من 3 محاور قدم النائب د. هشام الصالح استجوابا لوزير الصحة الشيخ د. باسل الصباح، تتعلق بصور الهدر المختلفة في وزارته رغم ادعاء العجوزات، وسوء إدارة أزمة جائحة كورونا، فضلا عن التجاوزات الإدارية في «الصحة».

وأكد الصالح أن هذا الاستجواب يضع الوزير في موقف صعب إذ يجعله أقرب إلى طرح الثقة به، متهما إياه بالتفريط في المسؤولية، بغض النظر عن هدر وتبذير المال العام في وزارته، إلى جانب التجاوزات الإدارية الواضحة، و«ما لمسناه بأن أغلبية الشعب أضحت مقتنعة بسوء إدارتكم لأخطر أزمة صحية تشهدها بلادنا، ولأن قراراتكم وتعاملكم مع تطوراتها كانا دون ما يتطلبه الوضع من حصافة ونباهة وحكمة».

Ad

واتهم الصالح الوزير بأنه «أظهر ضعفا بينا في تحمل المسؤولية»، معتبرا أن الوزير بات مطالبا «إذا لم يكن بمقدوركم تفنيد محاور استجوابنا، أن تتحملوا وزر الهدر والتجاوزات وسوء إدارة أزمة الجائحة، عبر المبادرة بتقديم استقالتكم، وفي كل الأحوال ها قد حان الأوان لدفع فاتورة العجز عن تحمل المسؤولية التي أقسمتم أمام سمو الأمير، وأمام هذا المجلس أن تؤدوها بالأمانة والصدق».

أعلن النائب د. هشام الصالح تقديمه استجوابا لوزير الصحة د. باسل الصباح من 3 محاور تتعلق بصور الهدر المختلفة في "الصحة" رغم ادعاء العجوزات، وسوء إدارة أزمة جائحة كورونا، إضافة إلى التجاوزات الإدارية في الوزارة، ويعتبر هذا الاستجواب هو الثاني الذي يقدم للوزير، والـ 11 الذي يقدم في الفصل التشريعي السادس عشر، الذي انطلاق قطاره في منتصف ديسمبر الماضي.

وتحت عنوان "تجاوزاتٌ ماليةٌ مليونية وإهدار المال العام"، جاء المحور الأول من الاستجواب، وشدد فيه النائب على أن "واجب المحافظة على المال العام وعدم التفريط فيه يقع على عاتق الوزير، إلا أنه قد قام باتخاذ قرارات تضر بالمال العام وأحيانا لم يحرك ساكنا إزاء حالات الاعتداء على المال العام، وإزاء حالات التنفيع وإهدار هذا المال في الوقت التي تدعي الحكومة العجز".

تأمين الطلبة

ومن صور إهدار المال العام، بحسب ما ورد في هذا المحور، شبهاتٌ ماليةٌ حول تعاقدات الوزارة لتقديم خدمة تأمين العلاج العام، وأسنان الطلبة في المملكة المتحدة بقيمة إجمالية (11) مليون جنيه إسترليني، فضلا عن حرمان الميزانية من تحصيل مبالغ غرامات التأخير على الشركات المنفذة والمتعاقدة في مشاريع عديدة بالمخالفة للبند 7 من المستند رقم 1 من أصول المناقصة والتلاعب وتعرض المشاريع للغش، وعدم تنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة لصالح الوزارة لإخلاء (45) موقعا مستغلا من قبل صندوق إعانة المرضى منذ سنوات عدة، دون أي مقابل مادي للوزارة (20 كافيتريا – 12 ماكينة وجبات وعصائر– 5 صيدليات - 2 محل زهور وأخرى)، وعدم تحصيل الوزارة الفوري قيمة أكياس الدم والبلازما لمستشفيات القطاع الأهلي بمبلغ 646 ألف دينار.

