مع ارتفاع أعداد المحامين المقيدين في مهنة المحاماة، بات لزاما على جمعية المحامين الكويتية، لكونها المنظمة للمهنة، وفقا لأحكام القانون، مراعاة المسائل المتصلة بها، والعمل جديا نحو تنظيم كل ما يتصل بالقيد فيها، وذلك من خلال إنشاء جداول تخص قيد مكاتب المحامين وتخصصاتهم، وإصدار تعليمات لمسائل التعاقد، ووضع الحد الأدنى للأجور، فضلا عن إضافة درجات قيد جديدة تميّز المحامين القدامى وأصحاب الخبرة والكفاءة عن غيرهم.ويشهد الواقع العملي على وجود العديد من المثالب نحو تنظيم أمر المكاتب من قبل الجمعية، سواء من حيث الرقابة الفعلية عليها والتأكد من إشغالها من المحامين، أو تضمينها لدى الغير، أو ما يتصل ببحث التزام بعض المحامين بشؤون التعاقد وتحديد الحد الأدنى للأجور، وما يقع من بعض المحامين لبعض المخالفات، وهو ما يتعيّن التحرك جديا نحو ضبطه من قبل الجمعية.
منظومة العمل
ورغم الجهود التي تبذلها جمعية المحامين من خلال مجلس إدارتها أو لجانها لاحتواء تلك القضايا، فإن الآليات المتبعة غير كافية لتحقيق ذلك، وهو ما يتعين معه اللجوء الى وسائل أكثر فاعلية وتنظيما من الجمعية لضبط منظومتَي المحامي ومكاتب المحاماة بما يتناسب مع حجمهما، والرغبة في تطويرهما، وبما ينعكس على رقيّ المهنة وتطور أدائها.ويكشف الواقع العملي الحاجة الفعلية إلى إنشاء جدول يعرض للعامة على مواقع الجمعية أو وزارة العدل، أسماء مكاتب المحامين والتي يزيد أعدادها عن 2000 مكتب يتضمن عرض تخصصات كل مكتب على حدة، وذلك تنظيما وتسهيلا على الراغبين في التعاقد أو الاستعانة بمكاتب المحاماة بدولة الكويت، وفق ما هو متّبع من نظام في العديد من الدول، وذلك لأنه من غير المعقول ألّا تصنف مكاتب المحاماة وفق تخصصات تقيّد من أصحاب المكاتب لدى جمعية المحامين بين ممارسة نشاط عام وبين متخصص في القضايا التجارية أو الجزائية أو الإدارية أو الأسرة، وترك المسألة من دون شفافية ووضوح للكافة، وهو الأمر الذي قد يساهم في تضليلهم عند التعاقد مع مكاتب المحاماة، أو الاستعانة بهم لأخذ الاستشارة في أمر مراجعة العقود، وهو الأمر الذي سيسهم في تنظيم قيد مكاتب المحاماة بدولة الكويت، وتحقيق فكرة العرض أمام الكافة لهذه المكاتب، وفق تنظيم خاص تعده الجمعية لذلك.فوضى الأتعاب
أما المسألة المهمة التي يتعيّن الالتفات إليها، فهي إصدار ونشر الجمعية للائحة التعاقد مع الموكلين ضمن شروط أساسية تضعها الجمعية مسبقا، ولا بأس أن تضاف إليها شروط أخرى من المحامي تتناغم معها، لا أن تعارضها، وتحديد الحد الأدنى للأجور أمام الكافة، بعد أن كشف الواقع العملي حالة من الفوضى في تحديد الأجور التي يتقاضاها المحامي، بهدف عدم تجاوز المحامين لتلك التعليمات التي أصدرتها الجمعية عند التعاقد مع المتقاضين أو الراغبين في الحصول على الخدمات القانونية من مكاتب المحاماة.ومثل ذلك الأمر يتطلب تنظيما حقيقيا من الجمعية نحو تحقيق تلك الرؤية، لاسيما أنه سبق للجمعية الإعلان عن بدء تنفيذ مشروع الشركات المهنية لمكاتب المحاماة، والتي لا يمكن لها أن تنمو وتتطور من دون إصلاح البنى التحتية لمكاتب المحاماة نحو تسميتها وفق التخصصات لحاجة الراغبين في الحصول على الخدمات القانونية، وانسجاما مع تجارب الدول في المنطقة، وتحقيقا للشفافية المطلوبة للراغبين في الحصول على الخدمات، فضلا عن تحقيق المكاتب العاملة بالتخصص للغايات المرجوة منه، بما ينعكس بالخدمات فيما بعد على المتقاضين، لاسيما الحاصل على الخدمات القانونية.درجات مهنية
