رغم ارتباك رسمي بإعلان نتائج الانتخابات النيابية، التي جرت أمس الأول، في العراق، انشغل الرأي العام بالمفاجآت الكبيرة للأرقام الأولية، خصوصاً أن مؤسسات الدولة نجحت للمرة الأولى في إعلان سريع للنتائج خلال نحو 24 ساعة، بعدما كانت تستغرق أسابيع في التجارب الماضية.وكشفت الأرقام أن التيارات المؤيدة للدولة تفوقت بنحو كبير على حلفاء طهران، الذين التزموا الصمت، في محاولة لاستيعاب الصدمة، ويبدو أن كتلة «الفتح»، أبرز ممثل للفصائل المسلحة، خسرت نصف مقاعدها الـ47 التي حصلت عليها في الاقتراع الماضي.
كما أحرز التيار الصدري، الذي يدعم حكومة مصطفى الكاظمي ضد الفصائل، نتيجة غير مسبوقة ورفع رصيده من نحو 52 مقعداً إلى أكثر من 60 مرشحة للزيادة حتى إعلان النتائج النهائية.ورغم المقاطعة الشبابية غير المسبوقة، جاءت المفاجأة الأبرز بحصول المرشحين الممثلين لحركة الاحتجاج الشعبي على نحو 20 مقعداً، علماً أنه لم يكن لها أي تمثيل في السابق، وإذ تعد مقاعدها قليلة من أصل 325 مقعداً، لكنها تحمل دلالة كبيرة على تغير المزاج العام، وإمكانية تغيير أعمق؛ لو جرت الانتخابات في ظروف أفضل واستعداد أكبر لدى تلك الكيانات الناشئة.وبدا واضحاً أن الاقتراع، بعد موجات الاحتجاج الشعبي المتصاعدة منذ عامين، بات يجري بشروط صارمة تحت الضغط الشعبي، والتزام واضح من حكومة مصطفى الكاظمي المقرب من قوى الاحتجاج، وحضور دولي نادر للمراقبين، ساهم، بحسب الماكينات الانتخابية الرئيسية، في تقييد حالات التلاعب، والضغط على الفصائل الموالية لطهران، التي أوقفت منذ شهرين نشاطها المسلح، سواء ضد الناشطين أو ضد الوجود الأجنبي، إلى حد كبير.
وقال زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، في تغريدة مساء أمس، إنها أول انتخابات تجري بإشراف دولي وعربي، وإقرار بأنها سارت على نحو صحيح، داعياً إلى الحذر من أي ضغط خارجي يحاول إحداث تغيير في النتائج، خصوصاً مع تأخر إعلان نتائج المدن الكبرى مثل بغداد والبصرة.وحسب القانون النافذ، بوسع تيار الصدر تقديم مرشح لتشكيل الحكومة باعتباره الفائز الأكبر في الاقتراع، وسيمكنه عبر التحالف مع خصوم طهران في العراق الدفع بحكومة يرأسها شخص من طراز مصطفى الكاظمي أو يبقيه شخصياً.