وسط تزايد المؤشرات على بحث السلطات الإيرانية عن نافذة للتهدئة مع القوى الإقليمية في الخليج بموازاة مفاوضاتها الشائكة مع القوى الغربية لإحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات، يستعد الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد للقيام بزيارة لافتة إلى الإمارات، يشارك خلالها بمعرض إكسبو 2020 الدولي بمدينة دبي.ورأى متابعون للشأن الإيراني أن الزيارة، التي يتوقع أن يقوم بها نجاد غدا أو بعد غد، تحمل في طياتها محاولة غير مباشرة من حكومة الرئيس الأصولي إبراهيم رئيسي، لتعزيز مد خيوط التواصل مع الخليج بعد 4 جولات من المفاوضات التي خاضتها طهران والمملكة العربية السعودية في العراق، بهدف إعادة العلاقات المقطوعة وتهدئة التوترات غير المباشرة. إلا أن محللين إيرانيين استبعدوا أن يكون نجاد بمهمة في إطار "دبلوماسية الظل".
وقال مصدر دبلوماسي إيراني لـ "الجريدة" إن زيارة نجاد جسّ نبض لمدى انفتاح مجلس الأعلى للأمن القومي الجديد برئاسة الرئيس المتشدد إبراهيم رئيسي للتعامل مع منافسيه ومعارضيه.واستدل المصدر على ذلك بالكشف عن رفع غير مُعلن للإقامة الجبرية عن الزعيم الإصلاحي المعارض مهدي كروبي الأسبوع الماضي والسماح له بزيارة منزل غلام حسين كرباسشي، أحد زعماء التيار الإصلاحي، حيث كان هناك عدد من الشخصيات الإصلاحية بانتظاره.وذكر علي رضا ماتاجي، مسؤول الاتصالات في مكتب نجاد أن السلطات الإيرانية أفرجت عن جواز سفر نجاد الدبلوماسي، وسمحت له بتسلّمه لأول مرة منذ سنوات، حيث لم يتمكن من الحصول عليه طوال فترة رئاسة الرئيس السابق حسن روحاني.وأوضح أن زيارة نجاد إلى الإمارات تمضي كما هو مخطط، وجرى ترتيب التفاصيل البروتوكولية للزيارة. وكان نجاد قد أكد في تصريحات سابقة أنه يؤمن بأن دول الخليج "أخوة لإيران"، داعيا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى المساهمة في إنهاء الأزمات التي تشهدها المنطقة.إلى ذلك، أجرى وزير الخارجية الإيرانية حسين عبداللهيان مباحثات هاتفية مع نظيره الأردني أيمن الصفدي، أمس الأول، داعياً إلى الاستفادة من الفرص والإمكانات الاقتصادية والتجارية في دول المنطقة لتطوير العلاقات فيما بينها.
محاكمة روحاني
وفي وقت تجسّ حكومة رئيسي النبض في الاستعانة بنجاد، يمهّد متشددون الأرضية لمقاضاة الرئيس السابق حسن روحاني وعدد من أعضاء فريقه.ويبدو أن مواجهة الرئيس السابق المحسوب على التيار المعتدل ستنطلق من محطة قضايا تتعلّق بالمنح الدراسية، ويتوقّع المراقبون أن تنتقل رويداً رويداً إلى محطات أخرى.وأعلن المتحدث باسم لجنة "المادة 90" النيابية، إحالة ملف روحاني ونائبه الأول إسحاق جهانغيري وعدد من أعضاء الحكومة السابقة في شبهات بشأن منح دراسية بين عامي 2003 و2013 إلى القضاء أمس.من جانب آخر، شدد قائد القوة البحرية التابعة لـ "الحرس الثوري" الأدميرال علي رضا تنكسيري، على أن بلاده "لن تتسامح مع أي انعدام للأمن أو صراع في الخليج"، الذي وصفه بالمنطقة الاستراتيجية.وقال إن البحرية التابعة لـ "الحرس" نفذت "6 عمليات ناجحة في الخليج ضد الولايات المتحدة المعتدية. وفي هذه العمليات، انكسرت هيمنة القوة الأميركية في الخليج الفارسي".من جهة ثانية، ذكر مساعد القائد العام لقوات الحرس الثوري الإيراني لشؤون العمليات، العميد عباس نيل فروشان، أمس، أن قوات بلده وجّهت "ضربات للشبكات الإسرائيلية في المنطقة"، رداً على عمليات التخريب التي تستهدف برامج بلاده للتسلح الباليستي والأنشطة النووية.تهديد بينيت
إلى ذلك، صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، أمس، بأنه يتوقّع أن يحاسب المجتمع الدولي إيران على خرقها لـ "التزاماتها النووية"، متهماً طهران بـ "الانتهاك الصارخ" لالتزاماتها للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومطالباً بمحاسبتها في مجلس الأمن، مهدداً إياها بـ "مسارات أخرى".وقال بينيت، في تصريحات صحافية أمس: "أنا لا أتحدث حتى عن الاتفاق النووي الموقّع في 2015، أنا أتحدث عن التزامات أساسية".وجاءت تصريحات بينيت قبيل زيارة مرتقبة يقوم بها إلى روسيا لبحث الملف النووي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.كما يأتي تهديد بينيت قبيل زيارة مرتقبة يقوم بها منسق الاتحاد الأوروبي للمفاوضات مع إيران إنريكي مورا، إلى طهران الأسبوع الجاري، لإجراء اتصالات بشأن الجولة السابعة من مباحثات فيينا التي يتوقع أن تعقد أواخر الشهر الجاري.وتزامن تهديد بينيت مع تحركات عسكرية إسرائيلية في هضبة الجولان المحتلة، جاءت غداة تهديده بمواصلة ضرب ما يوصف بـ "تمركز الميليشيات الإيرانية في سورية عند الحدود الشمالية" لإسرائيل.في غضون ذلك، انتقد وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس قرار رئيس الوزراء حول الكشف عن معلومات عن عملية لـ "الموساد" بخصوص مكان وجود الطيار رون أراد، الذي فُقد في لبنان منذ أكثر من 30 عاماً، لكنه أكد أن التحقيقات مع ضابط إيراني اعتقل في سورية حول أراد كانت "ناجحة للغاية".من جانب آخر، شدد غانتس على أن إسرائيل يجب أن تظل الأقوى في الشرق الأوسط من أجل المضيّ بتوسيع اتفاقات السلام، متحدثا عن ثغرة في التنسيق الدولي حول إيران تقوم إيران باستغلالها.في هذه الأثناء، أفاد استطلاع للرأي نشر أمس بأن 51 بالمئة من الإسرائيليين يعتقدون أنه كان على تل أبيب أن تشنّ هجوماً عسكرياً على إيران خلال المراحل الأولى من تطويرها برنامجها النووي، بدلا من أي تسوية تفاوضية.مناورات في إيران وأذربيجان
واصلت إيران لليوم الثاني مناورات "سماء الولاية 1400" للدفاع الجوي التي تغطي نصف أجوائها، في حين واصلت القوات الأذربيجانية كذلك مناورات عسكرية بحرية تحاكي حماية البنية التحتية للطاقة والدفاع عنها في الجانب الأذربيجاني من بحر قزوين، كما وصفت اتهامات إيران لها بوجود إرهابيين ومرتزقة على أراضيها بأنها "افتراءات".