محكمة التمييز: القضاء مختص بمنازعات العسكريين المالية باعتباره صاحب الولاية
«حق التداعي الجماعي مقيد برابطة ومصلحة»
في حكم قضائي بارز، أكدت محكمة التمييز الإدارية والمدنية، برئاسة المستشار فؤاد الزويد، اختصاص القضاء الإداري العادي في منازعات العسكريين المالية، باعتباره صاحب الولاية العامة بالفصل في جميع المنازعات، رافضة الدفع المقام من إدارة الفتوى والتشريع، المدافعة عن وزارة الدفاع.وقضت «التمييز» بإلغاء حكم الاستئناف وبإعادة القضية الى محكمة أول درجة، للنظر في أحقية 6 عسكريين ضد وكيل وزارة الدفاع، بطلب أحقيتهم برواتبهم ومكافآتهم بعد تمديد خدمتهم كعسكريين في الوزارة منذ عام 2013، إلّا أن الوزارة، بعد عملهم لأكثر من عامين بعد التمديد، أنهت خدماتهم دون منحهم رواتبهم أو مستحقاتهم وفق ما ورد بالدعوى.وقالت في حيثيات حكمها إن الحكم الصادر من محكمة أول درجة بعدم قبول الدعوى لانتفاء صلة المدّعين والمؤيد من محكمة الاستئناف مخالف للقانون، وذلك لتمتّع جميع رافعي الدعوى بالمصلحة المقررة لرفع الدعوى القضائية.
وأضافت «التمييز»، في حكمها، أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المصلحة في الدعوى - على ما تقضي به المادة الثانية من قانون المرافعات - لا تهدف الى حماية الحق أو اقتضائه فحسب، وإنّما قد يُقصد بها مجرد استيثاق المدعى لحقه، حيث لا يلزم أن يكون له حق ثابت وقع عليه العدوان حتى تُقبل دعواه، بل يكفى، حتى تكون دعواه جديرة بالعرض أمام القضاء، أن يكون ادعاؤه بحق أو مركز يحميه القانون أو ينازعه فيه المدعى عليه، ومن ثم تعود على المدعي الفائدة من رفع الدعوى لتقريره. وأضافت أن مفاد نص المادة الثانية من قانون المرافعات - على ما أوردته المذكرة الإيضاحية - أنه يجب أن يتوافر في المصلحة خصائص ثلاث هي: أن تكون شخصية وقانونية وقائمة، والمقصود بالخصيصة الأولى أن تكون لرفع الدعوى صفة بأن تكون دعواه هو وليست دعوى غيره، ويجب أيضا أن يكون في حالة قانونية خاصة تتعلّق بحق ذاتي له اعتُدي عليه، ولا تكفي المصلحة المحتملة ما لم يكن هناك بحسب الظروف والأحوال ضرر محدق من اعتداء وشيك يستهدف رافع دفعه.وإن حق التداعي الجماعي مقيّد بقيد موضوعي، هو قيام رابطة ومصلحة تبررانه وتحقيق كل من هذين الأمرين هو تحقيق لأمر موضوعي لا أمر شكلي، فإذا لم تقم الرابطة والمصلحة معا، امتنع الجمع.وأنه ولئن كان تحرّي الصفة والتعرّف على حقيقة العلاقة التي تربط طرفي الخصومة، وهو مما تستقل به محكمة الموضوع، بما لها من سلطة تامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى، والأخذ بما تطمئن إليه من الأدلة واطراح ما عداه، إلّا أن ذلك مشروط بأن تقيم حكمها على أسباب سائغة ومستندة الى ما هو ثابت بأوراق الدعوى، وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت اليها.وقالت المحكمة إن المقرر أن ما تقضي به المادة الأولى من قانون تنظيم القضاء أن المحاكم هي صاحبة الولاية العامة للقضاء، فتختص بالفصل في جميع المنازعات أيا كان نوعها، وأيا كان أطرافها، ما لم يكن الاختصاص بالفصل فيها مقرراً بنص خاص لجهة أخرى دون غيرها، وأن المشرع بمقتضى المادة 1 من القانون رقم 20 لسنة 1981 قد أنشا دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية، واختصّها دون غيرها بالمسائل المتعلقة بشؤون الموظفين المدنيين، والتي أوردتها تلك المادة في بنودها الأربعة، ومن بينها ما جاء بالبند (أولا) منها، وهي المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت والعلاوات المستحقة للموظفين المدنيين أو لورثتهم. أما ما عداها من منازعات خاصة بمستحقات مالية للعسكريين، فإنها وإن خرجت عن نطاق اختصاص القضاء الإداري، إلا أنها تدخل في عموم اختصاص القضاء العادي، باعتباره صاحب الولاية العامة في الفصل بجميع المنازعات.وأضافت أن المنازعة المطروحة تتعلق بمطالبة بمستحقات مالية للمستأنفين قبل المستأنف ضده بصفته، وكان المستأنف من العسكريين، ومن ثم فإن الاختصاص بنظر هذه المنازعة ينعقد للقضاء العادي - وحده - باعتباره صاحب الولاية العامة في الفصل في جميع المنازعات، مما يكون معه الدفع المُبدى من المستأنف ضده بصفته بعدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر المنازعة على غير سند، خليقا بالرفض، ومن ثم فإن هذه المحكمة تمضي في نظر موضوع الدعوى الراهنة.ولمّا كان من المقرر الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بصحيفة واحدة من متعددين لا تربطهم رابطة هو في حقيقته دفع شكلي يتضمّن الاعتراض على شكل إجراء الخصومة وكيفية توجيهها، ولا يعد دفعا بعدم القبول، ومن ثمّ فإن قبول محكمة أول درجة الدفع لا تستنفد به ولايتها في نظر الموضوع.