280x960.jpg)
ثم إن هذا الحديث مخالف للواقع التاريخي لحال النساء في المدينة، فهل يعقل أن النساء كن يسرن في الطرقات يظهرن مواطن الفتنة والغواية فيهن؟! لماذا لم يأمر الرسول تلك المرأة بالحشمة؟ وكيف تأثر الرسول وحده ولم يتأثر بقية الصحابة حوله؟ وهل يعقل أن يصف رسولنا المرأة بأنها تقبل بصورة شيطان لمجرد رؤيته امرأة حركت مشاعره؟ ما ذنبها؟ وكيف يعمم الحكم على جنس النساء؟ إضافة إلى أن هذا الحديث المسيء يناقض تماما طبيعة الرسول أخلاقياته وسلوكه، فما كان الرسول مولعاً بالنساء حتى قبل مبتعثه، بل الثابت أن الرسول كان عفيفاً لا تشغله هذه الأمور التي كانت تشغل بقية الشباب أبناء جيله.لو كان مولعاً بالنساء لما تزوج وهو شاب عمره 25 عاماً من تكبره 15عاماً، ويظل وفيا لها، يذكرها إلى انتقاله إلى جوار ربه! لو كان مولعاً بالنساء لما ظل ممتنعاً عن الزواج بأخرى، بعد أن فارقته خديجة وأصبح وحيداً، وما استجاب إلا عندما حثه من حوله، تدبيراً لشؤون بيته ورعاية لبناته، وعندما تزوج اختار امرأة مسنة، أرملة هي سودة بنت زمعة! هل هذا شأن المولع بالنساء؟شخصية مهمومة بشؤون المسلمين، وعنده من النساء من تملأ عينيه، وقد وصف بالخلق العظيم، فهل يستقيم وهذه الشخصية أن ننسب إليها ما لا ينسجم وطبيعتها؟ إذا أردت أن تعرف صحة نسبة حدث ما إلى شخصية عامة، فاسأل نفسك أولاً: هل هذا مما يستقيم والأخلاقيات المعروفة عن هذه الشخصية، ودعك من شراح الحديث ولو أفتاك وأفتوك، وما قلته آنفاً أقوله عن حديث آخر يصور رسولنا عليه الصلاة والسلام أنه أوتي قوة جنسية خارقة تمكنه من الطواف على نسائه في ساعة واحدة ليلاً ونهاراً. عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "كان النبي، صلى الله عليه وسلم، يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشرة، قلت لأنس: أوكان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين". أي أعطي قوة جنسية تعادل قوة ثلاثين رجلاً في الجماع! هذه رواية لا يمكن قبولها، لأن التسليم بها يعني أن الشغل الشاغل لرسولنا كان النساء والطواف عليهن، وهذا مناف تماما لطبيعة شخصية الرسول. من تشغله شؤون الدعوة وتأمين دولة الإسلام في مواجهة الأخطار المحيطة بالمدينة لن يجد وقتاً للطواف على نسائه.مقتضيات العقل والواقع والطبيعة البشرية تقول: إن من تشغله هذه الأمور المصيرية لن يكون همه النساء والطواف عليهن. هذه ترهات يتنزه عنها عليه الصلاة والسلام، هلا تساءل الذين أخذوا الحديث أخذ المسلمات: من أين لأنس أن الرسول أوتي قوة 30 رجلاً؟! يتبع،،،*كاتب قطري