«حزب الله» يقود لبنان إلى أزمة مفتوحة
جمّد الحكومة حتى إقالة «قاضي المرفأ»... وأنصاره إلى الشارع
دخل لبنان في مأزق سياسي كبير قد يصل إلى أزمة حكم لا أزمة حكومة فقط، بسبب ملف التحقيق بانفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020، واتخاذ «حزب الله» قراراً واضحاً بتنحية القاضي طارق البيطار وتعيين آخر مكانه.وبعد خلافات داخل مجلس الوزراء، أمس الأول، «طارت» جلسة كانت مقررة أمس، وباتت الحكومة معلَّقة، بعد أن اشترط «حزب الله» وحركة أمل وتيار المردة، للمشاركة، أن تتخذ الحكومة قراراً بإقالة البيطار من منصبه.ووضع الحزب شرطين لإعادة تفعيل عمل الحكومة، فإما أن يلجأ مجلس القضاء الأعلى إلى إقالة البيطار، وإما أن تتخذ الحكومة بنفسها القرار.
وإذا خضع مجلس القضاء الأعلى لقرار الحزب، فسيعني هذا تلقي السلطة القضائية في لبنان ضربة قاصمة وانتهاء القضاء، أما بحال اتخذت الحكومة بنفسها القرار فإن ذلك سيعد تعدياً على السلطة القضائية وسيؤدي إلى إسقاط الحكومة بالمعنى الرمزي شعبياً ودولياً، خصوصاً أنها تتعثر في ملفات متعددة. ويحاول رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي البحث عن مخرج يحفظ ماء وجه الجميع، ويبقي الحكومة حيّة وفعّالة، لكن كل الاتصالات لم تنجح في الوصول إلى مخرج، وبقي «حزب الله» مصراً على إقالة البيطار، وهو الأمر الذي يرفضه عون وميقاتي. كل هذه التطورات تحصل على مرأى من العالم ووسط مراقبة دولية، وبعد صدور بيانين عن «الخارجية» الأميركية والاتحاد الأوروبي حول ضرورة استكمال التحقيقات في تفجير المرفأ. وحاول وزير العدل العمل على صيغة قانونية تحمي البيطار وتحفظ كرامته، وتلبي طروحات «حزب الله» ومطالبه، لكن هذه الصيغة تبدو متعثرة حتى الآن. ولا تزال المصادر القضائية تبدي دعمها المطلق للبيطار، رافضةً التدخل السياسي، بينما يصر القاضي على أنه مستمر في مهمته ولن يتراجع. في هذا الوقت دعا الحزب وحركة أمل و«المردة» إلى وقفة، اليوم، أمام قصر العدل في بيروت، تنديداً بقرارات القاضي البيطار، بينما دعا زعيم «القوات اللبنانية» سمير جعجع إلى «إقفالٍ عامٍ شاملٍ سلميّ»، رداً على محاولة «الفريق الآخر استعمال وسائل أخرى لفرض إرادته بالقوة».وسيدخل لبنان من جراء هذه القضية في أزمات متوالية، تتنامى معها الأبعاد الطائفية للأزمة ونزعات الدعوة للفدرالية أو توسيع اللامركزية الإدارية والمالية. كما أن الملف هو عنوان لشرخ كبير بين الحزب وعون، بسبب التضارب في الحسابات والتوجهات، خصوصاً أن نصر الله وجه أسئلة واضحة للبيطار عن سبب عدم استماعه لرئيس الجمهورية، الذي أبدى الاستعداد للإدلاء بإفادته. «حزب الله» يعتبر نفسه مستهدفاً من خلال مجريات التحقيقات، ويصل الأمر به إلى اتهام البيطار بأنه يحضّر تحقيقاً معلباً لاتهام الحزب بالتحقيق، أما معارضو عون فيتهمونه بأنه لا يهاجم البيطار، بحثاً عن مدخل للتفاوض مع الأميركيين من أجل إزالة العقوبات المفروضة على صهره جبران باسيل. عون يجد نفسه محرجاً أيضاً، فهو يقول إنه لا يريد التدخل في التحقيق، ويصر على فصل السلطات، لكنه في المقابل يرفض منح الإذن لملاحقة المدير العام لجهاز أمن الدولة اللواء طوني صليبا.