كشف المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران، الذي بدأ جولة إقليمية تشمل الإمارات والسعودية وقطر، أمس الأول، أن دول المنطقة وأعضاء «الاتفاق النووي»، المبرم عام 2015، كثفوا مشاوراتهم بشأن «بدائل غير دبلوماسية» في التعامل مع طهران، نظراً إلى احتمال انهيار محادثات فيينا الرامية إلى إحياء الصفقة الذرية المقيدة لبرنامجها النووي.وقال روبرت مالي، قبيل بدء زيارته لدول الخليج التي تمتد حتى 21 الجاري: «لاتزال الولايات المتحدة تفضل الدبلوماسية»، لكنه أشار إلى أن «المشاورات بشأن الخيارات الأخرى في تزايد».
وجدد المبعوث الأميركي الخاص أمله بالعودة المتبادلة إلى تطبيق الاتفاق النووي الإيراني، الذي انسحبت منه الإدارة الأميركية السابقة عام 2018، معيدة فرض العديد من العقوبات على طهران.
تحذير فرحان
وجاءت جولة المسؤول الأميركي بعد ساعات من عقده مباحثات في واشنطن، مع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، الذي حذر من أن المنطقة «تدخل مرحلة خطيرة مع تسريع إيران أنشطتها النووية بما يتجاوز التزاماتها الدولية».وبحث بن فرحان مع مالي سبل تكثيف الجهود المشتركة للتصدي للانتهاكات الإيرانية للاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بالاتفاق النووي. كما تناول الجانبان «أهمية تعزيز العمل المشترك لوقف الدعم الإيراني للميليشيات الإرهابية التي تزعزع الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط والعالم».وفي تصريحات منفصلة، أكد بن فرحان، عقب لقاء نظيره الأميركي انتوني بلينكن، ضرورة التوصل إلى اتفاقية حقيقية وجوهرية وفعالة لمنع انتشار الأسلحة النووية ولمعالجة التوترات الإقليمية.وحول الخطة البديلة «ب» والخيارات التي تدرسها الإدارة الأميركية ضد طهران، قال: «من المهم أن تكون جميع الخيارات مطروحة على الطاولة، وأن تكون هناك أدوات كافية لتشجيع طهران على القدوم إلى طاولة لمناقشة القضية النووية، والقضايا ذات الاهتمام الإقليمي».وأشار الوزير السعودي إلى بدايات «حوار استكشافي ودّي لكنه لم يحقق تقدما ملموساً» مع إيران، وقال: «نحن ملتزمون مواصلة هذه المناقشات، وإيجاد طريق للمضي قدماً لتحقيق الاستقرار والرخاء».بروز وعدم استعداد
ويأتي بروز المداولات بشأن «الخيارات غير الدبلوماسية» ضد طهران، في ظل حديث عن تقارب أميركي إسرائيلي بشأن التعامل مع الملف النووي الإيراني، وتأكيد دبلوماسي أوروبي أن الوفد الإيراني غير مستعد في الوقت الحالي للعودة إلى طاولة مفاوضات فيينا التي توقفت بعد الجولة السادسة في يونيو الماضي. في غضون ذلك، قال مسؤول إسرائيلي كان حاضرا محادثات الوفد الدبلوماسي مع المسؤولين الأميركيين في واشنطن، إن إسرائيل مسرورة لأن إدارة الرئيس جو بايدن اتخذت موقفاً أكثر صرامة تجاه الجمهورية الإسلامية. وشدد على أن طهران يجب أن تشعر بأنها «محاصرة». في موازاة ذلك، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية أن على إيران أن تظهر للقوى العالمية عزمها على مواصلة محادثات الاتفاق النووي في فيينا.محورية ولعبة
في هذه الأثناء، أعرب وزير الخارجية الصيني وانغ يي، في اتصال هاتفي ليل الجمعة- السبت، لنظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان عن دعم بكين لاستئناف مفاوضات فيينا.وقال وانغ إن بكين تتفهم الموقف الإيراني بشأن المسألة النووية المتمثل في الدفاع عن المصالح الوطنية، وتود العمل مع كل الأطراف في الترويج للسلام الإقليمي والاستقرار من خلال تسهيل المباحثات.وسلط تقرير لوكالة «بلومبرغ» الأميركية الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه الصين في التأثير بالملف النووي الإيراني، وما ستؤول إليه مفاوضات فيينا بين طهران والقوى العالمية.ونقلت الوكالة الأميركية عن خبراء أمنيين كبار، قولهم إنه مع اقتراب الجولة السابعة من المفاوضات، فإن نجاحها أو فشلها سيكون محكوماً بموقف الصين المحوري.وتساءل مستشارو السياسة، الذين استعانوا بنظريات وأساليب لتقييم النتائج المحتملة، مثل «نظرية الألعاب»، ما إذا كانت بكين ستنضم إلى واشنطن في عملية الضغط على إيران للعودة إلى الصفقة النووية، أم انها ستترك إيران في مأزق، وتعرض عليها سوقاً عملاقة لنفطها؟ورغم تصريح عبداللهيان، في وقت سابق، بأن حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي لا ترغب في الاستغناء عن الغرب، فإن مسار تعزيز العلاقات بين إيران والصين آخذ في التنامي على نحو لافت منذ إبرام اتفاق تعاون مثير للجدل يمتد إلى «ربع قرن» بينهما، وسماح الأخيرة للجمهورية الإسلامية بالانضمام إلى منظمة «شنغهاي للتعاون»، وهو ما يشير إلى احتمال اعتماد طهران على الشرق للالتفاف على العقوبات الأميركية.اجتماع ثلاثي
من جانب آخر، صرح السفير الإسرائيلي لدى روسيا، ألكسندر بن تسفي، بأن تل أبيب اتفقت مع روسيا والولايات المتحدة على عقد لقاء على مستوى رؤساء مجالس الأمن، لمناقشة الوضع في سورية وإيران وقضايا أخرى بالمنطقة.وقال السفير الإسرائيلي: «حتى الآن لا يوجد سوى فكرة. لم يتم تحديد الموعد أو المكان بعد. من جانبنا، نحن على استعداد لاستضافة الوفود، لكن هذا لم يتقرر بعد».وأمس الأول، أفاد تقارير لصحيفة عبرية، بتقلص أنشطة إيران في دمشق، وخفض عدد العناصر المسلحة الموالية لها إلى النصف خلال الفترة الماضية، في ظل القصف الجوي المنسوب لإسرائيل في وسط وشمال سورية، إلى جانب «ضغوط روسية وسورية على الإيرانيين».مصر والمغرب
على صعيد منفصل، صرح المدير العام لدائرة الشرق الأوسط في الخارجية الإيرانية، مير مسعود حسينيان، بأن بلاده ترغب في إقامة علاقات ودية مع مصر والمغرب، مؤكداً في الوقت ذاته أن تحسن العلاقات مع السعودية سينعكس إيجاباً على علاقة إيران مع عدد كبير من دول الخليج وشمال إفريقيا.وقال حسينيان: «لدينا الآن مشكلتان رئيسيتان في التعامل مع القاهرة. فمنذ نحو عامين، تم الاستيلاء على سفينة نفط إيرانية من قبل مصر بذرائع كاذبة ودون تقديم أي دليل. ومن ناحية أخرى، حكم علی عدد من السجناء الإيرانيين بالإعدام بتهمة تهريب مخدرات»، موضحا أن بلاده تسعى لتعليق تنفيذ الحكم الذي ينتظر موافقة الرئيس عبدالفتاح السيسي.