كما بين أنه تم إعفاء المرضى المقيمين المسجلين في النظام الصحي من الرسوم دون سند قانوني بالمخالفة للقرار الوزاري رقم 294 لسنة 2017، مما ترتب عليه حرمان الميزانية العامة من تحقيق الإيرادات، وعدم تحصيل مسبق لرسوم وأجور خدماتها الصحية من قبل صندوق إعانة المرضى بمبلغ 414 ألف دينار، وضعف الرقابة على إيرادات رسوم التحاليل المخبرية لدى مختبرات بنك الدم.

سوء الإدارة

وانتقل بعد ذلك إلى المحور الثاني تحت عنوان "سوء الإدارة الصحية في ظل جائحة كورونا"، وقال فيه "شكلت جائحة كورونا بالنسبة للسلطات الصحية في مختلف بلدان العالم فرصة اختبار حقيقي لمدى القدرة على مواجهة الوباء بإدارة ذات فعالية وقرارات صائبة ومدروسة تستهدف قبل كل شيء حماية سلامة الفرد والمجتمع وتحقيق الوقاية من خطر انتشار الفيروس دون تفريط في الحقوق المكفولة بالدستور والقانون ولا تمييز بين الناس على أي أساس ولا استغلال الأزمة لإفراغ جيوب وملء جيوب أخرى، فهل وفقت سلطاتنا الصحية في ربح هذه الرهانات؟ مضيفا: "إن واقع الأمر – بكل أسف – يجيب بالنفي وذلك لما سنقدم من حجج دامغة في هذا المحور".

وتحدث هنا عن تعريض الأمن الصحي للخطر من خلال السماح بإدخال العديد من الوافدين للبلاد في ظل جائحة كورونا، والازدواجية والتمايز في إجراءات ومدة الحجر للقادمين من الخارج في ظل كفالة الدستور لحرية ممارسة الشعائر الدينية.

جائحة كورونا

وجاء المحور الثالث تحت عنوان "التجاوزات الإدارية وضعف الرقابة"، وأكد فيه أن السلطات الصحية لم تكن في مستوى مواجهة ظروف جائحة كورونا العصيبة، ولم تبرهن عن جودة في الحوكمة المطلوبة في تسيير قطاع صحي حيوي مهم، ولم تحرص على حماية المال العام حتى يصرف فيما خصص له وفقا للقواعد القانونية والمعايير المعتمدة، ولم تستطع إحكام الرقابة على الإنفاق، ولم تكن فعالة في تنفيذ المشاريع الصحية ولم تعامل الموارد البشرية بنزاهة واستحقاق، وأنها بكلمة جامعة قد غرقت في التجاوزات الإدارية والضعف الرقابي والتخبط في التسيير، وسنعرض في هذا المحور العديد من مظاهر الإخلال بالمسؤولية التي اقتضت تقديم هذا الاستجواب.

الإخلال بالمسؤولية

ومن مظاهر الإخلال بالمسؤولية، تأخر إنهاء خدمات الموظفين المنقطعين عن العمل في الوزارة مدة تصل إلى سنتين، مما ترتب عليها تكبد المال العام للرواتب دون وجه حق، وقيام الوزارة بصرف مكافأة العمل الإضافي وبدل الخفارة دون وجه حق لبعض الموظفين، والازدواجية والتمايز في صرف قيمة مكافأة الصفوف الأولى دون وجه حق وحرمان بعض المستحقين منها، وعدم إنهاء خدمات غير الكويتيين المعينين على العقد الثاني، بالرغم من بلوغهم سن 65 عاما، والهدر في كميات الأدوية التي تصرف وانعدام الرقابة عليها.

وفيات «كورونا» الحقيقية... عند المناقشة
أكد النائب هشام الصالح أن من سوء الإدارةِ الصّحيّةِ في ظِلِّ جائِحةِ كورونا، تسعيرة pcr وارتفاع قيمَتِها وآليَّة تحديدِ الجهاتِ المسموحِ لها بإجراء الفحص، وغَلق المراكزِ الطّبيّةِ في القطاعِ الأهلي غيرِ المُبرّرِ أثناءَ فترةِ الجائحةِ، والتّعسّف باستخدامِ السّلطةِ دونَ ابتغاءِ الصّالحِ العامِّ، وعَدَة وجودِ المُختصّين بعلمِ الأوبئةِ والفيروساتِ والمناعةِ إلا في لجنةِ كورونا الاستشاريّةِ المُشكّلَةِ مِن قِبَلِ الوزير في28/5/2020 وتأخّرِ تَشكيلِها.

