ذكريات عن «حل الدولتين»
![جيمس زغبي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/222_1682522396.jpg)
وكان أكثر ما يثير القلق أن مفاوضيه تجاهلوا مناشداتنا لحمل مشكلة العراقيل التي يفرضها الإسرائيليون على رخاء وحرية الفلسطينيين محمل الجد بل نظروا إلى عملنا باعتباره إزعاجاً وتشتيتاً للانتباه عن «مفاوضات السلام المهمة» التي قاموا بها، وحذرت الرئيس كلينتون بأنه إذا استمر تجاهل حقوق الفلسطينيين، فسيفقد الفلسطينيون الثقة فينا وفي العملية وسيفقدون الأمل في التحرر من الاحتلال.وحين شعر الرئيس كلينتون بالقلق مما ذكرته، طلب مني مذكرة مفصلة، لكن شيئاً لم يحدث لتصحيح هذا التوجه المتدهور الذي استمر حتى الآن، وحدث تطوران في الآونة الحديثة دفعاني إلى تذكر هذا: الأول، هو مناقشة حدثت في إسرائيل بعد الاجتماع بين وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وخطة رئيس الوزراء نفتالي بينت من أجل «تقليص الصراع» بتقديم مسكنات لتحسين الحياة للفلسطينيين الخاضعين للاحتلال وإحلال معادلة «المنافع الاقتصادية مقابل الأمن» محل صيغة أوسلو الخاصة بمعادلة «الأرض مقابل السلام». وبدلاً من إنهاء الاحتلال، يطرح مقترح «بينت» و«غانتس» المشترك تصوراً عن تيسير سبل الحياة للفلسطينيين، وهي حيلة تستهدف بها إسرائيل توطيد سيطرتها داخل الأراضي التي احتلتها عام 1967. والتطور الثاني هو مشروع «قانون حل الدولتين» تقدم به بعض الأعضاء التقدميين في الكونغرس يطالبون فيه الولايات المتحدة بأن تعلق المساعدات لإسرائيل على التوقف عن توسعة المستوطنات وانتهاكات حقوق الإنسان الفلسطيني، والبادرة حسنة النوايا لكنها جاءت متأخرة للغاية.فمشروع القانون يتجاهل الواقع الناتج عن عقود من الإهمال الأميركي، والقانون ربما يجعل رعاته يشعرون بالراحة باتخاذهم موقفاً على أساس مبدأ تجاه حقوق الإنسان وأنا أحيي شجاعتهم، لكن الحقيقة الحزينة هي أن حل قيام الدولتين لم يعد ممكناً، في ظل الاستيطان الإسرائيلي، وبعد 25 عاماً من مذكرتي التي قدمتها للرئيس كلينتون، مازالت حقوق الفلسطينيين يتم تجاهلها، والرؤساء وأعضاء الكونغرس المتعاقبون في الولايات المتحدة اقترحوا تحسين حياة الفلسطينيين لكن في الواقع لم يتحقق ذلك، وبعض أعضاء الكونغرس يعتقدون أنهم يقومون بما هو صواب الآن باقتراح مشروع قانون- لن يجري إقراره أبداً- لإنقاذ حل الدولتين الذي لا يمكن إنقاذه.* رئيس المعهد العربي الأميركي في واشنطن