تربويون لـ« الجريدة.» : الطلبة أُميّون ونحتاج لـ «إعلان الطوارئ»
طالبوا بوقف المناهج الحالية شهرين ومحو أمية المتعثرين قبل فوات الأوان
تفاعلاً مع جرس الإنذار المؤلم الذي أطلقته «الجريدة» في عددها الأحد الماضي تحت عنوان «طلبة الثالث الابتدائي لا يجيدون كتابة أسمائهم»، تداعى عدد من التربويين إلى إطلاق صيحات استغاثة تنادي بتدارك الوضع التعليمي قبل فوات الأوان، بعدما هوى بكثير من الطلبة في كل المراحل إلى درجة الأمية الحقيقية، مطالبين بوقف تدريس المناهج الحالية وتكليف المعلمين العمل على تأسيس الطلبة، لاسيما في الصفوف الابتدائية الأولى، وإدخال التعليم إلى غرف «العناية المركزة».وقال الباحث التربوي، حمزة الخياط، وهو مدير مدرسة متقاعد، إن المناهج الحالية لن تحل مشكلة التعثر الدراسي، موضحاً أن الحل يكمن في وقفها شهرين، والعمل على تحديد مستوى الأطفال في القراءة والكتابة، واستخدام كتب تحوي مناهج تتناسب معهم إلى جانب التركيز على المهارات الأساسية، والتخلي عن الأفكار القديمة.وبينما دعت أستاذة قسم أصول التربية بجامعة الكويت د. ليلى الخياط الوزارة إلى تدارك الأمر وتدريس طلبة الصفين الثاني والثالث مناهج الصف الأول لإعادة تأسيسهم حتى لا يحدث لهم ضعف تراكمي، أكدت زميلتها بالجامعة د. إسراء العيسى أن التعليم بحاجة إلى «العناية المركزة»، معتبرة أن عودة الطلبة إلى مدارسهم كان أفضل ما تم خلال الفترة الماضية، وأن أزمة التعليم سبقت «كورونا» والجائحة ساهمت فقط في كشفها.
بدوره، طالب المدير المساعد عبدالرحمن الجاسر، وكيل «التربية» د. علي اليعقوب باتخاذ قرار سريع وجريء بوقف تدريس المناهج وإقرار أخرى تعويضية مكثفة، «فنحن أمام أمية حقيقية، ويحتاج المتعلمون لعملية انقاذ وإعلان حالة الطوارئ»، مؤكداً أنه لمس ضعفاً كبيراً لدى طلبة الصف العاشر، ومنهم من لا يستطيع كتابة اسمه باللغة الإنكليزية».أما رئيسة قسم اللغة العربية بإحدى مدارس الوزارة ليلى القحطاني، فأكدت أن ضعف طلبة الابتدائي في مهارات القراءة والكتابة واقع لا يمكن إنكاره، مشددة على أهمية دور الأسرة في متابعة أبنائها، إضافة إلى وقف النجاح التلقائي لهؤلاء الطلبة، وتعديل آلية قبول المعلمين لاختيار الأفضل والأكفأ من أصحاب الخبرة وذوي الشهادات العليا ومن لديهم الموهبة والرغبة في العطاء لهذه المرحلة.بدوره، كشف رئيس قسم المناهج وطرق التدريس في كلية التربية د. فايز الظفيري أن فقدان المهارات الأساسية في التعليم الابتدائي، لا سيما في الصفوف الأولى، يمثل مشكلة كبيرة يجب عدم الاستهانة بها، مع ضرورة وضع اتخاذ التدابير الكافية لمواجهة تداعياتها وإرهاصاتها على أبنائنا في المستقبل.وقال الظفيري لـ«الجريدة»: «يجب دراسة هذه الظاهرة، التي ترجع إلى مرحلة ما قبل كورونا»، مبيناً أن من أهم أسبابها عدم تركيز مناهج التعليم على المهارات، وعدم ترغيب الطلبة في القراءة، وعدم خلق تنافس بينهم عبر المسابقات القرائية، فضلاً عن عدم التركيز على القراءة والاتصال والتركيز على اللغة بعيداً عن اللهجة المحلية».من جانبه، أكد المعلم والمنسق العام لمبادرة «معلمون متطوعون»، بدر بن غيث، أن الوضع كارثي في المرحلة الابتدائية، موضحاً أن الطلبة يعانون ضعفاً كبيراً في المهارات الأساسية، إضافة إلى مشكلة كبيرة في مهارات التواصل الاجتماعي.وقال بن غيث، لـ«الجريدة»، إن تلاميذ الصفين الثاني والثالث فوجئوا بالوضع، لأنهم لم يشاهدوا المدرسة منذ أن كانوا في مرحلة رياض الأطفال، لافتاً إلى أن «التربية» مطالبة بتدارك الوضع وإيقاف خطتها الحالية والتركيز على تعزيز المهارات.بدوره، ذكر معلم اللغة العربية، محمد السداني، أن الفاقد التعليمي الكبير أدى إلى عجز الطلبة عن تحصيل المنهج الحالي، لافتاً إلى أن الخطط الموضوعة غير كافية لمواجهة الأزمة.وأضاف السداني: نحن بحاجة إلى إعلان حالة طوارئ تعليمية، وتأهيل للمدارس بشكل أفضل، من أجل تحريك مركب التعليم من جديد.