واتهم وزير الصحة بعَدَمُ الشّفافيّةِ في الإعلانِ عن نِسَبِ الوفيّاتِ بِسببِ "كورونا"، بحيثُ أعلنتْ عن 934 حالة وفاة فقط، مستدركا بالقول، "هذا العددُ مُخالِفٌ للحقيقةِ والواقعِ والذي سَوفَ نُبيّنُهُ عند مُناقشةِ الاستجواب".

ظروف صعبة

وفي ختام استجوابه، قال الصالح، "نعم إن الأخ وزير الصحة المحترم قد تحمل مسؤولية وزارة الصحة في ظروف صعبة من حيث شكل العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وقد تزامنت مسؤوليته مع اندلاع الجائحة العالمية (كوفيد - 19)، ولقد كانت هذه الظروف والتحديات فرصة اختبار حقيقي لكل أصحاب القرار في بلدان المعمورة، وكانت بالنسبة لكم مناسبة سانحة لإبراز مدى قدراتكم وكفاءتكم على رأس هرم وزارة الصحة التي لم يدخر جنودها من الموارد البشرية التضحيات في الصفوف الأمامية، ولكن كل تلك التضحيات والجهود اصطدمت، بكل أسف، بالتضارب والتناقض والارتباك وسوء الإدارة الذي طبع على جل قراراتكم، والتي كان لها بالغ الضرر على المواطنين والمقيمين ماديا ومعنويا وصحيا، وتسببت للبلاد في إهدار كبير للمال العام كما رافقتها تجاوزاتٌ إداريةٌ عديدةٌ فضحت سوء إدارتكم لأزمة جائحة كورونا، وذلك كما بينا سابقا.

وأضاف، ولقد قدرنا صعوبة الظروف التي تؤدون فيها مهامكم فمنحناكم أكثر من فرصة لاستدراك الهدر ووقف التجاوزات، ولطالما نبهنا كما فعل العديد من الزملاء النواب عبر الأسئلة والاقتراحات لتدارك الاستمرار على هذا النهج، ولكن مبادراتنا وكأنها كانت مجرد صيحات في واد سحيق لا تلقى اهتماما ولا تجد أذنا صاغية، ولذلك فإن استجوابكم اليوم أمرٌ مستحق ومسؤوليةٌ ثابتةٌ عن التردي الذي يشهده القطاع الصحي في الكويت، وأنتم اليوم مدعوون لتفنيد ما يوجه إليكم من أوجه القصور والخلل بموجب المستندات والأدلة.

طرح الثقة

وتابع: إن هذا الاستجواب يضعكم في موقف صعب، اذ يجعلكم أقرب إلى طرح الثقة فيكم، فنحن نستجوبكم لأننا مقتنعون بأنكم تفرطون في المسؤولية عندما تغضون الطرف عن هدر وتبذير المال العام في وزارتكم التي قد تقدم ذكر نماذج عنها في صحيفة هذا الاستجواب، وكذلك نستجوبكم لأننا وقفنا على التجاوزات الإدارية الواضحة التي تعرضنا لها وقدمنا الدليل على أهم مظاهرها، ونستجوبكم لأننا لمسنا أن الغالبية من الشعب أضحت مقتنعة بسوء إدارتكم لأخطر أزمة صحية تشهدها بلادنا، ولأن قراراتكم وتعاملكم مع تطوراتها كان دون ما يتطلبه الوضع من حصافة ونباهة وحكمة.

واستطرد في خاتمتها التي وجه حديثه فيها لوزير الصحة، ولقد أظهرتم ضعفا بينا في تحمل المسؤولية، وأنتم مطالبون إذ لم يكن بمقدوركم تفنيد محاور استجوابنا أن تتحملوا وزر الهدر والتجاوزات وسوء إدارة أزمة جائحة كورونا بالمبادرة بتقديم استقالتكم، وفي كل الأحوال ها قد حان الأوان لدفع فاتورة العجز عن تحمل المسؤولية التي أقسمتم أمام سمو الأمير وأمام هذا المجلس أن تؤدوها بالأمانة والصدق.