بينما القضية الأخيرة التي يتعيّن على جمعية المحامين النظر إليها، لما لها من أهمية كبرى، وسوف تعمل على تحقيق تطور فيها، بعد إنجاز جدول التخصص لمكاتب المحاماة وضبط مسائل العقود وبيان الحد الادنى للأجور، فهي إضافة درجات في قيد المحامين، والتي تقف اليوم عند حد القيد أمام محكمتَي التمييز والدستورية.وتقوم الفكرة التي نعرضها على استحداث درجة قيد مهنية للسادة المحامين، بغية تمييزهم عن أقرانهم المنتمين لمهنة المحاماة، فضلا عن أنها تمثّل حافزا لدى المحامين ككل من أجل الالتزام بميثاق المهنة وتقاليدها، والابتعاد عن ما يمسّ السيرة وسوء السلوك، وخاصة أن الجداول الموضوعة حاليا وفق قانون مهنة المحاماة تحد قيدهم أمام أعلى المحاكم كمحكمة التمييز والدستورية، وهي الدرجة التي حققت التساوي بين الكثير من المنتمين لمهنة المحاماة بشكل غير عادل، بسبب ارتباطها بسنوات عمل في مهنة المحاماة وليست بسنوات الخبرة والأقدمية في ممارسة وأداء المهنة. ونظراً لعناصر الأقدمية والخبرة والكفاءة القانونية والتزاما بتقاليد المهنة والسيرة وحُسن السلوك يتعين استحداث درجات جديدة للمحامين تكريما لهم وتقديرا لما يحملونه من مهمة الدفاع عن موكليهم وفق تلك العناصر بكل التزام ومهنية كاملين، ودون خطأ أو زلل مهني، وبقيت سيرتهم ناصعة من كل شائبة.ضوابط
ولذا بات على جمعية المحامين الكويتية، لكونها الجهة المنظمة لشؤون المحامين، أن تعمل على تقديرهم ورفع شأنهم بأن تستحدث تلك الدرجات التقديرية لهم، وبالنص على الألقاب المهنية في جدول تعدّه لذلك، وتخطر الجهات الرسمية به، وفي مقدّمتها وزارة العدل والمحاكم حتى يخاطبوا بها.وبالإمكان النظر الى جملة من المعايير والضوابط التي يمكن من خلالها تصنيف المحامين الحاصلين لتكون سندا لهذه الفكرة تكمن في تحقّق جملة عناصر، وهي الأقدمية والسيرة وحُسن السلوك، والالتزام بمهنة المحاماة دون انقطاع بالجداول وبالحضور في الجلسات أمام المحاكم وبأعمال المحاماة ونشر بحث قانوني بأحد المواضيع المتصلة بالقانون.وتكمن الغاية للتحقق من تلك الضوابط المقررة لتصنيف المحامين من العوامل سالفة الإشارة على النحو التالي:1- عنصر الأقدمية والخبرة، حيث لا يحصل على تلك الدرجة إلا حال تجاوزه العمل في مهنة المحاماة 25 عاماً، وذلك لبيان عنصر الأقدمية والخبرة عند منح تلك الدرجة.2- حُسن السيرة والسلوك، حيث يتحصل المحامون على شهادة صادرة من جمعية المحامين و«الأدلة الجنائية»، وذلك لبيان عدم وجود أي قيود جنائية أو سوابق تنال من حُسن سيرتهم وسلوكهم في العمل بمهنة المحاماة، بما يعزز حُسن سيرتهم ومسلكهم المهني في مهنة المحاماة.3- الالتزام بمهنة المحاماة، ويتعلق هذا الضابط بتحقق التزام المحامي وعدم الانقطاع طوال تلك الفترة عن المهنة، وعدم انقطاعه عنها بالانتقال الى مهنة أخرى، أو الانقطاع عن جداول العمل بالمهنة.4- الالتزام بحضور الجلسات أمام المحاكم، ويقصد بهذا الشرط التزام المحامي بالحضور الى جلسات المحاكم بنفسه، تأكيدا على ممارسته العملية للمهنة وأداء أعمالها، فضلا عن تقديمه ما يفيد القيام بأعمال المحاماة والاستشارات القانونية لسنوات متفرقة.5- تقديم بحث قانوني بعد نشره في إحدى المجلات العلمية المحكّمة كمجلة كلية الحقوق، ومجلة كلية القانون العالمية.6- عرض كل الاشتراطات والضوابط السابقة على لجنة مشكّلة بعضوية كل من رئيس لجنة القبول في جمعية المحامين، وعضو هيئة تدريس من كلية الحقوق، وآخر من كلية القانون العالمية، وعضو من إدارة الفتوى والتشريع، وذلك للنظر فيها.وبعد التحقق من تلك الضوابط والعناصر في المحامين المتقدمين للحصول على تلك الدرجة، يتعيّن منحهم شهادة اجتياز وخبرة معتمدة من جمعية المحامين الكويتية، تفيد حصولهم على درجة «الأستاذية المهنية» في مهنة المحاماة، ولالتزامه بشرف المهنة وتقاليدها ولثبوت حُسن السير والسلوك.حوافز
وإذا اجتاز المحامي في العمل مدة تزيد على 30 عاما، يحصل على درجة مهنية أخرى في المهنة، بعد التزامه بالضوابط أعلاه، وعلى شهادة اجتياز وخبرة معتمدة من جمعية المحامين، تفيد بتمتّعه بدرجة العميد أو الرئيس في المهنة، وذلك لالتزامه بشرف المهنة وتقاليدها، وثبوت حُسن السير والسلوك.وبعد اعتماد تلك الدرجات من اللجان المشكّلة التي تعقد وفق الحاجة، يتم إخطار وزارة العدل والمحاكم بتسمية المحامي بتلك الدرجات المهنية التي منحتها له الجمعية، فضلا عن إثباتها في الهوية الخاصة به، وكذلك منحه بعض الامتيازات في المهنة، نظير تمتّعه بتلك الدرجات، كمنحه تأمينا صحيا مجانيا له، والتكفل بطباعة بحثه، وحصوله على خصم على خدمات وإصدارات الجمعية، وغيرها من الخدمات أو الحوافز.