من يقود الإصلاح؟
من يعمل بإخلاص وشرف يحصد حب واحترام الناس والأهم راحة البال، فالعبرة هي أن يبدأ الإصلاح، فإن كان على يد قيادي نزيه ومخلص ومفكر فخير وبركة، وإن كان بسبب وجود نظام فاعل وقانون قادر على المراقبة والمحاسبة فهذا غاية المبتغى.
![أ. د. فيصل الشريفي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/93_1682431901.jpg)
على الجانب الآخر هناك دول لا يهم فيها من يحكم لأن النظام لا يسمح للقائد بالتصرف كيفما يشاء كالدول الإسكندنافية واليابان التي تحاسب أكبر المسؤولين عن أي تجاوز على المال العام أو استغلال نفوذه الوظيفي بمحاباة أي طرف، فهذه الدول فرضت هيبة القانون على الكل، فلا وزير ولا حتى رئيس الوزراء له حق التصرف في فلس واحد من المال العام، فلا طائرة خاصة ولا فاتورة يتم تحصيلها من أموال الشعب لتعبئة وقود السيارة أو تذكرة القطار بالدرجة السياحية إن كانت الرحلات غير رسمية، فكم من وزير استقال أو قُدم للمحاكمة بسبب فاتورة لا تتعدى بضعة جنيهات. في تلك الدول لا تستغرب مشاهدة رئيس وزراء أو وزير يذهب إلى مقر عمله راكباً الدراجة، ولا وهو واقف في الطابور لدفع فاتورة تفاحة وعصير كما حصل مع رئيس وزراء بريطانيا العظمى، ولا وهو جالس أو واقف في القطار حاله من حال أبسط مواطن، فهذه المشاهد صنعها نظام منضبط ومجتمع يتعامل مع هذه المناصب على أنها وظيفة عامة لا أكثر ولا أقل. هذه الأنظمة بكل تأكيد لن يتولى أمرها مسؤول فاشل ولا قيادي فاسد، فهم تحت الرصد الدائم، ولا يعني تركهم للمنصب أو انتهاء فترة ولايتهم أن ذلك صك نجاة أو أنهم أفلتوا من المحاسبة، فالقانون عندهم لا يموت بالتقادم ولا يوجد منفذ يمكنهم الهروب منه.العبرة من هذا المقال أن من يسرق أو يستغل وظيفته لا يفلت من طائلة القانون، ومن يعمل بإخلاص وشرف يحصد حب واحترام الناس والأهم راحة البال، فالعبرة هي أن يبدأ الإصلاح، فإن كان على يد قيادي نزيه ومخلص ومفكر فخير وبركة، وإن كان بسبب وجود نظام فاعل وقانون قادر على المراقبة والمحاسبة فهذا غاية المبتغى.إذاً للإصلاح وجهان: إداري ومالي، ومن يرد مواجهة الفساد فعليه فتح هذين الملفين، ففي الأول توقف الثاني، وفي الثاني كشف للأول ومن يفك علاقتهما المشبوهة يستحق أن نرفع له العقال. ودمتم سالمين.