أكد السفير الكوري الجنوبي الجديد لدى البلاد، تشونغ بيونغ ها، أن بلاده لن تنسى فضل الكويت ودعمها لها بالنفط، عندما واجهت أزمة نفطية في سبعينيات القرن الماضي، معتبراً أن العلاقات بين الكويت وبلاده لا يمكنها أن تكون أفضل مما هي عليه اليوم، فهي شاملة جداً ونموذج يحتذى.وشدّد السفير الكوري، في حوار خاص مع «الجريدة»، على أن رؤية الكويت 2035 رؤية شاملة، متعهداً بأن «نكون شركاء أوفياء لمساعدة الكويت في رحلتها الطويلة على تنفيذ وتحقيق هذه الرؤية».
وإذ لفت إلى أن الحكومة الكويتية ساعدت بلاده في المرحلة الأولى من جائحة «كورونا»، على «إجلاء رعايانا وتكرّمت بتطعيم مواطنينا»، وصف تشونغ موقف الكويت في التعامل مع الجائحة بأنه «ممتاز جداً، بفضل استجابة السلطات الصحية الرائع والسريع في سياسة التطعيم»، متمنياً «أن نشهد قريباً بداية لنهاية الوباء في الكويت والعودة إلى الحياة الطبيعية».وفيما يلي نص الحوار.• بعد تقديم أوراق اعتمادك، لسمو أمير البلاد، ما أهم خططك لتطوير العلاقات بين بلادك والكويت؟- قدمت أوراق اعتمادي الشهر الماضي، وكان لي الشرف بلقاء سمو الأمير، وعلاقتنا لا يمكنها أن تكون أفضل مما هي عليه اليوم، فالعلاقة بين بلدينا ممتازة، ولكنني سأعمل على تطويرها وسأنقلها إلى مستوى جديد، وسأبذل جهدي لتحقيق هذا الأمر.• بعد 41 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية الكورية ـــ الكويتية، كيف تقيّم العلاقات بين البلدين؟- كما سبق أن ذكرت، فعلاقتنا ممتازة، ويمكننا وصفها بأنها "شاملة جداً"، وقد وسّعنا هذه العلاقات من خلال السياسة والاقتصاد والعلوم، وعلاقتنا نموذج يحتذى.فعندما واجهنا أزمة نفط خلال سبعينيات القرن الماضي، دعمتنا الكويت من خلال تزويدنا بكميات هائلة من النفط، ونحن لن ننسى هذا الفضل. وفي الثمانينيات، كان هناك العديد من المهندسين والعمال الكوريين الذين عملوا في بناء البنية التحتية للكويت، وساهمت الأموال التي كان يحوّلها هؤلاء الى أهاليهم، في تطوير اقتصادنا في نواحي عدة. وخلال حرب الخليج، وقفنا ودعمنا أصدقاءنا الكويتيين. واليوم، نتجه في علاقاتنا إلى مستوى جديد يشمل الطاقة والبناء والطب والرعاية الصحية والتربية وتكنولوجيا المعلومات وتطوير المدينة الذكية وتطوير المزارع الذكية.• لدى كوريا والكويت رؤية متشابهة للسلام والقيم الإنسانية... كيف يمكن للبلدين مساعدة بعضهما البعض في النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية؟- أعتقد أن رؤية الكويت 2035 هي رؤية شاملة جداً، فهي تسعى للتحضير لعصر ما بعد النفط ومعالجة تغيير المناخ، إلى جانب تحقيق أهداف اجتماعية أخرى مثل خلق فرص عمل. كذلك أعلنت كوريا عن رؤيتها من خلال "الصفقة الخضراء الجديدة" GND، وهي نوع من الاستراتيجية الوطنية لمواجهة التغيير المناخي والوباء.اذاً، نحن نتشارك في أهداف مماثلة، واذا تبادلنا خبراتنا وحكمتنا في تطوير وتنفيذ هذه الرؤى فبإمكاننا أن نستفيد معاً، من خلال تعاوننا ومساعدة بعضنا لتحقيق رؤيتنا. ونحن سنكون شركاء أوفياء لمساعدة الكويت في رحلتها الطويلة على تنفيذ وتحقيق رؤيتها 2035، كما أعتقد أن الكويت بدورها ستشاركنا بخبراتها المتراكمة، حتى تحقّق كوريا الجنوبية استراتيجيتها المرتقبة (الصفقة الخضراء الجديدة)، وأعتقد أن الشركات الكورية منخرطة بقوة للمساعدة في تحقيق رؤية الكويت.• ما أهم المشاريع التي تنفّذها الشركات الكورية في الكويت؟