من جهتها، أشارت المعلمة رشا الحربي إلى وجود مشاكل سلوكية واجتماعية لدى الطلبة، إلى جانب الفاقد التعليمي، لافتة إلى أن أغلب المعلمات رصدن تغيرات سلوكية كبيرة لدى الطالبات، خصوصاً بالمرحلة الثانوية.وقال أحد معلمي المرحلة المتوسطة في إحدى مدارس الوزارة لـ«الجريدة» إن مشكلة القراءة والكتابة موجودة قبل «كورونا» بسنوات طويلة، غير أن هذا العام يشهد تردياً غير مسبوق في عدم معرفة الأحرف الهجائية لطلبة الصف السادس، مبيناً أن نتائج المسوح التشخيصية أسفرت عن رسوب أكثر من 75 من المئة من الطلاب، إلى درجة أن بعض طلاب السادس يتعاملون مع الكلمة كصورة لا كأحرف، فيبدأ بكتابتها من الشمال إلى اليمين أو من الوسط.ودعا إلى أن يُضمَّن منهج الصف السادس المعتمد من التوجيه، وقبله مناهج المرحلة الابتدائية، مبادئ القراءة والكتابة أولاً، مع انتهاج إحدى طرق التدريس القديمة التي كان الإقلاع عنها سبباً في الوصول إلى هذا التردي، مثل منهج «نور البيان» أو القواعد المتعددة في تدريس الأحرف والكلمات والجمل. ولفت إلى أن تجاهل المشكلة والاكتفاء بوقفة علاجية بسيطة في بداية كل حصة أو عمل خطة علاجية وهمية كما يحدث عادة، كلها أمور ليست كافية لمعالجة الكارثة المحدقة بمستويات الطلبة، معتبراً أن هذه المشكلة إن لم تعالج فستكون بداية لوصول الأمية الهجائية إلى طلبة الثانوية والجامعة. من جانبه، قال أحد معلمي المرحلة الابتدائية لـ«الجريدة» إن أبرز أسباب ضعف الطلبة في مهارتي القراءة والكتابة يتمثل في إسناد مهمة تدريسهم إلى معلمين حديثي التخرج تنقصهم الخبرة، فضلاً عن انشغال توجيه المادة بمهارات أكاديمية غير أساسية وإشغال المعلمين بها، معتبراً أن تمكين الطلبة في هاتين المهارتين لن يحدث إلا بالعودة إلى المناهج التي تتناسب مع الأطفال ولا تشتتهم، مع وجود معلمين مؤهلين ذوي خبرة تتاح لهم الفرصة للتعامل مع الأطفال بما يرونه على أرض الواقع.وذكر أن كتاب اللغة العربية للصف الأول، مثلاً، لا يفي بمتطلبات تمكين التلاميذ من معرفة حروف الهجاء بأصواتها القصيرة والطويلة، فضلاً عن خلوه من التدريب على مهارات تحليل الكلمات وتركيبها، لافتاً إلى أن مناهج «العربية» في المرحلة الابتدائية عموماً بحاجة إلى إعادة نظر بما يتلاءم مع مستجدات المرحلة الحالية.بدوره قال معلم في إحدى المدارس المتوسطة التابعة للوزارة لـ«الجريدة»، إن تعامل الوزارة في مثل هذا الوضع الاستثنائي يفتقد كثيراً من الواقعية، كونها وضعت خططها على أساس أن الطلبة ما زال لديهم مخزون علمي متوافر من التعليم الإلكتروني (الأونلاين) الذي تم خلال العام الماضي، وفاتها أن هذا التعليم لم يكن فيه أي طرق للقياس الحقيقي لمستوى الطالب.وأضاف أن الوزارة اعتقدت أن الطالب إذا جلس 6 ساعات على مقعد الدراسة فبإمكانه أن يعوض ما فاته خلال سنتين ماضيتين، ولم تنتبه إلى أن المسوح التشخيصية التي أجريت في جميع المواد كشفت عن ضعف شديد لدى الطلاب في جميع المواد، ولا يمكن علاج الضعف إلا بتخفيف المنهج والتركيز على المهم، مع مراعاة أن يتاول الطالب جميع المواد حتى يتوازن نفسياً.
معلمون لـ«الجريدة.» :
• المسوح التشخيصية أظهرت أن 75% من طلبة «السادس» لا يجيدون القراءة والكتابة• الوقفة العلاجية في بداية الحصة والخطة النظرية غير كافيتين لحل المشكلة• إسناد الصفوف الأولى لأساتذة حديثي التخرج يعمق المشكلة• ضعف شديد في جميع المواد... ودوام الـ 6 ساعات يومياً لا يحل المشكلة• الطلبة يعانون ضعفاً كبيراً في المهارات الأساسية وعلى «التربية» تدارك الوضع
● فهد الرمضان
الجاسر: ضعف كبير لدى طلبة العاشر ومنهم من لا يعرف كتابة اسمه بالإنكليزية
ليلى الخياط: تدريس الصفين الثاني والثالث مناهج «الأول» تلافياً للضعف التراكمي
العيسى: أزمة التعليم سبقت «كورونا» والجائحة ساهمت فقط في كشفها
القحطاني: وقف النجاح التلقائي لطلبة الابتدائي وتعديل آلية قبول المعلمين
ليلى الخياط: تدريس الصفين الثاني والثالث مناهج «الأول» تلافياً للضعف التراكمي
العيسى: أزمة التعليم سبقت «كورونا» والجائحة ساهمت فقط في كشفها
القحطاني: وقف النجاح التلقائي لطلبة الابتدائي وتعديل آلية قبول المعلمين