بعد أيام من الصمت الرسمي، وردود الفعل السياسية والشعبية الرافضة، رد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو على تصريحات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الأخيرة والمثيرة للجدل حول الجزائر والتي تطرق فيها الى الامبراطوية العثمانية.

واثار ماكرون الكثير من ردود الفعل بعدما تساءل إذا ما كانت هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي، معتبراً أن تركيا كانت مستعمرة للجزائر خلال فترة الحكم العثماني بين عامي 1514 و1830.

Ad

وقال في هذا السياق: «أنا مفتون برؤية قدرة تركيا على جعل الناس ينسون تماماً الدور الذي أدّته في الجزائر، والهيمنة التي مارستها، ولتوضيح أننا المستعمرون الوحيدون، هذا رائع. الجزائريون يؤمنون بذلك».

ورد جاويش أوغلو على كلام الرئيس الفرنسي، مشددا على أنه «من الخطأ جدا إقحام تركيا في هذه النقاشات، فتاريخها خالٍ من أي وصمة عار مثل الاستعمار».

وخلال مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيره الأوكراني دميترو كوليبا، بمدينة لفيف الأوكرانية، توجه الى الرئيس الفرنسي بطريقة غير مباشرة بالقول: «إذا كان لديه كلام يخصنا فنحن نفضل أن تقوله لنا مباشرة بدل الحديث من خلفنا».

وأشار جاويش أوغلو إلى أن فرنسا تدخل «الأجواء الانتخابية وماكرون يستخدم هذه الطريقة بسبب الانتخابات».

وأضاف: لكننا في فرنسا ودول أخرى رأينا أن مثل هذه الأساليب الرخيصة لا تساعد في الانتخابات أيضا لذلك بدلاً من مثل هذه الأساليب الشعبوية، سيكون من الأفضل له أن يتخذ خطوات لكسب ثقة شعبه.

«العدالة والتنمية»

وكان المتحدث باسم حزب «العدالة والتنمية» التركي الحاكم عمر تشليك، قال أمس الأول، إن ماكرون يهاجم تركيا، «للتهرب من مواجهة إرث بلاده الاستعماري»، مضيفاً: «إذا كنتم ستدلون بتصريح بشأن دولة معينة، لماذا تزجون باسم تركيا وفخامة رئيسنا والدولة العثمانية بهذا الأمر».

لعمامرة

من ناحيته، قال وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، إن تركيا لاعب دولي مهم جدا ونرتبط معها بـ«علاقات تاريخية عميقة»، واصفاً تصريحات ماكرون، بـ«الخطأ الجسيم».

وعلى هامش الاجتماع الوزاري الثالث بين إيطاليا وإفريقيا في روما، أضاف لعمامرة، في تصريح لـ «الأناضول»، أن الجزائر وتركيا تمتلكان علاقات تاريخية عميقة وروابط معنوية قوية، وتسعيان إلى تعزيز علاقاتهما المشتركة، مؤكداً أن تركيا ساهمت بشكل مهم في عملية التنمية بالجزائر خلال السنوات الأخيرة، وأن بلاده تتطلع إلى المزيد من علاقات الشراكة والاستثمارات التركية خلال الأيام القادمة.

وأردف أن بلاده تدعم إقامة علاقات شراكة نوعية مع تركيا، بحيث تشمل المجالات كافة، معرباً عن تفاؤله بهذا الصدد.

وحول الدور التركي في ليبيا، قال إن «تركيا بلا شك لاعب مهم جداً، ولديها علاقات قوية مع ليبيا، ونأمل أن تقوم كل الأطراف بمساعدة الليبيين على صياغة مستقبل مشترك دون التدخل في شؤونهم الداخلية».

محور باريس ـــ اثينا

إلى ذلك، شدد كيرياكوس ميتسوتاكيس رئيس وزراء اليونان، أمس، على أن الاتفاق الدفاعي الجديد بين اليونان وفرنسا سيسمح لكل من البلدين، بأن يهب لدعم الآخر في حالة تعرضه لخطر خارجي.

والشهر الماضي وقع البلدان العضوان في حلف «الناتو» اتفاقاً للتعاون العسكري والدفاعي الإستراتيجي يشمل طلب شراء ثلاث فرقاطات فرنسية قيمتها نحو ثلاثة مليارات يورو، وسبق أن طلبت أثينا نحو 24 طائرة مقاتلة من طراز رافال في العام الحالي.

وقال ميتسوتاكيس للنواب اليونانيين قبل تصويت برلماني على الاتفاق «للمرة الأولى يقول نص صراحة إنه ستكون هناك مساعدة عسكرية في حالة اعتداء طرف ثالث على أي من البلدين»، مضيفاً «وكلنا نعلم من يهدد من بالحرب في البحر المتوسط» في إشارة واضحة إلى تركيا.

وهناك خلافات بين اليونان وتركيا على الرصيف القاري لكل منهما والحدود البحرية في مياه البحر المتوسط.

قبرص تشكو

وأمس، تحدث الناطق باسم وزارة الخارجية القبرصية ديميتريس صامويل عن «عودة الاستفزازات التركية في البحر المتوسط»، وقال في مقابلة مع قناة «العربية»: «تركيا تتدخل وتعترض عمل مشروع شرق المتوسط المتصل بالتنقيب عن الغاز واستخراجه وترفض الحل الاتحادي لقضية شمال قبرص وتعرض حل الدولتين الذي يتعارض مع القرارات الأممية».

كما اعتبر الناطق باسم الخارجية القبرصية أن «أنقرة تتمسك بطروحات عثمانية... وتتسبب بمشكلات في المنطقة».

وأعلنت وزارة الخارجية التركية انتهاء جولة المحادثات التشاورية رقم 63 بين تركيا واليونان التي عقدت في أنقرة وبحثت في مشاكلهما المتصلة بالبحر المتوسط.