استفاقات ما بين بين أم أحلام الاغتراب؟
![خولة مطر](https://www.aljarida.com/uploads/authors/982_1671286347.jpg)
هذا مؤتمر آخر لنساء ربما يشبهننا أو كنّ كذلك، فقد تتابعت الصور الصادمة، ما الذي حدث بنا؟ ما الذي أصابنا في قناعاتنا ومبادئنا وقيمنا؟ ما الذي نسف ما ناضلنا من أجله ودافعنا عنه بكثير من التعب ولن أقول الدم لأن في مثل هذه العبارة كثيراً من العنف الذي يلون أيامنا. لا تتمالكين نفسك من طرح السؤال، بل الأسئلة وتتذكرين ذاك العنوان لصديق وأستاذ كان ولا يزال يستحق لقب المعلم، الدكتور جلال أمين طرح أسئلته في كتب وهي ذاتها التي كان يكررها عند لقاءات جمعتنا على مركب صغير لصديقتنا المشتركة في مساءات النيل الساحر، كيف يحتدم النقاش حول ما أصابنا جميعا من شعوب وقوميات ونحن في حضن النيل والشمس تبتعد كثيراً لتترك مساحات لقمر القاهرة الذي لا يشبهه أي قمر.. نقاش "نكد" في أجواء ساحرة، هكذا هي أوطاننا أو هكذا كانت مليئة بالمتناقضات الجميلة التي صارت من فعل الماضي البعيد رغم قربه. عاد هو إلى هاتفه ليصاب بالذهول من هول الصورة، وما حدث لنسائنا من مراكش إلى البحرين، ولم يستطع أن يتفوه أو يكتب سوى "القادم أسوأ يا صديقتي العزيزة"، القادم أسوأ كان جوابها هي أيضا، صديقة أخرى في مدينة أخرى أو وطن آخر لم تعد هي أو حتى أخريات يشبهنها يتعرفن عليه من شدة بعده عما كان! وكأنه كتب عليها في ذاك اليوم تحديداً أن تتلقى الرسائل التي توقظ بداخلها مساحات الاغتراب التي تعمل جاهدة ألا تنغمس في حوار مع نفسها حولها! أرسلت لها رسالة صوتية قالت فيها "أحببت أن أشاركك هذه العبارة من رواية أمين معلوف والتي قرأتها فاعتصر قلبي"، وختمت ارحل اليوم وحتى نلتقي في القريب، ونقلت العبارة كاملة وهي: "متى تعرف أنك تائه؟ عندما تقف في بلادك، وعيناك ترنو إلى بلاد أخرى، عندما تقف في بلاد لم تنشأ فيها، وعيناك ترنو إلى بلادك.. وعيناك على مستقبل تراه مستحيلا، عندما تبقى في بلادك،وعيناك على ماض لن يعود أبدا".تكمل بصوتها الرقيق "خلي بالك من نفسك وما تخاطري كثير.. قلبي معك دوما وابقي بخير"ترحل هي أو تنتهي أنت من سماع رسالتها الصوتية، فتزدحم الأسئلة برأس أتعبته الأيام والإصابات المتلاحقة والأوجاع المنثورة بين مدينة ومدينة، تعود من جديد لفنجان قهوتك واغترابك حتى وأنت في وطنك!* ينشر بالتزامن مع «الشروق» المصرية.