فقدت الكويت المؤرخ سيف مرزوق الشملان، بعد حياة حافلة بالعطاء والبحث والتوثيق لأحداث التاريخ الكويتي، مما ساهم في حفظ أهم تاريخ كويتي للأجيال القادمة يتعلّق بالسفر والغوص على اللؤلؤ، فاستحق لقب المؤرخ، بشغفه وحبه للتاريخ وتفانيه لخدمة هذا التخصص الذي أحبه منذ صغره، وهو ما جعله مشغوفا بالتراث والماضي ومبدعا في حفظه. وقد بعث صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد ببرقية تعزية إلى أسرة الراحل، أعرب فيها سموه عن خالص تعازيه وصادق مواساته بوفاة أحد رجالات الوطن الأوفياء، مستذكرا سموه مناقب الفقيد وأعماله الجليلة وإسهاماته المقدّرة في خدمة وطنه خلال مسيرته الحافلة بالعطاء بمجال توثيق التاريخ الكويتي عبر إجراء اللقاءات الحوارية مع كوكبة من الرعيل الأول، ومؤلفاته الثرية بالمعلومات الوطنية التاريخية، وذلك بشكل متواصل على مدى عشرات السنين، سائلا سموه المولى جلّ وعلا أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته، وأن يسكنه فسيح جناته، ويلهم أسرته الكريمة وذويه جميل الصبر وحسن العزاء.
كما بعث سمو نائب الأمير ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد ببرقية تعزية إلى أسرة الشملان، ضمّنها سموه خالص تعازيه وصادق مواساته بوفاة الراحل، مشيدا سموه بما قدّمه لوطنه من خدمات جليلة عبر مسيرة حافلة بالعطاء، لا سيما في مجال توثيق تاريخ الوطن العزيز، سائلا سموه المولى تعالى أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته ويلهم أسرته الكريمة وذويه جميل الصبر وحسن العزاء.كما بعث رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ صباح الخالد ببرقية تعزية مماثلة.
الميلاد والتعليم
وُلد الراحل عام 1926 في فريج الشملان بمنطقة شرق، وتتحدر عائلته من عائلة الرومي، وجدّه هو المرحوم شملان بن علي آل سيف، الذي كان من أكبر تجار اللؤلؤ.بدأ تعليمه في مدرسة السعادة التي أسسها جده، وهي مدرسة مجانية خُصصت لخدمة أهل الكويت، ثم أكمل تعليمه في مدرسة حمود ملا علي الإبراهيم، وفيها حفظ القرآن الكريم، انتقل بعدها لمدرسة عبدالله عبداللطيف العثمان، حيث تعلّم الكتابة ومبادئ الحساب، وفي عام 1937 التحق بأولى المدارس الحكومية، وهي المدرسة الشرقية، قبل أن يلتحق بالمدرسة المباركية وهو في سن الـ 22 عاما، ليحصل على الشهادة الابتدائية، وفي عام 1952 ترك مقاعد الدراسة، رغم تفوقه في دروس التاريخ واللغة العربية والمواد الدينية، ليبدأ رحلة مع الكتابة في مجلة اسمها البعثة يصدرها طلبة الكويت في مصر، وحاز من خلالها دبلوم الصحافة بالمراسلة.الحياة العملية
نشأ في بيئة أهلها يعملون بالغوص على اللؤلؤ والسفر، فمنهم الغواصون والطواشون، وكان لذلك تأثير على مشواره في الحياة، فانطلق عام 1942 في رحلة بحرية مع جده؛ هي الأولى له في مسيرته، ووصلت الى مغاصات الكويت والأحساء والبحرين، ومع بدء تأسيس الوزارات والمؤسسات الحكومية في الكويت، بدأ مسيرته العملية عام 1953 بوظيفة صغيرة في المخازن بإدارة الصحة، وفي أواخر عام 1954 تم تعيينه مسؤولا عن العلاقات العامة، ليترك "الصحة" بعد ذلك، ويعمل مديرا للجريدة الرسمية (الكويت اليوم) حتى عام 1975.برنامج «صفحات الكويت»
