«المجاهدين» الجزائرية تحضّ على مراجعة العلاقات مع فرنسا
في وقت تقوم أزمة دبلوماسية بين البلدين شهدت استدعاء الجزائر سفيرها في باريس ومنع تحليق الطائرات العسكرية الفرنسية في أجوائها، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى "تهدئة"، بينما حضّت "المنظمة الوطنية للمجاهدين"، الهيئة الرسمية الواسعة النفوذ في الجزائر، إلى "مراجعة العلاقات" بين البلدين.واكدت المنظمة التي تجمع قُدامى المقاتلين في حرب تحرير الجزائر، أنه "آن الأوان لمراجعة العلاقات القائمة بين الدولتين الجزائرية والفرنسية"، معتبرة في بيان أنّ "إجراء هذه المراجعة يمثّل أولوية ومسؤولية وطنية، وأنّه بات ضرورياً التفكير جدّياً في إخضاع العلاقات الثنائية لتقييم يطول مختلف جوانبها".وغالباً ما تطالب المنظمة فرنسا بـ "الاعتذار" عن "الجرائم" التي ارتكبتها خلال استعمارها الجزائر على مدى 132 سنة، والتي راح ضحيّتها، وفقاً للرئاسة الجزائرية، أكثر من 5 ملايين جزائري.
من ناحيته، قال نائب رئيس البرلمان الجزائري يوسف عجيسة، أمس، إنه تم إطلاق مبادرة لسن قانون "تجريم الاستعمار الفرنسي".وفي المقابل، اعلن ماكرون في مقابلة مع إذاعة فرانس إنتر الوطنية العامة: "أتمنى حصول تهدئة، لأنني أظن أنه من الأفضل التحاور والمضي قدماً"، داعياً إلى "الاعتراف بالذاكرات كلها والسماح لها بالتعايش".وتابع: "أكنّ احتراما كبيرا للشعب الجزائري وأقيم علاقات ودية فعلا مع الرئيس تبون"، عازيا التوترات الحالية إلى الجهود المبذولة في فرنسا حول عمل الذاكرة بشأن حرب الجزائر.وأثار ماكرون غضب الجزائر بعد كلام نقلته عنه صحيفة لوموند، قال فيه إن "الجزائر أنشأت بعد استقلالها عام 1962 ريعا للذاكرة، كرّسه النظام السياسي العسكري فيها". وباشر ماكرون، أول رئيس فرنسي مولود بعد حرب الجزائر (1954-1962)، عملا على الذاكرة غير مسبوق حول هذه الحرب التي لا تزال ذكرى أليمة في نفوس ملايين الفرنسيين والجزائريين، واتخذ في الأشهر الأخيرة سلسلة من "الإجراءات الرمزية" في هذا السياق.ومع اقتراب الذكرى الـ60 لانتهاء الحرب واستقلال الجزائر عام 2022، جعلت باريس والجزائر من "مصالحة الذاكرة" هذه ملفا يحظى بأولوية، وتعهد الرئيسان ماكرون وتبون العمل معاً على هذا الملف.وكلف ماكرون المؤرّخ بنجامين ستورا وضع تقرير حول ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر سلّمه في 20 يناير.ويرى الرئيس الفرنسي أنه يقوم بـ "عمل معمق مع الشباب الفرنسيين والفرنسيين الجزائريين. وبالتالي، نقول لبعضنا أمورا ليست مُرضية لنا أنفسنا. لم أراعِ (الفرنسيين) فيما يتعلق بتاريخنا الخاص. وقبل بضع سنوات، أثار الأمر بعض البلبلة وبعض ردود الفعل. كنت صريحا إلى أقصى حد بشأن تاريخنا حول مسألة الحركيين، لكنني سأواصل هذا العمل".وتابع: "حين طرح علي السؤال حول كيفية تلقي تقرير ستورا في الجزائر، اضطررت إلى قول الحقيقة للرئيس تبون، تباحثنا في المسألة، وهو شخص أثق به. أدلى بكلام ودي ومتناسب"، لافتاً إلى أنه في الجزائر "قام كثيرون بالإساءة إلى ستورا وتهديده أحيانا إثر هذا التقرير. لن نتظاهر بأن ذلك لم يكن أمرا يذكر".لكنّه اعتبر أن مسألة العمل على الذاكرة "ليست مشكلة دبلوماسية، بل هي في الأساس مشكلة فرنسية - فرنسية"، مؤكدا "علينا مواصلة هذا العمل بكثير من التواضع وكثير من الاحترام".