وثيقة لها تاريخ: بريطانيا تكلف «هايفلاير» بالتحرك للبحث والقبض على القراصنة بالتعاون مع الشيخ مبارك والشيخ خزعل
لم ننته من التقرير الإنكليزي، الذي أشرنا إليه في المقال السابق، والذي طلب موافقة الحكومة البريطانية على اتخاذ إجراءات حازمة من الحكومة الإيرانية، بخصوص التعاون للعثور على قراصنة سفينة النوخذة علي بن حمد الفضالة. واستعرضنا بعض فقرات هذا التقرير، حيث أشرنا إلى أنه أوصى بالاستعداد للدخول إلى المياه الإقليمية الإيرانية، وإنزال قوات مسلحة في حال عدم اتخاذ الحكومة الإيرانية أية إجراءات فعالة.كما أوصى التقرير بعدم السماح للشيخ مبارك بتخصيص سفينة مسلحة للبحث عن المجرمين القراصنة ومعاقبتهم لأسباب سياسية توضحها الفقرة التالية من التقرير: "نعتبر رغبة (الشيخ مبارك) لا تخدم مصالحنا ومصالح الكويت، لأنه، في حال موافقتنا ومساعدتنا، إن قام بتجهيز سفينة للبحث في الخليج فإن الأتراك قد ينظرون إلى هذا الأمر على أنه استقلال متنامٍ، مما يدفعهم إلى الشكوى ومحاولة تغيير الوضع الراهن".وأضاف التقرير "مرة أخرى الحكومة الفارسية قد تنظر إلى الأمر على أنه أمر معاد، خصوصاً أن الشيخ مبارك قدم مساعدة منذ فترة قريبة إلى شيخ المحمرة". وخلص التقرير إلى أن "مراقبة الخليج الفارسي من قبل الشيخ مبارك ترقى إلى مخالفة لالتزامنا (نحو أمن الكويت)، ولذلك لا يمكن السماح بذلك"، مؤكداً أن نجاح بريطانيا في العثور على القراصنة ومعاقبتهم سيكون له أثر بالغ في تعزيز الأمن في مياه الخليج، وسيثبت للكويتيين وشيخهم التزام بريطانيا باتفاقية الحماية الموقعة بينها وبين الكويت.
بعد ذلك صدرت أوامر واضحة من الحكومة البريطانية بتحريك سفينة حربية اسمها "هايفلاير"، للتوجه إلى المنطقة التي يشتبه في أن القراصنة لجأوا إليها، وأعطت الأوامر الحرية لقائد السفينة بإنزال قوات في تلك المنطقة أو منطقة أخرى قريبة منها، بهدف البحث عن المجرمين القتلة ومحاكمتهم واسترداد الأموال والممتلكات المنهوبة. أيضاً قام الوكيل السياسي البريطاني في الكويت بلقاء الشيخ مبارك، وطلب منه تزويده برجال كويتيين للتعرف على المجرمين خلال عمليات البحث، كما التقى المقيم البريطاني في بوشهر بأمير بني كعب في عربستان الشيخ خزعل، وطلب منه المساعدة في البحث، وأبدى الشيخ خزعل كل تعاون، وقدم كل ما يستطيع أن يقدمه من أجل القبض على القراصنة. وللأسف لم أعثر على وثائق أخرى توثق ما حصل بعد ذلك، ولعل البحث في المستقبل يوصلني إلى نهاية القصة التاريخية التي كان ضحيتها حياة 29 كويتياً على ظهر سفينة النوخذة علي بن حمد بن فضالة عام 1907.
خاتمة التقرير البريطاني بخصوص حادث قرصنة سفينة النوخذة علي بن حمد الفضالة