في بداية الستينيات اختاره الراحل الشيخ جابر العلي (وزير الإعلام آنذاك)، مستشارا له لشؤون التلفزيون، وتم تكليفه إعداد وتقديم برنامج «صفحات من تاريخ الكويت»، فجمع المعلومات بلقاءات كثيرة خاصة مع كبار السن ومع أشخاص حاربوا وشاركوا في معركة الصريف سنة 1901، وكان للبرنامج صدى كبير، وعرّف الأجيال برجالات الكويت الذين ساهموا وكافحوا للدفاع عن الكويت، وأبرز البرنامج شجاعة أهل الكويت وتفانيهم في خدمة هذه الأرض وحفاظهم على التراث.في عام 1955 تم تكليفه بالإشراف على رحلة خاصة بالتصوير والتقاط صور في البحر، والتركيز على حياة الغواصين، نظمتها دائرة المطبوعات والنشر، وليقوم في السنة التي تلي الرحلة بتأليف كتابه «تاريخ الكويت» عام 1956، وبعدها توالت المؤلفات الخاصة بتاريخ وتراث الكويت، ليستقيل - رحمه الله - من الإعلام ويعود بعدها الى وزارة الصحة حتى تقاعد منها.الدواوين القديمة
انتفض، يرحمه الله، عندما علم بأن هناك أوامر من بلدية الكويت بهدم الدواوين القديمة على البحر، فذهب الى الشيخ جابر الأحمد، ليطلب منه إيقاف الهدم، لما في ذلك من تدمير للتراث القديم، فأمر الأمير، يرحمه الله، بإيقاف الهدم، لتبقى دواوين الشملان، والعسعوسي، والنصف، والبدر، والخالد والروضان، تروي للأجيال حكايات رويت بين جدرانها، كما تعبّر عن تصميم العمارة الكويتية القديمة، أما ديوانه الكائن في منطقة الدعية، فقد حوّله إلى متحف لجمع المقتنيات الكويتية النادرة على مر التاريخ، ليكون متحفا شعبيا افتتحه عام 1972 تحت اسم متحف الشملان، ولتنطلق بعده إنشاء متاحف شعبية أخرى تعود إلى مجموعة من المولعين بالتراث.فيلم بَس يا بحر
كان له دور كبير في فيلم «بس يا بحر»، إذ فتح ديوانه ومنزله للتصوير، وتزويد المخرج بكل ما لديه من القطع الأثرية التي تخصّ البحر، وأمده بالملاحظات والذكريات الخاصة بمهنة الغوص للحفاظ على تاريخ الآباء والأجداد ولخدمة الغوص والبحر.لم يكتف الراحل بدراسة علوم البحر والغوص، فأحب البيئة الصحراوية الكويتية، وراقب حركة الطيور فيها ومواسمها، وأثرى الباحثين فيها بمعلومات مهمة عنها.السيرة الذاتية
• الاسم: سيف بن مرزوق بن شملان بن علي آل سيف• الميلاد: 1926 (فريج الشملان) منطقة شرق• 1952 نال دبلوم الصحافة بالمراسلة من مصر.• 1953 موظف في وزارة الصحة.• 1965 معد ومقدّم البرنامج التاريخي «صفحات من تاريخ الكويت».• 1965 عضو مؤتمر الأدباء الخامس في بغداد.• 1977 عضو مؤتمر المؤرخين العرب والأجانب بالدوحة.• 1980 عضو مؤتمر التراث الشعبي في بغداد.• 2000 نال جائزة الدولة التقديرية عن عام 2000.مؤلفات وجوائز
كتب، يرحمه الله، العديد من المؤلفات والكتب، ومن أبرزها:- «من تاريخ الكويت» عام 1959.- «تاريخ الغوص على اللؤلؤ في الكويت والخليج العربي» عام 1975.- «الألعاب الشعبية الكويتية» عام 1970.كما قام بالتعليق والتقديم لكتاب «أربعون عاما في الكويت... مذكرات فيوليت ديكسون»، رغبة منه في إثراء المكتبة العربية، وقام بالكتابة عن الغوص على اللؤلؤ وترجمته الى اللغة الإنكليزية وطباعته في لندن، وقد أثنى عليه الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد لهذ العمل الكبير، كذلك عمل على مراجعة العديد من الكتب العربية القديمة والحديثة، وله مقالات كثيرة عن الكويت وقطر نشرها في مجلة البعثة، التي كانت تصدر في مصر منذ عام 1946، ثم توقفت.نال الكثير من الجوائز، منها جائزة الدولة التقديرية عن عام 2000، تقديرا لمجهوداته وخدماته للكويت.و«الجريدة» التي آلمها هذا المصاب تتقدم إلى أسرة الفقيد بأحر التعازي، سائلة الله تعالى أن يسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان، و»إنا لله وإنا إليه راجعون».