مرافعة: التعويض العادل
ندرة التعويضات التي تصدرها بعض الهيئات القضائية في المنازعات التي تعرض أمامها تثير مسألتين يتعين النظر بشأنهما، الأولى مراجعة أحكام التعويض الواردة في القانون، والنظر في إمكانية إعداد جداول للتعويض على غرار جدول الديات، أو أن يتم النص على أحكام جديدة تنظم مسائل التعويض عن الإساءة للسمعة والاعتبار والشرف والحط من الكرامة، بعيداً عن أحكام التعويض الجابر للضرر وأحكام المسؤولية التقصيرية الواردة في أحكام القانون المدني.والمسألة الثانية هي مراجعة الأحكام الصادرة من الهيئات القضائية خلال السنوات الخمس الأخيرة من كل الدرجات وعلى نحو عشوائي للنظر في قدر الأحكام وندرتها في تقرير التعويض ومقارنتها مع فكرة التعويض وعناصره وصولا إلى دراسة حجم التعويضات الصادرة، وكيفية النظر إلى الأضرار الأدبية أو المادية.وفكرة التعويض الجابر للضرر لم تعد اليوم مقبولة وفق قلة مقدار أحكام التعويض التي تصدرها بعض الهيئات القضائية والتي لا تتلاءم مع فكرة التعويض العادل للمضرور، وهي أيضاً يجب ألا تكون مصدراً للإثراء، وإنما للتعويض العادل والمنصف وفق ما وقع من أضرار أدبية وحسية ومعنوية على الشخص المصاب بسوء السمعة والاعتبار وإلى أضرار مادية.
ولا يمكن أن يكون التعويض العادل اليوم بمعدل لا يجاوز مقدار الرسوم المسددة للمحكمة بطلب التعويض أو حتى يتلاءم مع طول انتظار موعد المحاكمة للفصل في الدعوى أو حتى بقيمة الأتعاب المسددة للمحاماة، وهي اعتبارات هامة تتصل بعناصر الضرر يتعين بحثها ومناقشتها للوصول إلى اعتبارات جديدة من شأنها أن تصل إلى التعويض العادل الذي يتعين على العدالة النظر إليه، وليس للتعويض الجابر للضرر الذي يعد مقداره متفاوتاً بين قاض وآخر، ولا يحقق البتة إلى فكرة التعويض العادل الذي يسهم على نحو متكافئ ومتوازن بحقوق المضرور.وعليه يتعين عند الحكم في التعويض النظر إلى الأضرار الأدبية والمادية التي أصابت طالب التعويض، وذلك ببحث عناصر الضرر الأدبي الذي نال من السمعة والكرامة والاعتبار والشرف، وكذلك الضرر المادي الذي أصاب طالب التعويض على نحو مباشر في جسده وممتلكاته وماله، وما تسبب الضرر له من فوات الكسب له وما ألحق به من خسارة.