ما بين «الساحاتقراطية» و«الصندوقراطية»
![د. بلال عقل الصنديد](https://www.aljarida.com/uploads/authors/279_1682431680.jpg)
وفي عالمنا العربي، أدى التناوب بين استخدام الشارع والصندوق بما يخدم تطلعات الشعب الى تناقض المواقف بين قبول ورفض لهذه الآلية أو تلك! ففي حين كانت "ثورة 25 يناير" نافذة الخلاص للشعب المصري الذي أدت "ساحاتقراطيته" الى وصول جماعة "الإخوان المسلمين" للحكم، تمسّكت الجماعة نفسها بـ"بالصندوقراطية" للتمسك بـ"شرعية" حكم "مرسي" ولرفض نتائج "التفويض الشعبي" الذي أفرزته الساحات في "30 يونيو" لتكريسه كيوم تغييري جديد. أما في تونس التي أشعلت شرارة "الربيع العربي" فقد وصل الرئيس "سعيّد" الى سدّة الرئاسة بآليات الديموقراطية التي أعقبت حيوية الساحات، ومن ثم بعد تمكّنه من أدوات الحكم أثار النقاش حول تقييم إجراءاته التي اتخذها بقناعة منه أنها لخدمة الشعب والديموقراطية، والتي أدت في الوقت نفسه الى تعطيل المؤسسات الدستورية التي اختارها المواطنون التونسيون. الوطن العربي، في القرن الحادي والعشرين، يحتاج الى وقفة مع الذات يتخلص على أثرها من كل أعباء القرن الماضي بما شهدت معه بلداننا من استعمار خارجي أو تسلّط داخلي، والباب مفتوح أمام شعوبنا لاستخدام الديموقراطية الغربية كأداة رئيسة للتغيير أو لابتكار آليات ديموقراطية جديدة تتوافق مع طبيعتنا العاطفية ومنطق تفكيرنا المتأثر ببيئة تحكمها التقاليد والأعراف والتعاليم الدينية.ما يهم في هذا الشأن هو تكريس القناعة بأن "الديموقراطية" هي منهج حكم وحياة وليست بأي حال من الأحوال شكلاً أو إجراء أو ديكوراً يتغطى به الفاسقون أو السارقون أو الطامعون للجمع بين الجاه والمال والسلطة، فالعبرة هي في قدرة الشعب على حسن الاختيار، وفي الإرادة باحترام نتيجة الصندوق، وبعدم استخدام لغة الشوارع ومنطق القوة والسلاح للانقلاب على ما أفرزته الآليات الديموقراطية.ديموقراطية الصندوق هي المبدأ الذي لا يمكن الخروج عنه- إلا استثناء- بديموقراطية الساحات التي إذا ما قالت كلمتها الصادقة والموحّدة هزّت العروش وقلبت الموازين.* كاتب ومستشار قانوني