"المصائب لا تأتي فرادى" في لبنان، فالبلد الصغير يتقلّب على جمر أزمات كثيرة، لم يكن ينقصها اكتمال أزمة المحروقات باشتعال خزان وقود في مصفاة الزهراني، جنوبي البلاد، يعود للجيش، لتضيع كمية تتخطى 250 ألف لتر من البنزين بفعل الحريق. أسئلة كثيرة تُطرح، ومن غير المعروف إن كانت التحقيقات ستكشف عن ملابساتها أم أنها ستبقى طي الكتمان! بعض المعطيات تفيد بأن الحريق حصل نتيجة خطأ تقني وقع خلال عملية النقل، في حين تشير أخرى إلى حصول تسرّب منذ مساء يوم الأحد، وتتحدث ثالثة عن إزاحة سدّاد الخزان من مكانه.
وجاء الحريق على وقع استفحال أزمة الكهرباء والبحث عن حلول "ترقيعية" لها، وبعد موقف واضح لوزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان، خلال زيارته لبيروت، أعلن فيه استعداد بلاده لبناء معملين لإنتاج الكهرباء؛ واحد في بيروت وآخر في الجنوب. وهو مشروع سيلاقي دعماً كبيراً من "حزب الله"، الذي سيكثف ضغوطه لدخول الدولة اللبنانية في مثل هذا الاتفاق، كخطوة رسمية لاستكمال المسار، الذي فتحه الحزب بهدف إيصال النفط الإيراني إلى البحر الأبيض المتوسط. يعتبر "حزب الله" أن الطرح الإيراني هو الأمثل للبنان، كي يتجاوز أزماته، وخصوصاً في ظل المشاكل السياسية التي قد تعترض طريق خط الغاز العربي، لاسيما بعد تسريب "القناة 12" الإسرائيلية أن الغاز المصري والكهرباء الأردنية، اللذين سيتم استجرارهما إلى لبنان، ينبعان من إسرائيل. وتنفي مصادر دبلوماسية، لـ "الجريدة"، صحة هذه المعلومات، معربة عن اعتقادها بأن خلفية التسريب هدفها إغراق لبنان أكثر في أزماته المعتمة، خصوصاً أن "حزب الله" سيستنفر ضد "التطبيع غير المباشر"، وسيستغل هذا للتشدد أكثر في مسألة شراء نفط إيران.وعلى وقع دعوة الحزب وأمينه العام حسن نصرالله الدولة اللبنانية إلى التفاعل إيجاباً مع العرض الإيراني، سيعمل الحزب على إدخال مزيد من السلع الإيرانية، كالأدوية والمواد الغذائية، إلى الأسواق اللبنانية وتقديمها كمساعدات لحسابات سياسية وانتخابية، لاسيما أن كل القوى السياسية بدأت تتحضّر للاستحقاق الانتخابي، وتتعاطى معه وكأنه سيحصل في موعده، بغض النظر عن كل السجالات حول تعديل قانون الانتخاب، سواء فيما يتعلق بتصويت المغتربين أو بإنشاء مراكز "الميغاسنتر"، التي تسمح بالتصويت في أماكن السكن لا في مسقط الرأس، علماً أن هذه الاختلافات قابلة في أي لحظة لإطاحة موعد الانتخابات وتأجيلها.إلى جانب هذه الملفات، يستمر الخلاف حول التحقيق في تفجير مرفأ بيروت، فبعد أن رفضت محكمة التمييز قبول دعاوى الرد المقدمة من قبل الوزيرين المدعى عليهما غازي زعيتر وعلي حسن خليل، وبالتالي تنحية القاضي طارق البيطار عن الملف، فمن المتوقع أن يشتد الصراع أكثر، في ضوء مواقف تصدر عن "حزب الله" وتتهم البيطار بالتسييس، وصولاً إلى تلويح الحزب بأن هناك رواية كاملة حول باخرة النيترات والتفجير، ولابد أن تُنشر، وهي ستكون عنواناً لشنّ المزيد من الهجمات على البيطار وتطويقه قضائياً، هذه المرة، من خلال قرارات تصدر عن قضاة آخرين.سيكون ملف المرفأ أحد أكبر التحديات في مواجهة حكومة نجيب ميقاتي، الذي لا يزال يحاول السير بين النقاط أو في طريق مزروعة بالألغام، أبرزها الخلافات على التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وخطة الكهرباء، والتعيينات القضائية، والتشكيلات الدبلوماسية. وفي هذا الشأن، تؤكد المعلومات وجود اختلاف كبير بين ميقاتي من جهة ورؤساء الحكومة السابقين من جهة أخرى، الذين يعتبرون أنه يقدم الكثير من التنازلات لمصلحة رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل. تلك الهواجس دفعت بالرئيس السابق فؤاد السنيورة لعقد لقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يبدي انزعاجه أيضاً من ممارسات الحكومة وأعطاها مهلة 45 يوماً لإثبات جديتها بالعمل على الإنجاز، والغاية من اللقاء كانت تنسيق المواقف لتطويق ميقاتي ومنعه من الاستمرار في سياسة تقديم التنازلات.
دوليات
لبنان: بري والسنيورة ينسّقان للجم تنازلات ميقاتي
12-10-2021