من بين كل الملفات الإقليمية المتشابكة، التي تشغل السياسة الإيرانية، لم يفوّت وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان فرصة زيارة لبنان، ضمن جولة يقوم بها على عدد من العواصم.

وبحسب المعلومات، فإن الزيارة كانت ستجرى قبل نحو عشرة أيام، لكنها أُجلت لضرورات أخرى لها علاقة بملفات الإقليم، لاسيما في أفغانستان وأذربيجان، حيث يتصاعد منسوب التوتر على الحدود الإيرانية الشمالية، وسط اتهامات من طهران لإسرائيل بمحاولة زعزعة الاستقرار على الحدود الإيرانية.

Ad

وثمة قناعة لدى إيران بأن ما يجري هو ملاعبة لها دولياً على أرضها وعلى حدودها، مما سيؤدي إلى إرباكها، ولذلك تقول إنها تريد تبريد النزاع في أذربيجان وتشكيل حكومة تضم مختلف القوى في أفغانستان.

لبنانياً، يريد عبداللهيان تأكيد أن إيران حاضرة بقوة في الملف اللبناني، وأن زيارته لبيروت، آتياً من روسيا، وتوجهه بعد ذلك إلى دمشق، هما تثبيت إيراني لمعادلة هذا المحور وارتباطه ببعضه.

وغالباً ما تحرص إيران على أن تكون حاضرة بشكل رسمي في لبنان، من خلال ملفات متعددة، أولها الزيارات الرسمية، لاسيما تلك التي يجريها وزير خارجيتها للبنان مباشرة بعد تشكيل حكومة جديدة، وهو ما تحوّل إلى عرف، لأن الزيارة يكون لها طابع تأكيدي لحضور إيران في المعادلة وتأثيرها على عملية تشكيل الحكومة.

ولا يمكن إغفال الكثير من الملفات، التي بحثها عبداللهيان مع المسؤولين اللبنانيين، والتي تركزت، وفق ما تشير مصادر رسمية، على البحث في ضرورة استعادة العلاقات اللبنانية - السورية والتطبيع مع دمشق، والمفاوضات حول ملف ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، الذي تصر طهران على أن تكون حاضرة فيه.

وناقش عبداللهيان أيضاً مع المسؤولين اللبنانيين ومع قيادة «حزب الله»، ملف توريد النفط الإيراني إلى الحزب، مبدياً الاستعداد لتوريده إلى الدولة اللبنانية بشكل رسمي، إذا طلبت ذلك. وقد غلّف هذا الموقف بالقول: «نحن جاهزون لدعم لبنان والوقوف إلى جانبه إذا أراد ذلك، ولابد من الوقوف معاً لمواجهة الحصار الأميركي».

كما قدم عبداللهيان عروضاً طموحة لبناء محطتي وقود، والمشاركة في إعادة إعمار مرفأ بيروت.

وتأتي هذه الزيارة في ظل ضغط من «حزب الله» على حكومة الرئيس نجيب ميقاتي حول ضرورة إعادة تطبيع العلاقات مع دمشق. وفي الجلسة الأخيرة للحكومة، تم بحث هذا الأمر، بعد أن طلب وزيرا الصناعة والزراعة التنسيق مع دمشق للتعامل مع الصعوبات، التي تعترض الصناعة والزراعة اللبنانية وآلية تصديرها، فوافق رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على تكليفهما بذلك، في تطور بارز بالموقف الرسمي اللبناني.

يأتي ذلك في ظل استمرار التنسيق اللبناني - الأردني - المصري - السوري لإيصال الغاز المصري والكهرباء الأردنية إلى لبنان عبر الأراضي السورية. هذه المفاوضات لن تدفع إيران للتراجع أبداً في لبنان، بل ستزيد من نسبة تدخلها وستحاول توظيف الانفتاح على سورية لمصلحتها.

● بيروت - منير الربيع