بعد أسبوع من التوتر والضغط العسكري والسياسي على الجزيرة ذات الحكم الديموقراطي، تعهد الرئيس الصيني شي جينبينغ، أمس، بـ«إعادة توحيد» حتمية مع تايوان بوسائل «سلمية»، وهو ما أثار قلقاً دولياً.

وخلال حديثه، في قاعة الشعب الكبرى، شدد شي على أن شعبه لديه «عادة مجيدة» بمعارضة النزعة الانفصالية، معتبراً أن «انفصالية استقلال تايوان هي أكبر عقبة أمام تحقيق إعادة توحيد الوطن الأم، وأكبر خطر خفي على تجديد شباب الصين».

Ad

وعلى وقع عدد قياسي من الطلعات الجوية العسكرية، تخللها 150 عملية توغل في منطقة الدفاع الجوي التايوانية منذ أول أكتوبر الجاري، قال في الذكرى السنوية للثورة، التي أطاحت بآخر سلالة إمبراطورية في 1911: «إعادة التوحيد بشكل سلمي تُحقق على أكمل وجه مصالح الشعب التايواني بشكل عام، لكن الصين ستحمي سيادتها ووحدتها»، مضيفاً: «يجب ألا يستخف أحد بالعزيمة الصلبة للشعب الصيني وإرادته الراسخة وقدرته القوية على الدفاع عن السيادة الوطنية ووحدة أراضيه. يجب تحقيق الواجب التاريخي بإعادة التوحيد الكامل للوطن الأم، وسيتحقق بالتأكيد».

وفي إشارة إلى رغبة تايوان في الاستقلال، قال شي إن «أولئك الذين ينسون تراثهم ويخونون وطنهم الأم، ويسعون إلى تقسيم البلاد، لن يصلوا إلى نهاية جيدة». ودون ذكر الولايات المتحدة، الملتزمة بالدفاع عن الجزيرة واعترفت الجمعة بأنها تدرب جيشها سرا منذ أشهر، حذر شي من التدخل الأجنبي، مبيناً أن «قضية تايوان مسألة داخلية خالصة بالنسبة للصين».

واستخدم شي الخطاب لتأكيد الحاجة إلى «قوة شديدة لقيادة الصين هي الحزب الشيوعي»، موضحاً أنه «من دونه لن تكون هناك صين جديدة، وبالتالي لن يكون هناك تجديد لشباب شعبها».

ولم يلق خطاب شي قبولاً في تايوان، التي اعتبر مكتبها الرئاسي أنها دولة مستقلة ذات سيادة، وليست جزءاً من الصين، ورفض بوضوح عرضها لنموذج «دولة واحدة ونظامان» لحكم الجزيرة. وقال: «مستقبل الأمة بيد شعب تايوان».

وفي بيان منفصل، دعا مجلس شؤون البر الرئيسي في تايوان بكين إلى التخلي عن «خطواتها الاستفزازية من التدخل والمضايقة والتخريب» والعودة إلى المحادثات.

وعلى غرار الصين، التي أحيت ذكرى الثورة باستدعاء أحاديث الزعيم الجمهوري سون يات سين عن الوطنية وإعادة تجديد شباب الأمة والحكم الرشيد، تحتفل تايوان بالعاشر من أكتوبر، الموافق لبدء الثورة المناهضة للإمبراطورية الصينية، باعتباره عيداً وطنياً لها، وستلقي الرئيسة ساي إينغ وين خطاباً رئيسياً في تايبه اليوم.

ووسط قلق دولي من التصعيد السياسي والعسكري، حذرت صحيفة «التايمز» البريطانية من أن قوة الصين العسكرية المتنامية قد تغريها بغزو تايوان، مشيرة إلى أن التعرض للغواصة النووية الأميركية في بحر الجنوب الأسبوع الماضي، يذكّر بأن الحوادث العسكرية قد تؤدي إلى إشعال حرب.

وفي إقرار ضمني، لم تنف وزارة الدفاع الأميركية نقل صحيفة «وول ستريت جورنال» الأسبوع الماضي عن مصادر رسمية أن «عسكريين أميركيين دربوا الجيش التايواني سرا، لمدة عام على الأقل، من أجل تعزيز دفاعات الجزيرة ضد أي غزو صيني محتمل»، موضحة أن 20 عسكريا من القوات الخاصة ووحدة من جنود مشاة البحرية دربوا وحدات صغيرة من الجيش والبحرية التايوانيين.

ووفق «التايمز»، فإن واشنطن سربت خبر وجودها العسكري لإيصال رسالة لبكين حول عزمها الوقوف إلى جانب الجزيرة، وزادت كذلك مبيعات الأسلحة إليها في السنوات الأخيرة.

وبعد منحها صفقة غواصات نووية أعطت واشنطن الإذن ببيع استراليا 12 مروحية هجومية.

وبينما لا يزال التوتر يتصاعد بشأن تايوان، استأنفت واشنطن وبكين المفاوضات حول «الحرب التجارية»، التي بدأت بينهما في عام 2018.

وللمرة الأولى منذ توليه منصبه، هذا الأسبوع، أجرى رئيس وزراء اليابان، فوميو كيشيدا، اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الصيني استمر 30 دقيقة اتفقا خلاله على السعي لإقامة علاقات «بناءة ومستقرة».

وقال كيشيدا إنه أثار قضايا، ذات اهتمام، بما في ذلك جزر «سينكاكو» وحملة قمع بكين للمظاهرات المطالبة بالديموقراطية في هونغ كونغ، والتعامل مع أقلية «الإيغور» الإسلامية، في شينجيانغ، خلال المحادثة.