متلازمة المحفظة المفقودة
تحكي نكتة أن شرطياً شاهد شخصاً يبحث وحيداً عن محفظته في الشارع تحت عمود الإنارة فساعده وبحث عنها، وفي منتصف بحثهما سأله: أين فقدت محفظتك بالضبط؟ فقال الرجل: هناك في الحديقة المجاورة، فقال له مصدوماً وكيف تبحث عنها هنا ولا تبحث في الحديقة؟! فقال الرجل: هنا نور والحديقة مظلمة.بالنسبة إليّ فإن قصة هذا الرجل أو طرفته تمثل جانبا مضحكا ومبكيا من أمور حياتنا، ولا بد من تسليط الضوء عليه، وهو كذلك يجسد حالة عامة أو كما أسميها متلازمة "المحفظة المفقودة" التي تصيب كل باحث عن حلول هنا من المسؤولين والمواطنين ومن حاورهم وناقشهم بإحسان حتى يوم الدين، والمحفظة الضائعة قد تكون مشاكل معيشية أو اجتماعية أو اقتصادية وحتى سياسية، حتى آخر قائمة مشاكلنا الطويلة التي تحمل سطورها عبء مناشدات المواطنين وتطلعاتهم وأمانيهم. لذلك أوجه نصحي للجادين في البحث عن حلول ناجعة للمشاكل، إذا ضاع حل مشكلة لكم فابحثوا عنه في ميدان فقده ومكان سقوطه سهواً من ثنايا عناوين إنجازات وطنكم، ابحثوا عنه هناك ولا تبحثوا عنه تحت أضواء فلاشات الكاميرات التي تحف بكل اجتماع وندوة ولقاء لكم، بحثكم هنا سيضيع سدى ولن تجدوا حلا واحدا مجديا تحت عمود إنارة لمانشيت صارخ في برية وعودكم، أو تصريح يدغدغ الأحلام في لقاء على الشاشات.
فإذا كان لديكم مشكلة في التعليم كمثال فعليكم البحث عنه في تجارب غيركم المضيئة وخبرة أبنائكم اللامعة فهناك ستجدون ضالتكم وفق منهج سليم أثبت نجاحه، والأمر كذلك ينطبق على الصحة والبنية التحتية وتنويع الاقتصاد وغيرها، وابتعدوا عن تجارب أخرى مظلمة واقعاً سواء كأعراف اجتماعية ومجاملات زاحمت كل كفاءة لديكم أو ككوادر خارجية وتطبيق تجارب فاشلة لن تنفعكم مهما غركم انعكاس فلاشاتها وتراقص أضواء شموعها.نصيحة لكي نحافظ على تطور بلادنا علينا الابتعاد فورا عن متلازمة المحفظة المفقودة لكي لا نصبح نكتة تحكيها عقود الزمان القادم!