من حقه علينا الوفاء، لأنه مدرسة للوفاء.ومن واجبنا الاقتداء بنهجه، لأنه أصّل مدرسة الإخلاص للوطن، والالتزام بالسلوك النزيه، وبالمبادئ الديموقراطية والدستورية.
منذ ما يزيد على نصف قرن تعرفت عليه في صيف عام ١٩٦٨، من خلال رئاسته للمؤتمر الثالث للاتحاد الوطني لطلبة الكويت، الذي انعقد في جامعة الكويت، وهي بالكاد تكمل عامها الثاني، وكان نقابياً من الطراز الأول، ومنافحاً صلباً عن مبادئه العروبية الناصرية، التي تشرّبها كأحد أبناء جيل الخمسينيات والستينيات، الذين سرقت أحلامهم العروبية نكسة ٦٧، وكان مدافعاً شديد البأس عن معتقده الأصيل بدولة المؤسسات والقانون، التي انطلقت على يد أبوالدستور وكويت الاستقلال، الأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم، وصحبه من الآباء المؤسسين.استمرت مرافقتي له ولقامات وطنية صاعدة آنذاك من خلال العمل بجمعية الخريجين في الكويت، وأذكر منهم باعتزاز المرحوم فيصل المشعان، وعبدالله الطويل، وعيسى العصفور، والشهيد ناصر الصانع، ومبارك المطوع، وقائمة طويلة لا يتسع المقال لحصرها. تحولت جمعية الخريجين على يده وأيديهم إلى معقلٍ للعمل الوطني والديموقراطي الكويتي، ومركز من مراكز التنوير والتثقيف الوطني والديموقراطي.كان الراحل من رواد العمل الثقافي، الذي ألهبته الجمعية في حواراتها وندواتها وأمسياتها المشهودة، وأبرزها "ندوة فلسطين العالمية"، وندوة "أزمة التطور الحضاري العربي" المتفردتان بتجميع قمم العقول العربية المثقفة والرائدة على أرض الكويت، وفي رحاب جمعية الخريجين الكويتية. قاد العمل ببرنامج "قضايا وردود"، الذي استمر منذ تأسيس جمعية الخريجين في منتصف الستينيات حتى عام ١٩٩٤، وقد تشرفت بإدارة حواراته مستلهماً الكثير من الدروس على أيادي (أبا هيثم)، ومن ذكرتهم من قامات وطنية رفيعة.رافقته في مجال العمل السياسي الوطني وتجلياته من خلال رموز العمل الوطني والديموقراطي الكبار؛ الراحل العم جاسم القطامي، رحمه الله، والدكتور أحمد الخطيب، أطال الله في عمره، حيث زودته تلك المدارس بحصيلة كبيرة وثرية من التجارب والتكوين السياسي المليء.متألقاً ومتفرداً في العمل الدبلوماسي موظفاً وسفيراً، وبالعمل السياسي وكيلاً ووزيراً ونائباً لرئيس الوزراء أو مستشاراً، ونال ثقة جميع الأطراف في السلطة والحكومة والبرلمان والأوساط الشعبية في آن معاً، لا في الكويت فحسب، بل في مملكة البحرين الشقيقة، التي ترك خلفه فيها كسفير لبلاده رصيداً هائلاً من محبة واحترام قيادة وشعب أهل البحرين الكرام. متوقد الهمة والعزم، سواء في المسؤوليات التجارية أو الإنسانية، التي تولاها كرئيس لمجلس أمناء "رحلة الأمل" الخاصة بذوي الإعاقات الذهنية، التي رعاها أمير الإنسانية وعملنا بها معاً، وكان هو أحد أسباب نجاحها وتحقيق أهدافها.(بوهيثم) مثالٌ في التواضع وطيب المعشر، ويشهد له بذلك كل من عرفه واقترب منه، أب رحيم، وأخ كريم، وصديق ودود، مثلما كان صابراً ومحتسباً في مكابدته للمرض العضال، الذي داهمه وأنهكه طوال سنوات عمره الأخيرة، مردداً عبارة واحدة "الحمد لله على كل حال".يصدق في المرحوم "فيصل محمد الحجي" قول المتنبي:وإذا كانَتِ النّفُوسُ كِباراًتَعِبَتْ في مُرادِها الأجْسامُهكذا كنت وعلى ذلك رحلت يا "بوهيثم".إلى رحمة الله وغفرانه، ونسأله الصبر والسلوان لذويك ومحبيك، وإليه المعاد.
أخر كلام
6/6: وداعاً «بوهيثم»
11-10-2021