توفي أبوالحسن بني صدر أول رئيس للجمهورية في إيران بعد انتصار الثورة الإسلامية، عن عمر يناهز 88 عاماً في فرنسا حيث أقام منذ عقود في أعقاب تنحيته.

وانتخب بني صدر الذي عرف بتدينه الليبرالي وملابسه الغربية الطابع، رغم أنه يعد ضمن الحلقة القريبة من مؤسس الثورة الايرانية روح الله الخميني، رئيسا للجمهورية الإسلامية في يناير 1980، العام الذي تلا انتصار الثورة على نظام الشاه.

Ad

وفي غضون أشهر من انتخابه دخل بني صدر في صراع على السلطة مع الفصائل الدينية المتطرفة التي حاول الحد من سلطاتها من خلال إسناد المواقع الرئيسية لأشخاص ذوي عقلية ليبرالية.

واستخدم فوزه في الانتخابات وشعبيته بفضل صلاته الوثيقة مع الخميني في إضعاف الثقة في خصومه بالحزب الجمهوري الإسلامي الذي كان مجموعة جيدة التنظيم يقودها رجال دين متشددون. وأدى أيضا تعهد الخميني الذي لم يتم الوفاء به أبدا بضرورة عدم تولي رجال الدين مناصب عليا وأن يكرسوا وقتهم بدلا من ذلك لتقديم التوجيه والمشورة للحكومة إلى تشجيع بني صدر في محاولاته لتشكيل حكومة غير دينية. وعلى الرغم من تمتعه بدعم رجال الدين المعتدلين شن بني صدر حملة عامة ضد الحزب الجمهوري الإسلامي وتنقل في جميع أنحاء البلاد وألقى كلمات اتهم فيها زعماءه بمحاولة استعادة أيام الماضي السوداء من خلال الأكاذيب والخداع والسجن والتعذيب.

ووصل الصراع على السلطة إلى نقطة حاسمة في مارس عام 1981 عندما أمر بني صدر قوات الأمن باعتقال المتشددين الدينيين الذين حاولوا تعطيل كلمة كان يلقيها في جامعة طهران.

وأدى ذلك إلى دعوات لإقالته ومحاكمته لأن معظم المشاركين في التجمع كانوا من أنصار «مجاهدي خلق» المعارضين الذين ندد بهم الخميني بوصفهم أعداء للثورة.

وحاول الخميني حينئذ البقاء بمنأى عن المشاحنات التي تصاعدت إلى تناحر مرير، وحظر الخطب السياسية وشكل لجنة لتسوية النزاعات.

واتهمت اللجنة بني صدر بانتهاك الدستور وعصيان أوامر الخميني برفضه التوقيع على التشريع.

وقام البرلمان بمساءلة وعزل بني صدر في يونيو 1981 بموافقة الخميني، وهو ما اضطره إلى الاختباء بمساعدة «المجاهدين».

وبعدها بشهر فر إلى باريس حيث قام بتشكيل تحالف غير محكم مع «مجاهدي خلق» بهدف الإطاحة بالخميني. لكن هذا التحالف انهار في مايو 1984 بسبب تضارب الأفكار بين زعيم الحركة وقتئذ مسعود رجوي وبني صدر.

وفي مقابلة مع «رويترز» في 2019 قال بني صدر إن روح الله الخميني خان مبادئ الثورة بعدما وصل إلى السلطة في 1979، تاركا شعورا بالمرارة الشديدة لدى بعض من عادوا معه منتصرين إلى طهران.

وقالت أسرته في إعلان الوفاة على موقعه على الإنترنت إن بني صدر «دافع عن الحرية في وجه الاستبداد والقمع الجديد باسم الدين».

ولقيت وفاته ردود فعل متفاوتة في طهران. ففي حين أوردت وسائل الإعلام الرسمية النبأ، وجهت وسائل محافظة انتقادات للرئيس الراحل الذي اتهمته بالعمل «ضد» مصلحة الجمهورية الإسلامية.