«حلفاء إيران» يرفضون نتائج الانتخابات العراقية
●هادي العامري : «مفبركة» ولن نقبل بها مهما كان الثمن
● حزب الله: سنعيد الأمور إلى نصابها بكل حزم
لم تستوعب القوى العراقية الموالية لإيران صدمتها في الانتخابات التشريعية، التي تابعها آلاف المراقبين المحليين و1250 دولياً وأكثر من 500 صحافي من دول العالم، ورفضت نتائجها المخيبة بشدة، لتفتح المجال لسجالات تهدد بعودة الانقسام والفوضى، ووضع العراقيل أمام الكتل الساعية للهيمنة على البرلمان الجديد وتشكيل الحكومة.
بعد تسجيلها تراجعاً كبيراً في الانتخابات التشريعية العراقية، نددت القوى الشيعية البارزة الموالية لإيران بحصول «تلاعب» و«احتيال» في النتائج الأولية، التي أظهرت تقدم 4 تحالفات رئيسية نالت أكثر من نصف مقاعد البرلمان الجديد، وحملت مفاجآت صدمت كتلا كانت الأكبر حظاً في الاستحقاق السابق.وفي بيان شديد اللهجة، قال الإطار التنسيقي للقوى الشيعية الذي، يضم خصوصاً تحالف الفتح بقيادة هادي العامري وائتلاف النصر بزعامة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي و«عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله»، «نعلن طعننا بما أعلن من نتائج وعدم قبولنا بها، وسنتخذ جميع الإجراءات المتاحة لمنع التلاعب بأصوات الناخبين».وأضاف بيان القوى: «حرصاً من الإطار التنسيقي على المسار الديموقراطي ومصداقيته ولتحقيق موجبات الانتخابات المبكرة التي دعت إليها المرجعية الدينية، وأكدت أن تكون حرة آمنة ونزيهة لتجاوز شكوك وإشكالات كبيرة رافقت انتخابات 2018 وأدت إلى انسداد سياسي تطور لأحداث مؤسفة في 2019 لدعم العملية الديموقراطية ونزاهتها، قدّمنا جميع الملاحظات الفنية لمفوضية الانتخابات، وتعهدت بمعالجة جميع تلك الإشكالات بخطوات عملية، ولكنها لم تلتزم بجميع ما أعلنته من إجراءات قانونية».
العامري والعسكري
وفي بيان حاد ومقتضب، قال العامري، الذي تراجع تحالفه «الفتح» بعدما كان القوة الثانية في البرلمان المنتهية ولايته من 47 مقعداً إلى 14، «لا نقبل بهذه النتائج المفبركة مهما كان الثمن»، مضيفاً: «سندافع عن أصوات مرشحينا وناخبينا بكل قوة».وقبله، اعتبر أبوعلي العسكري، المتحدث باسم كتائب حزب الله، التي تعد أكثر فصائل الحشد الشعبي نفوذاً وأكثرها موالاة لإيران، «ما حصل في الانتخابات يمثّل أكبر عملية احتيال والتفاف على الشعب العراقي في التاريخ الحديث».وأضاف العسكري، في بيان، «نقف بكل حزم وإصرار لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، والإخوة في الحشد الشعبي هم المستهدفون الأساسيون، وقد دفع عربون ذبحهم إلى من يريد مقاعد في مجلس النواب، وعليهم أن يحزموا أمرهم وأن يستعدوا للدفاع عن كيانهم المقدس».وقارن العسكري انتخابات الأحد بما جرى في عهد صدام حسين، موضحاً أن سبب التشكيك بنزاهتها هو نسبة المشاركة الأقل منذ 2003 بـ41 بالمئة فقط من الأصوات المخول لها المشاركة فقط.ويخشى العراقيون من احتمالات لجوء تلك المجموعات إلى فرض الأمر الواقع بقوة السلاح في حال وجدت تهديداً جدياً لمصالحها أو انتقاصاً من مكاسبها أو محاولات لنزع أسلحتها بشكل أو بآخر.الصدر والسلطة
وفي وقت سابق، حذّر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي أكدت النتائج الأولية حلول تحالفه «سائرون» في الطليعة بنحو 73 مقعداً في مجلس النواب المؤلف من 329 مقعداً، من التدخل بعمل المفوضية العليا للانتخابات أو الضغط من الداخل أو الخارج، مؤكداً أن الانتخابات جرت تحت غطاء وإشراف أممي ودولي وعربي، وتم إقرارها منهم، وأنه يتابع بدقة كل التدخلات الداخلية غير القانونية التي تخدش هيبة العراق واستقلاليته. وفي كلمة متلفزة، تعهّد الصدر، أمس الأول، بسحب السلاح المنفلت «حتى ممن كانوا يدعون المقاومة»، في إشارة إلى الفصائل المسلحة الموالية لإيران، مشدداً على أن «العراق للعراقيين فقط وأي تدخّل في شأنه سيكون له رد دبلوماسي وربما شعبي».