لبنان: القاضي البيطار «يعود» ومخاوف من «تصعيد كبير»
«حزب الله» يتشدد ضد التحقيق في «انفجار المرفأ»
كان متوقعاً أن ترفض محكمة الاستئناف في لبنان دعاوى الردّ، التي قُدّمت لكف يد القاضي طارق البيطار عن استكمال مهامه في التحقيق بتفجير مرفأ بيروت، لكن ما لم يكن متوقعاً هو صدور القرار بهذه السرعة. سعت القوى السياسية إلى كسب الوقت قبل قرار المحكمة برفض الدعوى، ريثما يدخل مجلس النواب في حالة انعقاده العادية فيكتسب النواب الحصانة مجدداً. ولو نجحت هذه المناورة لكان الوزراء والنواب المدعى عليهم احتفظوا بحصاناتهم مجدداً، مما يمنع البيطار من تحديد مواعيد لاستجوابهم. أما بصدور القرار، فالمتوقع أن يشتد النزال القضائي بخلفيات سياسية.وتشير مصادر قضائية إلى أن البيطار، الذي سيعاود العمل على التحقيقات فور تبليغه بقرار المحكمة، يصر على تحديد سريع لمواعيد الاستجواب هذا الأسبوع، للاستفادة من الفترة الفاصلة قبل انعقاد الدورة العادية للمجلس النيابي.
وتؤكد هذه المصادر أن قرار محكمة التمييز مبرم وغير قابل للاستئناف، مما يعني أن البيطار سيبقى بموقعه، وأن محاولات إبعاده عن الملف بذريعة «الارتياب المشروع»، كما حصل مع القاضي السابق فادي صوان، فشلت حتى الآن. وكان لافتاً قبل أيام موقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي قال إن لبنان لا يحتمل مسألة إبعاد قاضٍ عن التحقيق للمرّة ثانية، لاسيما أن أي خطوة من هذا النوع كانت ستؤدي إلى حصول تحركات واحتجاجات شعبية من قبل أهالي ضحايا الانفجار، كما أنها كانت ستقدم صورة سلبية جداً للمجتمع الدولي، في ظل تنامي نشاط قوى لبنانية في الخارج تسعى إلى تشكيل رأي عام ضاغط في سبيل فرض تحقيق دولي في الانفجار، الذي دمر ميناء بيروت، والذي يعد ثاني أكبر انفجار غير نووي في العالم.إلا أن ذلك لا يعني أنه يمكن الارتكاز إلى الاطمئنان، فالكثير من العقبات لا تزال حاضرة وتعترض طريق المحقق العدلي، بينها أن «حزب الله» زاد استنفاره في مواجهة البيطار، بعد الموقف الداعم له من الكونغرس الأميركي، الذي اتهم الحزب بالضغط على القضاء لإضاعة التحقيق وتمييعه وعدم كشف الحقيقة. وقد يمهد هذا الأمر مستقبلاً لموقف أكثر تشدداً من «حزب الله» يتهم التحقيق بأنه مسيس وبأن الولايات المتحدة تتدخل في مساره. في الوقت نفسه، تطالب جهات عديدة في لبنان بتوفير أقصى درجات الحماية للبيطار وعائلته، خوفاً من تعرضه لأي أذى، خصوصاً أنه يصر على استكمال التحقيقات حتى النهاية.وبينما كانت محكمة التمييز ترفض دعوى الردّ، كان الوزير السابق يوسف فينانوس، وهو أحد الوزراء المدعى عليهم، يحضر دعوى قضائية جديدة بحق القاضي البيطار تتهمه بالتزوير، بذريعة أن القاضي أصدر قرارات تخص التحقيق بعد تبلغه دعوى الردّ، في حين لم يكن من واجبه سوى التوقف عن إصدار القرارات.وستتفاعل قضية التحقيقات بتفجير المرفأ أكثر فأكثر في الأيام المقبلة، وهي وصلت إلى مشارف حدود الخطر أو حدود التصعيد الكبير، الذي سيكون له تبعات قضائية وسياسية داخلية وخارجية. في الأثناء، تشير مصادر متابعة إلى البحث عن مخارج سياسية يتم من خلالها تجنّب «الصدام الكبير».