عشية انطلاق مناورات عسكرية تركيا أذربيجانية مشتركة تستمر 3 أيام، في منطقة متاخمة لإيران، خففت السلطات الإيرانية حدة تصعيدها الكلامي ضد باكو التي نفت، أمس، المزاعم الإيرانية عن وجود نشاطات إسرائيلية معادية لطهران بالمنطقة الحدودية التي استعادتها أخيراً من أرمينيا.

وقال المتحدث باسم «الخارجية» الإيرانية، سعيد خطيب زادة، إن طهران أعربت لجارتها الشمالية عن قلقها من التصريحات والتحركات الإسرائيلية التي تنطلق من أذربيجان.

Ad

وأضاف: «أبلغنا باكو قلقنا ونحن باستطاعتنا الدفاع عن أمننا بصورة مناسبة، لكن نطلب منها العمل بالتزاماتها بهذا الشأن».

وتابع قائلا: «منذ بداية حرب كارباخ اطلعنا على تقارير حول وجود عناصر إرهابية في أذربيجان، وأبلغنا باكو، ونحن نتابع الأمر عبر القنوات الدبلوماسية».

وأكد زادة: «لا نحتاج إلى التصريحات الإعلامية المؤسفة فيما يتعلق بالخلاف مع أذربيجان، وأبلغنا باكو أننا نحترم وحدة الأراضي الأذربيجانية، كما أبلغناهم احتجاجنا حول احتجاز سائقي شاحنات إيرانية، ونتابع الأمر عبر الطرق الدبلوماسية». وأردف المتحث: «الواضح أن أذربيجان يجب ألا تسمح لحدودها بأن يسيء استعمالها طرف ثالث ضد إيران».

التفاف أرميني

من جانب آخر، أشار زادة، إلى بدء وزير الخارجية الأرميني أرارات ميرزويان زيارة لطهران أمس، قائلا إنه «سيناقش القضايا الثنائية وتطوير العلاقات في مختلف المجالات».

ونفى المتحدث أن تكون الزيارة الأرمينية على علاقة بالتوتر بين طهران وباكو التي لوّحت بإدخال أطراف إقليمية ودولية بعد إجراء إيران مناورات برية حدودية، وتلويحها بالتوغل في كاراباخ لمنع قطع التواصل بينها وبين أرمينيا. وقال زادة إن الزيارة القصيرة «كانت مخططة مسبقاً». ولفت إلى أن لطهران علاقات جيدة جداً مع كل من باكو ويريفان، متابعاً «علاقاتنا مع أي دولة لا تتعارض مع علاقاتنا بدولة ثانية».

وبالتزامن مع وصول وزير الخارجية الأرميني، للقاء نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان، وزيارة وفد هندسي إيراني لأرمينيا لبحث طريق بديل للتجارة من دون الحاجة للمرور بأذربيجان، سعى رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، لتطمين إيران بأن بلاده «لم ولن تكون جزءاً من أي مؤامرة ضدها». وقال باشينيان إن ياريفان «تثمن بشدة العلاقات الدافئة مع طهران، ولا تنسى المساعدات الإيرانية لها في أوائل التسعينيات خلال الحرب مع أذربيجان. وأشار إلى أن «الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وصل إلى سدة الحكم في أغسطس 2021 وكذلك أنا، وبعد انتهاء الانتخابات تقابلنا مرتين بالفعل، وهو ما يظهر تقدير الجانبين الكبير للعلاقات بين البلدين».

وتشهد العلاقات بين إيران وأذربيجان توترا في الأيام الأخيرة، بعد فرض حكومة باكو تعريفات مشددة على الشاحنات التي تنقل الوقود الإيراني إلى مدينة ستيبانكيرت عاصمة جمهورية كارباخ المعلنة من جانب واحد، والمدعومة من أرمينيا.

نفي أذربيجاني

في المقابل، نفت وزارة الخارجية في أذربيجان أي وجود إسرائيلي قرب حدود البلاد مع إيران. وقالت «الخارجية» هناك: «نحن لا نقبل الادعاءات حول وجود أي قوات ثالثة بالقرب من الحدود الأذربيجانية - الإيرانية»، في إشارة إلى إسرائيل التي خلا البيان من ذكرها.

ووصف البيان الاتهامات الإيرانية بأنها لا أساس من الصحة، مضيفا: «بشكل عام، لا يمكن حتى مناقشة وجود أي قوات في أراضي أذربيجان، بما في ذلك العناصر الإرهابية، والتي يمكن أن تشكل تهديدا لدولتنا أو الدول المجاورة». وأضاف البيان: «لسوء الحظ، خلال حرب 44 يوما، قدّمت بعض الأطراف مثل هذه المزاعم التي لا أساس لها من الصحة. لقد قلنا آنذاك، ونكرر الآن، أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة، ولم يتم تقديم أي دليل إلى الجانب الأذربيجاني حتى الآن».

قضية قبرص

إلى ذلك، سادت حالة من الغموض حول محاولة استهداف الملياردير الإسرائيلي، تيدي ساغي، في قبرص أمس. وذكر مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي نفتالي بينيت أن السلطات القبرصية أوقفت أشخاصاً تبين أن «طهران أرسلتهم لاغتيال رجال أعمال إسرائيليين يقيمون في نيقوسيا». وادعت تقارير عبرية أن محاولة اغتيال ساغي سعت إيران إلى تنفيذها، في حين تحدثت تقارير أخرى عن أن القضية كانت محاولة تصفية في إطار علاقات تجارية بين شركاء روس ورجل الأعمال الإسرائيلي. في المقابل، نفت السفارة الإيرانية في قبرص، مزاعم إسرائيل عن تدبير محاولة الاعتداء، مؤكدة أنها «لا أساس لها».

محادثات السعودية

في شأن منفصل، أكدت وزارة الخارجية الإيرانية، أمس، أن المحادثات مع السعودية، متواصلة على أفضل وجه، ولا توجد شروط مسبقة.

وقال المتحدث باسم الوزارة إن المفاوضات بين طهران والرياض مستمرة في بغداد، وشملت قضايا إقليمية.

جاء ذلك غداة تأكيد وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إجراء الرياض 4 جولات استكشافية ترمي لتخفيف التوتر وإعادة العلاقات مع طهران.

رفض نووي

إلى ذلك، رفضت برلين، أمس، طلب طهران أن تفرج واشنطن عن أصول إيرانية مجمدة كشرط لاستئناف المحادثات النووية التي تستضيفها فيينا، والمتوقفة منذ يونيو الماضي.

وفي وقت سابق، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إن بلاده «تسعى إلى عودة متبادلة لمتابعة الاتفاق النووي»، لكنه شدد على أنه «إذا طلبت إيران المزيد أو عرضت الأقل، فلن تنجح المحادثات».

وأعلنت «الخارجية» الأميركية أن «الولايات المتحدة لا تزال ملتزمة باستئناف المحادثات واختتامها السريع قبل إغلاق نافذة فرصة العودة إلى الاتفاق النووي».

وجاء رفض واشنطن وبرلين رداً على ما قاله وزير الخارجية الإيراني، بأنه طالب بالإفراج عن 10 مليارات دولار من الأموال المجمدة حول العالم كمبادرة حسن نية لاستئناف المفاوضات.

في السياق، أوضحت وزارة الخارجية الإيرانية أن استئناف المفاوضات لن يتأخر أكثر من 90 يوماً اعتبارا من تاريخ تولي الرئيس الإيراني الجديد منصبه، أي قبل مطلع نوفمبر المقبل.