قال تقرير "الشال" الاقتصادي الأسبوعي، "إننا لا نستطيع الجزم بأن ما نشر حول موضوعات الحوار الوطني هي الموضوعات الصحيحة، لكننا نفترض أنها قريبة من الصحة لأنها تكررت من قبل أكثر من طرف، ولعدم صدور تصحيح أو نفي لها".

وأضاف التقرير، "وفي حدود اجتهادنا، هناك أربعة موضوعات لكل من طرفي الحوار، وتمثل مطالب كل منهما على الآخر، ونقصد بطرفي الحوار، النواب الممثلون للأغلبية النيابية طرف، والحكومة ومن يدعمها طرف.

Ad

في التفاصيل: مطالب الطرف الأول، أو النيابي، هي العفو عن السياسيين في المنفى إضافة إلى مدونين آخرين، وتعديل قانون الانتخابات، وتعديل القوانين المقيدة لحرية الرأي، وتعديل وزاري جوهري ربما يشمل عدد أكبر من نواب الأغلبية.

ومطالب الطرف الحكومي، هي العودة والقبول بانعقاد لجلسات منتظمة لمجلس الأمة وفق تشكيل الأمر الواقع، وإقرار قانون الدين العام، والتوافق على السحب المنظم من احتياطي الأجيال القادمة، والقبول بتحصين رئيس مجلس الوزراء من الاستجوابات حتى انتهاء دور الانعقاد الحالي.

من حيث المبدأ، الحوار في مثل وضع البلد الحالي المأزوم بشكل غير مسبوق، أمر مطلوب، لكن إضفاء صفة الوطني على الحوار الحالي، إن صدقت موضوعاته، أمر غير صحيح، فالمطروح لا يعدو كونه مشروع تسوية سياسية للانتقال من حالة الشلل والسكون التام، إلى الحركة، ولو على كرسي متحرك.

أزمة الوطن الحقيقية هي في حريق سيولته، وعجز اقتصاده عن خلق فرص عمل مستدامة لمواطنيه، وتحول للقلق عن عجز التمويل للاحتياجات الضرورية إلى أمر يومي لارتباطه بحركة أسعار وإنتاج النفط، بما يعكس مستوى الإدمان عليه، وهو أمر محزن.

وما قد ينتج من الحوار بصيغته التي نفهمها، إن نجح، هو مجرد تسوية سياسية مؤقتة وهشة، بعدها هناك واحد من احتمالين، الأول إيجابي، ولن يتحقق دون تعديل جوهري في تركيبة مجلس الوزراء، وضرورة أن يتبعه تقديم برنامج جاد وملزم للإصلاح المالي والإصلاح الاقتصادي.

الثاني سلبي، وهو أن يبقى تشكيل المحاصصة الحكومي هو السائد، وأن يستخدم التسامح مع تمرير قانون الدين العام والسحب من احتياطي الأجيال القادمة لشراء مزيد من الوقت للنهج السياسي والمالي القديم والقائم، أو تكرار السيناريو اللاحق للاقتراض الحكومي في عام 2017، وبدء لحاق احتياطي الأجيال القادمة بمصير الاحتياطي العام.

ونظل نعتقد أن حظوظ النجاح لمشروع التسوية السياسية الحالي، ومشروع الإصلاح الوطني بمفهومه الشامل، كان من الممكن أن تصبح أفضل بكثير لو سبق تغيير الإدارة، ونقصد، لو تم استغلال فترة الأشهر الثلاثة لإنجاز تغيير جوهري للحكومة، وتقديم مشروعها الإصلاحي الشامل، ولكنها فرصة وضاعت كما هي العادة.

وفي ظل واقع البلد المأزوم، لا نملك سوى التمسك بأي أمل، فمن في الميزان هذه المرة هو مستقبل ومصير بلد ربما يعيش فرصته الأخيرة للإصلاح وليس انتصار أو هزيمة هذا الطرف أو ذاك.