وفي حال تأكدت النتائج الجديدة، يكون الصدر، الذي رفض أيّ تقاسم للسلطة على حساب الشعب، حقق تقدّماً برصيد غير مسبوق بصدارة القوى الفائزة بعدما كان تحالفه «سائرون» يحتل 54 مقعداً في البرلمان المنتهية ولايته، يليه كتلة «التقدم» بـ43 مقعدا بزعامة رئيس البرلمان السياسي السنّي محمد الحلبوسي.وفي المرتبة الثالثة، تمكّن تحالف دولة القانون برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي من تحقيق خرق في الانتخابات، بحصوله على 37 مقعداً.وعلى غير المتوقع، حصلت جماعات الحراك الشعبي والمستقلين على نحو 20 مقعداً، ويتردد أن أكبر فائز بعدد الأصوات على مستوى العراق ينتمي إلى حزب امتداد المنبثق عن تظاهرات 2019 المناهضة للفساد وتردي الأوضاع.تراجع كبير
وعلى غرار التراجع الكبير لتحالف العامري، فوجئت الأوساط السياسية بخسارة تحالف قوى الدولة، المشكل من تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم وائتلاف النصر بزعامة العبادي، وحصولهما معاً على 4 مقاعد، من أصل 61 حققها الجانبان في الانتخابات السابقة دون تحالف.وعلى غير المتوقع، فشلت قوى تقليدية أخرى في تحقيق اختراقات، مثل الحزب «الإسلامي» برئاسة رشيد العزاوي و»الحل» برئاسة محمد الكربولي وقوائم معروفة أخرى في الحصول على أي مقعد.ورغم ضمه شخصيات معروفة ومتغلغلة بالواقع السياسي، تلقى «تحالف» عزم برئاسة رجل الأعمال خميس الخنجر خسارة كبيرة بحصوله حصل على نحو 14 مقعداً فقط.مفاجأة كردستان
وفي كردستان، كانت المفاجأة حصول حزب «الجيل الجديد» على 9 مقاعد، وعدم تمكّن «التغيير» من الحصول على أي مقعد وخسارة الاتحاد الوطني بعض النواب، مقابل ارتفاع مقاعد الحزب الديموقراطي من 25 إلى 32 مقعداً.ودعا رئيس كردستان نيجيرفان البارزاني جميع القوى والأطراف السياسية لتوحيد الصف والتلاحم، معتبراً أن العراق بات في مرحلة جديدة، تتطلب الاستعداد معاً للمهام والمسؤوليات المشتركة والتحديات المقبلة.وشدد البارزاني على أن وحدة الصف مفتاح الانتصار، وستحقق الحقوق الدستورية لكردستان وتحمي المكاسب والنظام الاتحادي وكيانه السياسي، مشيراً إلى أنه آن الأوان للعمل معاً على تشكيل حكومة وطنية اتحادية تكون انعكاساً لمطالب وتطلعات العراقيين وتطبق الدستور وتعزز مؤسسات الدولة وتعيد الفصائل والقوات الخارجة على سياق القانون، وتصحح العملية السياسية على أساس الشراكة بين كل المكونات.المرأة والكوتا
ووفق النتائج، فإن المرأة العراقية تمكّنت من الفوز بـ97 مقعداً، بزيادة 14 عن الكوتا المخصصة للنساء، من بينها فائزتان من الأقليات، في حين أظهرت فوز 57 امرأة بقوتها التصويتية من دون الحاجة إلى «الكوتا».وهَنّأت دائرة تمكين المرأة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، أمس، المرشحات الفائزات، مُعتبرةً نجاحهنّ في الوصول إلى البرلمان خطوة ضرورية للمشاركة السياسية، ولاسيما أنهن سيمثلن صوت العراقية في التعبير عن طموحاتها وتطلعاتها.في المقابل، نقلت بعثة الاتحاد الأوروبي، أمس، عن ممثلي الأقليات قلقهم بشأن التمثيل في الانتخابات. وذكرت البعثة في مؤتمر صحافي أن «على الجميع أن يعملوا معا من أجل العراق، ولهم الحق في معرفة حجم الأموال التي صرفت على الحملات الدعائية، والكوتا يجب أن تكون بنسبة 25 بالمئة كحد أدنى».تشكيل الحكومة
ومع انتهاء الانتخابات، رأى مراقبون أن الوضع الحالي قد يخلق نوعاً من الفوضى وصعوبات في تشكيل الحكومة المقبلة، وقد يتأخر الإعلان عنها لأكثر من 5 أشهر، خصوصاً بعد بيان الإطار التنسيقي الشيعي ورفضه وتشكيكه بمفوضية الانتخابات.ومن المتوقع أن تدعو الكتلة الصدرية تحالفات مقربة منها لتشكيل «الكتلة النيابية الأكثر عدداً»، في أول جلسة يعقدها المجلس الجديد، مثل الديموقراطي الكردستاني برئاسة مسعود البارزاني وتحالف تقدُّم برئاسة الحلبوسي، في حين لا تبدو هناك أي فرص مماثلة مع قوائم «الفتح» و«دولة القانون» والاتحاد الديموقراطي الكردستاني وتحالف «عزم» وجميعها مقربة من إيران.
فوز 97 امرأة بمقاعد برلمانية والبارزاني يدعو إلى حماية النظام الاتحادي