هل سياسة بايدن الخارجية نسخة من سياسة ترامب؟
![ناشيونال إنترست](https://www.aljarida.com/uploads/authors/809_1687281767.jpg)
فيما يخص اتفاق "أوكوس" ثم الوفاق الدفاعي اللاحق بين اليونان وفرنسا تجاه تركيا، من الواضح أن حقبة الاصطفافات الأيديولوجية الكبرى انتهت، وحان الوقت للعودة إلى الاتفاقيات الصغيرة التي تقتصر على الجوانب العسكرية والاستراتيجية. عملياً، يعكس هذا الوضع المعايير التي كانت قائمة قبل الحرب العالمية الأولى ولا يُعتبر عاملاً سلبياً، وتضمن هذه الاتفاقيات تقاسم الأعباء وتكون محدودة ومستهدفة وتمنع الحروب الأيديولوجية، كما أنها تفضّل القوى العظمى بطبيعتها على الدول الصغيرة الناشطة التي تتمتع بنفوذ متفاوت وتحمل أجندة أيديولوجية، وهي تحرص على إعادة الأوضاع إلى طبيعتها بشكل عام. على صعيد آخر، ادعى هاس أن الولايات المتحدة كان يُفترض أن تتابع حراسة أفغانستان والشرق الأوسط، لا سيما بعد اعتراف كبار القادة العسكريين الأميركيين بأن الوضع الاستراتيجي ما كان ليتغير، لكنه ادعاء سخيف، ففي المقام الأول، لم تنسحب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، إذ لا يزال الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية متمركزاً في البحرين مثلاً، كما أن الفكرة القائلة إن منطقة الشرق الأوسط تساوي بأهميتها الاستراتيجية غرب أوروبا أو شرق آسيا ليست دقيقة. نظرياً، لا يستطيع أي طرف هناك إطلاق غزو بحري ضد البر الأميركي، وما من تهديدات على الوجود الأميركي في تلك المنطقة.أخيراً، اعترف هاس بأن تبديد الثروات والطاقة البشرية تزامناً مع إضعاف البلد مقاربة غبية، لكنه تكلم أيضاً عن استمرارية الاستراتيجية الأميركية الكبرى، فأثبت بذلك أنه لا يفهم وجهة العالم اليوم ولا شكل النظام المقبل، وإذا كان أساس التحليل شائباً بهذه الطريقة، فلا مفر من أن تكون السياسات اللاحقة شائبة بالقدر نفسه، إذ تنشأ أي سياسة بعدما ينجح المحلل في توقّع النظام المرتقب، ويدفع التراجع النسبي أي قوة عظمى إلى الحد من الخسائر والانسحاب والتعافي، في حين تتقاسم الأطراف الأخرى الأعباء والخسائر البشرية، ويؤدي التراجع المطلق إلى الانهيار أو انتشار الخوف واندلاع الحروب وتوسيع المهام، مما يُمهّد للانحطاط أو الانفجار الداخلي، وما من أسلوب مُلَطّف لطرح الوقائع: من الواضح أن حقبة الهيمنة الأميركية انتهت، فهذا الوضع ليس مفاجئاً لأن الهيمنة غير قابلة للاستمرار ولا مفر من أن تستنزف موارد أي بلد، لكن إذا كانت الولايات المتحدة تحتاج إلى الحفاظ على مكانتها الطاغية في العالم، فيجب أن تتقاسم معها القوى والدول الحليفة الأخرى الأعباء تزامناً مع إلحاق الخسائر بالأعداء، ولتحقيق هذا الهدف، تبرز الحاجة إلى الانسحاب من المناطق السامة وتسليم أمن بعض المساحات إلى الخصوم، حيث سيكون جزء من هذه القرارات أحادي الجانب، وغالباً ما يُطرَح أمام الرأي العام الأميركي على شكل خطابات ذات طابع قومي مفرط.* سومانترا مايترا