طريق تونس الوعر
![جيمس زغبي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/222_1682522396.jpg)
وتجري مؤسسة زغبي للخدمات البحثية استطلاعات للرأي في تونس منذ عام 2011، وفحص النتائج السابقة يظهر مدى تغير الرأي العام على مدار العقد الماضي، ففي عام 2011، بعد قليل من الثورة، كان 54% من التونسيين يثقون في أن بلادهم تسير على الطريق الصحيح، والنسبة الباقية كانت ترى أن الوقت سابق لأوانه للقطع برأي، لكن بحلول عام 2013 ذكر 83% من التونسيين أنهم كانوا مفعمين بالأمل عام 2011، ولم يظل إلا 39% مفعمين بالأمل، في حين عبر 55% عن خيبة رجائهم، وذكر 27% فقط أن تونس تسير على الطريق الصحيح. وهذا التراجع في درجة الرضا عكس الصورة عن الحزب الحاكم في ذاك الوقت، حزب «النهضة»، باعتباره غير فاعل في معالجة قضايا البلاد الرئيسة، وكان تقييم ثلثي الخاضعين للمسح ضعيفاً لأداء الحكومة في تعاملها مع الاقتصاد وحماية الحقوق المدنية والشخصية والتصدي للتطرف والفساد، ولهذا، لم يعبر من التونسيين عن ثقتهم في حزب النهضة إلا 28% فقط، رغم ضعف ثقتهم في كل الأحزاب السياسية والبرلمان، وعلى خلاف مصر التي كان فيها الاعتراض على حكومة «الإخوان المسلمين» بقيادة محمد مرسي سببه الأساسي هو الطابع الأيديولوجي لقائمة أولويات الجماعة، كان سبب خيبة أمل التونسيين في حزب «النهضة» هو فشله في الحكم باقتدار وفشله في تحقيق وعود الثورة. وبحلول عام 2018، ذكر 20% فقط من التونسيين أن البلاد تسير على الطريق الصحيح، وذكر 21% أنهم أفضل حالاً عما كانوا عليه قبل خمس سنوات، والثقة في البرلمان انخفضت إلى 25%، وفي عام 2019، في غمرة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، تصاعد تفاؤل التونسيين إلى أكثر من 50% لأول مرة منذ عام 2011، لكن هذا التفاؤل انهار بحلول عام 2021، مع فشل الحكومة في التعامل مع الجائحة والاقتصاد والفساد، وما يتضح من عقد من استطلاعات الرأي في تونس لأن هناك ثقافة ديموقراطية منتعشة في البلاد، فإن الرأي العام قد يكون متقلباً إلى حد كبير. التونسيون غير راضين بعمق عن فشل حكومة المشيشي وعدم قدرتها على معالجة أكثر مشكلات البلاد إلحاحاً، والتونسيون ليسوا متفقين على الطريق إلى المستقبل، لكن هناك اتفاق آراء قوي على إصلاح قانون الانتخابات والدستور وإجراء انتخابات مبكرة. صحيح أن الثقة بالرئيس أكبر من الثقة برئيس البرلمان أو رئيس الوزراء، لكن يجب على الرئيس قيس سعيد إدراك ضيق الوقت أمام إدخال تغيرات هيكلية وتلبية الحاجات الأساسية في حياة سياسية شديدة الانقسام ولا تهدأ.* رئيس المعهد العربي الأميركي في واشنطن.