الصالح بعد تقديمه: البراك في الكويت قريباً

عقب تقديمه الاستجواب لوزير الصحة، أكد النائب د. هشام الصالح أنه "دسم ومختلف عن الاستجوابات السابقة الموجهة إلى الوزير"، موضحا أنه يحتوي على مواضيع محددة ومنضبطة وواضحة بالأرقام والأدلة والبراهين، داعياً الشعب الكويتي أن يقرأها ويتمعن فيها.

وأضاف الصالح، في تصريح أمس: "لا صحة لما يروج له البعض بأن سببه فقط قضية حجر القادمين من زوار الأربعين"، موضحا أن "الاستجواب يحتوي على 3 محاور تناقش 41 موضوعا ومخالفات جسيمة".

وقال الصالح: "رسالتنا إلى سمو رئيس مجلس الوزراء أن هذا الاستجواب أصبح تحت نظر سموه، وأنه في حال استقالة الحكومة وإعادة تشكيلها يجب ألا يعود وزير الصحة الحالي في الحكومة المقبلة"، مضيفاً: "أتمنى أن يكون هذا الاستجواب هو رصاصة الرحمة".

وذكر أن "البعض يتساءل إذا ما كان الهدف من الاستجواب هو تخريب الحوار الوطني، وأعوذ بالله فأنا لدي تواصل مع مجموعة معينة في تركيا، ولا أحد يزايد علينا، وإن شاء الله نرى مسلم البراك قريبا خلال أيام، وفق ما يصل لدينا من أخبار عن نجاح الحوار، وعن مبادرة كريمة وعفو كريم بإذن الله".

وأكد أن هذا الاستجواب هو الأول له، لكنه لن يكون الأخير في هذا الفصل التشريعي.

وجبات للوفد الباكستاني... هدر للمال العام

ضمن صور هدر المال العام، التي وردت في المحور الأول من صحيفة استجواب النائب هشام الصالح لوزير الصحة، أنه تم تحميل الخزانةِ العامّةِ أعباءَ إضافيّة نتيجةَ توفيرِ وَجَباتٍ غذائيّةٍ للوفدِ الباكستاني الطّبيّ في أحدِ الفنادقِ دونَ سَنَد قانونيّ، وبالمخالفةِ للعقدِ المُبرَمِ بهذا الصَّدد.

ومن صور الهدر كذلك، تحميلُ ميزانيّةِ الوزارةِ ما يُقارب مليون دينار نتيجةَ قصورٍ وأخطاءَ طبيّةٍ وإجرائيّةٍ خلال عام 2020/2021 دونَ مُحاسبةِ المُتسبِّبِ، إضافة إلى هَدْر للمالِ العامِّ في ملفِّ العلاجِ بالخارج، وتحمّل الوزارة مصاريفَ غير المُستحقين للعلاجِ، وعدمِ مُحاسبةِ أيّ مُوظّف على مثل هذه التّجاوزات، والتنفيع في مَلفِّ تقديمِ خَدَماتِ الإسعافِ الجوّي.

وورد فيها كذلك، قيام قطاعِ الأدويةِ والتجهيزاتِ الطبيّةِ بالتلاعبِ وتَجْزئةِ عقودِ شراءِ الأجهزةِ الطبيّة بقيمة أكثر من مليون ونصف، للنأي بها عنِ الرّقابةِ المُسْبَقةِ من قِبَلِ أجهزةِ الدّولة، والتّعدّي على المالِ العامِّ نتيجةَ المُبالغةِ بِعَدَدِ العَمليّات الجراحيّةِ التي تمَّ إجراؤها للطّلبة من قبل إحدى العياداتِ في الولاياتِ المُتحدةِ الأميركيّة بادعاءِ أنّها لمصلحِة الطّلبةِ الكويتيّين.

محيي عامر