طهران تطلب 10 مليارات دولار للعودة إلى مفاوضات فيينا
خامنئي لأذربيجان: من يحفر حفرة لأخيه سيقع بها أولاً
في أبرز مؤشر على انسداد مسار مفاوضات فيينا النووية، المتوقفة منذ أواخر يونيو الماضي، كشف وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، أن بلاده اشترطت أن تفرج الولايات المتحدة عن عشرة مليارات دولار من أموال طهران المجمدة كعلامة على حسن النية، قبل أن تعود إلى طاولة فيينا لمناقشة سبل العودة المتزامنة لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015.وقال عبداللهيان، في تصريحات، مساء أمس الأول، إن إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن استعانت بوسطاء في الأمم المتحدة، سبتمبر الماضي، في محاولة لإجراء اتصالات.وأضاف الوزير المنتمي للتيار المتشدد، أن «الأميركيين حاولوا الاتصال بنا عبر قنوات مختلفة خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في نيويورك، وأبلغت الوسطاء أنه إذا كانت نوايا أميركا جادة، فهناك حاجة إلى مؤشر جاد من خلال الإفراج عن 10 مليارات دولار على الأقل من الأموال المجمدة».
وتابع: «إنهم ليسوا مستعدين للإفراج عن 10 مليارات دولار تخص الشعب الإيراني حتى نستطيع أن نقول إن الأميركيين وضعوا في اعتبارهم مصالح الشعب الإيراني مرة واحدة خلال العقود العديدة الماضية». وجدد عبداللهيان تشبث بلاده برفض توسيع المباحثات، التي تشارك بها القوى الكبرى والولايات المتحدة، وإن بشكل غير مباشر، مؤكداً أنه على الأطراف الأخرى «ألا تفكر حتى بالمحادثات حول المنطقة والصواريخ». وتمثل تصريحات عبداللهان تعقيداً لجهود القوى الكبرى الرامية لإحياء الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب عام 2018.وجاء الاشتراط الإيراني بعد ساعات من تحذير قوى أوروبية من أن باب التفاوض لن يظل مفتوحاً أمام طهران «إلى ما لا نهاية» ومطالبة فرنسا بضرورة توسيع المباحثات لكي تشمل أنشطة طهران في المنطقة وتسلحها الصاروخي الباليستي.وفي حين تتلكأ طهران في العودة للتفاوض وتلعب على عامل الوقت للضغط على القوى الغربية التي تراقب بمزيد من القلق تسريعها وزيادتها لنسب تخصيب اليورانيوم، أكدت مصادر أن الولايات المتحدة وفرنسا تسعيان لإقناع الصين بالعمل على حض حليفتها إيران من أجل العودة سريعاً إلى طاولة المباحثات.إلى ذلك، واصلت القوات البرية الإيرانية إجراء مناورات على حدود جمهورية أذربيجان، لليوم الثالث على التوالي، أمس، بعد تلويح عسكري إيراني بالتوغل في إقليم متنازع عليه بين أذربيجان وأرمينيا واتهامها للأولى بنقل متمردين إيرانيين للمنطقة بمساعدة تركيا وفق ما أفاد به مصدر مطلع لـ«الجريدة». ووسط استمرار حالة التوتر بين باكو وطهران التي تتوجس من علاقة الأولى بإسرائيل وخطواتها العسكرية التي تهدد بقطع التواصل البري بين إيران وأرمينيا، قال المرشد الإيراني علي خامنئي، خلال مشاركته، عن بعد، بحفل تخرج لطلبة كلية عسكرية، إن قوات بلاده المسلحة بكل صنوفها تمثل «جدار صد وحصناً قوياً ضد التهديدات الداخلية والخارجية». وأضاف خامنئي، أن «أولئك الذين يتوهمون أن الاعتماد على الآخرين سيوفر لهم الأمن، سيتلقون صفعة قريباً»، مشيراً إلى أن «خير منطقتنا هو وجود دول وجيوش مستقلة تعتمد على الدول وتتكامل مع الجيران». وذكر خامنئي أن «من يحفر حفرة لأخيه سيقع بها أولاً»، مشدداً على أن «بلدنا وقواتنا المسلحة يعملان بعقلانية إلى جانب القوة والغلبة».في موازاة ذلك، عقدت لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني جلسة أمس لمناقشة «التوتر مع أذربيجيان».واعتبر البرلمان في بيان عقب الجلسة أن «أي تغييرات جيوسياسية في المنطقة هي خط أحمر لإيران ونرفض التغييرات في حدود الدول المجاورة». وفي وقت سابق، قال عضو اللجنة فدا حسين مالكي إنه «إذا أطلقت رصاصة باتجاه إيران، فسيكون رئيس أذربيجان إلهام علييف الضحية الأولى».كما أكد وزير الخارجية الإيراني أن بلاده لن نقبل بأي وجود إسرائيلي بالقرب من حدودها، لافتاً إلى أنه أبلغ أذربيجان بهذا الأمر. ورغم اتهام السلطات الإيرانية إسرائيل بشن ضربات واغتيالات، تستهدف تخريب البرنامج النووي، وكشف مصادر أن الهجمات والأدوات المساعدة يتم نقلها عبر أذربيجان، إلا أن أبعاد خلاف طهران وباكو متداخلة حيث تتخوف الأولى من تأثر العرقية الأذرية، التي تشكل ثاني كتلة سكانية بإيران، بما حققته الجمهورية العلمانية، التي تسكنها أغلبية شيعية، من انتصار عسكري على أرمينيا أخيراً فضلاً عن تضرر علاقاتها الاقتصادية الوثيقة بيريفان. وساهمت مناورة عسكرية مشتركة، أجريت في سبتمبر الماضي، بين القوات الأذربيجانية والتركية والباكستانية في إضافة أبعاد جديدة للتوتر بين طهران وباكو التي استعادت مناطق كانت تحتلها يريفان بمساعدة أسلحة تركية وإسرائيلية.في هذه الأثناء، كشف موقع ديبكا الإسرائيلي الاستخباري، أن أحد أسباب الخطوات الإيرانية التصعيدية يتعلق، بمشاريع ضخمة تباشرها شركات إسرائيل على الحدود بين إيران وأذربيجان، لبناء قرى ذكية ومطار إقليمي ضخم، بمناطق كانت حتى العام الماضي تحت سيطرة يريفان. وتنظر طهران إلى تلك المشاريع على أنها مثيرة للشبهات، وترى أنها قد تمثّل غطاء لرصد وتعقّب كل ما يدور على أراضيها.