شخص وزراء ومسؤولون تربويون سابقون أسباب تدني التعليم في البلاد، معتبرين في تصريحات متفرقة لـ«الجريدة» أن عدم استقرار الأنظمة التعليمية وغياب دور المجلس الأعلى للتعليم والمركز الوطني لتطوير التعليم، إضافة إلى تدخلات السلطة التشريعية ممثلة باللجنة التعليمية البرلمانية، هي الأسباب الرئيسية لتدهور التعليم.بداية، أكد وزير التربية الأسبق د. بدر العيسى أن أسباب تدهور التعليم ترجع إلى عوامل متعددة، منها الطالب نفسه والأسرة وكذلك الإدارات المدرسية ومؤسسات الدولة والمجلس التشريعي، مضيفا أن بعض الطلاب يعتمدون على الغش ويبحثون عن وسائله الحديثة للوصول إلى هدف الشهادة فقط دون معرفة، وهذه النوعية من الطلاب لا ترغب في التعليم وإنما الحصول على الشهادة فقط.
وقال العيسى، إن "السلطة التشريعية ممثلة باللجنة التعليمية لعبت دورا كذلك في تدني مستوى التعليم في البلاد، إذ إننا دائما نجد أعضاءها يطالبون بقرارات شعبوية وأغلبها مضرة بالتعليم، لافتا إلى أن "التربية" مر عليها أكثر من وزير وكل وزير يضع تصورات ليأتي من يخلفه وينسفها، وهذا أحد أسباب تراجع التعليم، فعلى سبيل المثال تم وقف برامج تطوير التعليم التي وقعت مع البنك الدولي ولم نجن ثمارها بسبب هذا التوقف المفاجئ دون انتظار عمل البرنامج كاملا وتقييم نتائجه".وأشار إلى أن "مستوى خريجي الثانوية منخفض جدا، والطالب الجامعي بشكل عام ليس لديه أسلوب الحوار، بل هو فقط يقوم بحفظ المادة ويضعها في الاختبار، والطالب الضعيف بالحفظ يلجأ إلى الغش للحصول على الدرجات".وحول فكرة أن يكون الغزو العراقي الغاشم قد ساهم في تدني التعليم، أوضح أن المجتمعات بطبيعتها تتغير ويجب مواكبة هذه التغيرات، حتى في المجتمعات التي لم تتعرض للغزو هناك تغيرات تحصل وعمليات تطوير التعليم ليست جامدة وهي مستمرة، وأي برنامج تعليمي يجب أن يخضع للتطوير كل 4 أو 5 سنوات، لافتا إلى أن من بين الحلول أن يتم نقل تبعية المركز الوطني لتطوير التعليم إلى مؤسسة الكويت للتقدم العلمي للعمل على إصلاحه وتهيئتهم لخدمة التعليم.
برامج الجودة
بدورها، ذكرت وكيلة التعليم العام بوزارة التربية السابقة منى اللوغاني أن مشكلة التعليم في الكويت هي في عدم وجود رؤية واستراتيجية واضحة ومستقرة، مبينة أن الإنفاق الحكومي على التعليم كبير ويعادل تقريبا ربع ميزانية الدولة، وكانت هناك برامج وخطط تطوير لكنها لم تأت ثمارها، والمؤشرات تؤكد أن مستوى التعليم في الكويت غير جيد، موضحة أن السبب يكمن في عدم تطبيق برامج الجودة بالشكل الصحيح.وأضافت اللوغاني: "لقياس مستوى المخرجات علينا متابعة الخريجين، ومدى استمرارهم في التعليم الجامعي والانتقال إلى سوق العمل"، مشيرة إلى أن فترة الغزو قد تكون ساهمت في تأثيرها على التعليم بشكل جزئي، لكن تغيرات المجتمع لعبت دورا كبيرا وقد يكون الغزو دافعا لنكون أفضل بالتعليم".واستطردت: "أولا علينا تشخيص واقع التعليم وتحديد مكامن الخلل ومعرفتها بشكل دقيق وتحديد أسبابها، ثم العمل على تطبيق برامج جودة التعليم، وتحسين مستوى المعلم لأنه هو المتعامل المباشر مع الطالب، والنظر إلى تأهيله قبل المهنة وما هي برامج كليات اعداد المعلم".من جانبه، قال وكيل التعليم العام الأسبق محمد الكندري إن اللجنة التعليمية فاقدة لدورها الحقيقي المنوط بها، وكذلك المجلس الأعلى للتعليم مجلس صوري وليس له دور واضح في رسم السياسات التعليمية، مضيفا أن ما يحدث أن وزير التربية هو من يضع خطط الوزارة وسياساتها، وبمجرد تغييره يتم نسف كل شيء والبدء من جديد.وأشار الكندري إلى أن عدم استقرار الأنظمة التعليمية وتغيرها بشكل مستمر خاصة بعد فترة الغزو العراقي الغاشم ادى إلى تراجع التعليم في الكويت، مؤكدا "أننا متى ما عرفنا الأسباب فسنضع الحلول وستكون سهلة".ولفت إلى أن "الغش أحد أسباب هذا التدني وعلى التربية أن تراعي هذا الجانب بأن تعتمد الاختبارات على قياس مهارات الطالب وليس الحفظ، وهذا سيقضي إلى حد ما على الغش".حمد المطر: الفساد سبب رئيسي للتراجع
أكد رئيس اللجنة التعليمية البرلمانية النائب د. حمد المطر أن "الفساد هو السبب الرئيسي لتراجع الدولة في كل شيء، ومنها تدهور التعليم، وإذا لم نتدارك أزمة التعليم فسيكون التراجع كبيرا، حيث إن تراجع سنة في التعليم يؤدي إلى تراجع 10 سنوات في التنمية"، مضيفا أن "اللجنة التعليمية" مسؤولة عن هذا التراجع، لكن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الحكومة بلا أدنى شك، لأنها تمتلك المقومات اللازمة لتنفيذ الخطط الخاصة بالنهوض بالتعليم.وأضاف د. المطر لـ«الجريدة» أن إصلاح التعليم بحاجة إلى رغبة جادة من جهات الاختصاص، مبينا أن "ما طرحه سمو رئيس الوزراء في حديثه قبل أيام عن رؤيته، لو تم تطبيقه بشكل صحيح فستنتقل الكويت نقلة نوعية على كل الصعد، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل لديه وحكومته القدرة؟ أنا أشك بصراحة، لوجود خلل كبير في ترجمة ما نقوله على أرض الواقع".وأشار الى أن آلية تعيين الجهاز التنفيذي بالدولة كلها تخضع للواسطة والمحسوبية، وهذا سبب من أسباب التراجع في كل المستويات، مشددا على أن "المطلوب أن تسعى كل مؤسسات المجتمع المدني إلى وضع التعليم كأولوية، وعدم التفريط به لارجاع الطالب إلى سابق وضعه".