توصف الانتخابات العامة، المقررة غداً في العراق، بأنها الأخطر منذ سقوط نظام صدام حسين، لأنها تأتي بعد أوسع حركة احتجاج شعبي خالطها عنف معقد، ونتيجةً للتصادم المعلن بين التيارات الوطنية وحلفاء طهران في السياسة العراقية، فضلاً عن تعاظم أزمات الاقتصاد وفشل الدولة.

وتغلي مدن العراق على وقع منافسات بروح الانتقام بين الخصوم، رغم وجود عزوف شعبي واضح سببه عدم وجود ملامح تغيير واضحة لمافيات الفساد والسلاح النافذة.

Ad

وأكبر قضايا التنافس هي مصير الفصائل المسلحة الموالية لإيران، مما دعا رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في آخر خطاب له، الجمعة، إلى القول إن العراق لن يكون حديقة خلفية لأحد، في إشارة واضحة إلى ضغوطات إيران على حكومته، بينما صرحت زعامات الفصائل مراراً، الأسبوع الماضي، بأن هذه الانتخابات اختبار وجودي لـ «الحشد الشعبي»، وهو الإطار الرسمي للميليشيات الموالية في أغلبها لطهران.

ولم يسبق مثلاً لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أن بدا مستنفراً لتعبئة قصوى لأتباعه، كما هو اليوم، حتى إنه أصدر «عفواً» عن المنشقين والمطرودين من تياره، مدفوعاً بحاجته إلى ضمان مسافة كافية في عدد المقاعد عن أقرب الفائزين المحتملين، خصوصاً لائحة مرشحي الفصائل المسلحة، كي يخوض مفاوضات أسهل حول تشكيل الحكومة.

وفي هذا الإطار، يتحدث المراقبون عن مفاجآت قد يأتي بها المرشحون المستقلون، وهم بأعداد أكبر بكثير في هذه الانتخابات، إلى جانب بعض الكيانات الناشئة التي انبثقت عن الاحتجاج الشعبي، رغم مقاطعة شبه منظمة للتصويت أعلنها معظم الجمهور المؤيد لقوى الاحتجاج والمعترض على النفوذ الإيراني.

ولأول مرة يختبر العراقيون نظام الدوائر المتعددة، حيث يجري التنافس على أصوات ٢٥ مليون ناخب في ٨٣ دائرة، مما قد يمنح المتنافسين الجدد فرصة أفضل أحياناً، كما تضمن قانون الانتخابات المعدل، منعاً لأي انشقاق في الكتل الفائزة إلى ما بعد اختيار رئيس الحكومة، للحد من المساومات والضغوط التي كانت تحصل بعد الانتخابات في المواسم الماضية، وتضيع حق الكتلة الأكبر في تشكيل الوزارة.

ويتداول الساسة نموذجين للسيناريوهات المحتملة في تشكيل الحكومة، كلاهما يتضمن التشارك بين القوى الداعمة للدولة، مثل عمار الحكيم ومقتدى الصدر وحلفاء سنة وأكراد، وتلك القوى الموالية لطهران، لكن يختلف السيناريوهان فيمن هو الطرف الأقوى في فرض رئيس الوزراء والحقائب السيادية، والمناصب ذات الصلة بملف الأمن والسياسة المالية.

وستحدد نتائج الانتخابات ذلك إلى حد كبير، إن لم تواجه طعوناً عميقة وشاملة، ويبدو أن الجميع في قلق من نشوب صراع وطعون بسبب نتائج قد تحمل مفاجآت.

وذكرت مصادر مطلعة أن أوساط المرجعية الدينية في النجف تحث المتنافسين والمتخاصمين على القبول بنتائج الانتخابات، مهما كانت، لتجنيب البلاد صراعاً مكلفاً، بموازاة تدخلات خارجية شبه معلنة.

● بغداد - محمد البصري