زهير... نحن نسمعك
أوصلت صوتي إلى عدد من المفكرين والنخب السياسية، لكنني لم أجد أي صدى لهذا الصوت، كان ردهم أنت تحلم! ومع ذلك أردت أن أعيد عليك رسالتي علّك تسمعني، هكذا وصل الحوار مع الدكتور زهير النصار حامل الهم الوطني في جلسة أباح فيها عن ذاك الحلم. يقولون إن البلد بحاجة إلى إصلاحات سياسية واقتصادية لكن لا أحد حاول أن يرسم لنا خريطة طريق، ما سمعناه كان عبارة عن "فذلكات سياسية" حول ظواهر وأعراض للمشكلة سواء كان بالصوت الواحد أو الفرعيات أو التجنيس وخلافه. يعتقد "النصار" أن العلاج متوافر، إنما المشكلة بالتشخيص فنحن نملك القدرة ولدينا أهم أدوات التغيير نحو مجتمع ديموقراطي حقيقي وهو الدستور، فهذا المكسب "جوهرة" لم يأت هكذا، بل نتيجة تضحيات أهل الكويت، فهناك اعتقاد مغلوط عند الغالبية أن "الصندوق الانتخابي" هو قمة الديموقراطية، وهذا غير صحيح، عندنا تجربة ديموقراطية منذ الستينيات لكنها مهزوزة.
لنعترف أولاً كما يوضح "الصامت زهير النصار" أن لدينا مأزقاً وليس لدينا مجتمع ديموقراطي، فالصراخ الذي يصم آذاننا في قاعة مجلس الأمة وخارجه هو جعجعة بدون طحن، نحتاج إلى تشخيص حقيقي وواضح، وإلى رجال أصحاب فكر ومشروع وطني ديموقراطي وإلا سنبقى ندور في حلقة مفرغة. من وجهة نظر القابع في عيادته، والهادئ في طرحه، أنه لا مجتمع ديموقراطيا بدون مواطنة وسيادة القانون، فهذان الشرطان من المرتكزات والمبادئ التي يبنى عليها هذا المجتمع. ليس خطأ أن نحلم بل الخطأ أن نلهث وراء السراب ولا نتعلم الديموقراطية الحقيقية، والمواطنة الحقيقية كما يجب أن تكون، فالانطلاقة لا تحتاج إلى عنف أو ثورات أو تمرد بل إلى شيء من الرؤية لمستقبل قادم، وعقلانية بالطرح ومن رحم الدستور لا من خارجه، وكل المطلوب تفعيل مواد في هذا الدستور الذي رسم لنا طبيعة التغيير وأعطانا أدوات مشروعة لذلك، المهم أن تكون الرؤية بمجتمع ديموقراطي واضحة وبعدها سترى الناس تمشي وراءك وتتبني أفكارك لأنك أعطيتهم الأمل الواقعي وأن الحلم قابل للتطبيق. زهير النصار لديه مخزون من الوعي نابع من تجارب عايشها في بلده الكويت وأثناء دراسته في أميركا ترتكز على مبدأي المواطنة وسيادة القانون ولتحقيق هذين المبدأين، يجب أن تكون هناك قواعد للهرم الديموقراطي الذي ينتهي في صندوق الانتخابات، لذلك يرى أن المهم ليس "الصندوق" بل الآلية التي تضمن نتائج وطنية بشكل عام وللمجتمع والكل مستفيد، بحيث يتحقق السلم الاجتماعي من خلال الممارسة. دعونا نضع الآليات المستحقة لبناء مجتمع ديموقراطي حتى إن كانت تغريدة خارج إطار السرب! إذا لم يكن لدينا الجرأة على صناعة الأفكار الخلاقة وبلورتها على أرض الواقع فلن يكون بمقدورنا الادعاء بأن لدينا مجتمعا ديموقراطيا، لأننا ما زلنا حتى اليوم بعيدين جداً عن مفهوم "الحداثة" التي تقرّبنا من غاية نبيلة نسعى إليها. هذا المجتمع الذي سيكون "حبل الخلاص" لنا جميعاً كما يشرح ويستعين بتجارب حية في آسيا وأوروبا لأنه لا ديموقراطية إذا لم يكن هناك تكافؤ فرص، فهذه العلاقة الصحيحة هي التي تحكم بين الأطراف، انظروا كيف تُبنى المدن الجديدة في العالم المتحضر، وكيف تدار ومن يتولى إدارتها، إنسان ذو كفاءة لا خريج جامعة "بو طقة" ولا علاقة لنا بطائفته أو جماعته أو عائلته. وعندما نتكلم عن مجتمع ديموقراطي لا بد من "إعلام غير مُسَيس أو موجه" فالإعلام يفترض أن يكون "ضمير الأمة" وهو الرقيب على السلطات الثلاث! أما أعمدة المجتمع الديموقراطي فسنكتفي بإيرادها دون الخوض في تفاصيلها نظراً للمساحة المتاحة لنا: 1- قيام أحزاب سياسية غير فئوية. 2- قضاء مستقل وذو آليات مراقبة ذاتية. 3- تفعيل مؤسسات المجتمع المدني أحد روافد تشكيل الرأي العام والمدافع عن حقوق أصحاب المهن. 4- تجريم خطاب الكراهية.5- هيئة مستقلة بالكامل تتولى الانتخابات. تلك كانت صرخة نابعة من وجدان مواطن يحلم بوطن يحاكي مستقبل الأبناء والأحفاد، فهل من يسمع أو يستجيب؟