- أهم مشاريعنا هو "جسر جابر" الذي تم افتتاحه في مايو 2019، وأصبح معلماً كبيراً في الكويت ورمزاً للتعاون الاقتصادي بين البلدين، كما أن مهندسينا وعمالنا أنهوا القسم الأول من إنشاء مرافق استيراد الغاز الطبيعي المسال في منطقة الزور، الذي تم تشغيله بنجاح في يوليو الماضي، في ظل جائحة فيروس "كورونا"، وأنا فخور بهذا العمل الضخم والرائع.أضف إلى ذلك، أن الشركات الكورية ساهمت أيضا في تنفيذ عدد من المشاريع الرئيسية الضخمة مثل مشروع بناء مصفاة الزور الجديدة، ومشروع الوقود البيئي بمصفاة ميناء الأحمدي، وأنا أتطلّع لحصول شركاتنا على حصة في بناء من مدينة جنوب سعد العبدالله الإسكانية، كما نبحث توفير بعض الخدمات الصحية في "مستشفى الجهراء الجديدة".• كم يبلغ عدد الشركات الكورية في الكويت؟- لدينا 13 شركة كبيرة، وكان عددها أكبر قبل الجائحة، لكن أعتقد أنه بعد عودة الحياة إلى طبيعتها، سيرتفع عدد هذه الشركات، للمساهمة في مشاريع حكومية.ورغم مواجهتنا للجائحة والعوائق التي تنبثق عنها، فإننا والكويت نحافظ على تعاوننا الاقتصادي، وبلدانا يسعيان للمحافظة على قوة الدفع وتعزيز اقتصادنا، لذلك في بعض الأحيان، يتم منحنا تأشيرات خاصة لاستقدام بعض العمالة (مهندسون وتقنيون وعمال) للانتهاء من أعمال غير منجزة، وبإمكاني القول، إنه حتى خلال الجائحة، عززنا علاقتنا لإنجاز مهمتنا.ودعني أذكر، أنه في خلال المرحلة الأولى من بداية الجائحة، ساعدتنا الحكومة الكويتية على إجلاء رعايانا إلى سيول، وفي مرحلة التطعيم، تكرّمت الحكومة الكويتية بتطعيم مواطنينا، وتحديداً المهندسين والعاملين في المواقع.• كم يبلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين البلدين؟- وصل في مرحلة ما إلى 20 مليار دولار عام 2012، لكنه شهد أخيراً انخفاضاً بسبب جائحة "كورونا"، والعام الماضي بلغ حجم التجارة 6.5 مليارات دولار، وأعتقد أننا إذا عدنا إلى الحياة الطبيعية، يمكن لهذا التبادل أن يعود للانتعاش تدريجياً.• هلّا حدثتنا عن التعاون الثنائي فيما يتعلّق بجائحة "كورونا"؟- تبادلنا الخبرات العام الماضي، وتشاركنا بالمعلومات من خلال الاجتماعات الافتراضية بين جامعاتنا وبين مسوؤلي الصحة للاستجابة لهذه الجائحة، وعلى الأرض، سمحت الكويت للعمال الكوريين بمواصلة أعمالهم في المشاريع الحكومية حتى خلال الجائحة.• إذاً، كيف تقيّم موقف الكويت في التعامل مع جائحة "كورونا"؟- ممتاز جداً، فأنا عندما وصلت إلى الكويت منذ 4 أشهر، كانت حالات الإصابات أكثر من ألف إصابة، أما اليوم، فنحن نتحدّث عن بضع إصابات، وهذا يعود لاستجابة السلطات الصحية الرائع والسريع في سياسة التطعيم، وأعتقد أن نحو 70 في المئة من الموجودين في الكويت تم تطعيمهم، واليوم، نتحدث عن الدفعة المعززة (التطعيم الثالث)، وأتمنى أن نشهد قريباً بداية لنهاية الوباء في الكويت والعودة إلى الحياة الطبيعية قريباً.• متى سيتم فتح باب التأشيرات للسياحة مجدّداً؟- أتمنى أن نفتح باب التأشيرات اليوم قبل الغد، لكن الأمر بمجمله يعتمد على الوضع العام. ورغم أننا لم نبدأ بعد بمنح التأشيرات السياحية، لكننا في المقابل نصدر تأشيرات للمسؤولين الحكوميين وللحالات الإنسانية والطبية وللطلاب، ضمن شروط محدّدة.مع العلم أن الكويتي لا يحتاج إلى تأشيرة لدخول كوريا، لكنه يحصل عليها فور وصوله إلى سيول.• كيف تقيّم الدور الذي تؤديه الدبلوماسية الكويتية في حفظ السلام وتسوية النزاعات الإقليمية والدولية؟- شهدت كوريا والكويت حروباً مدمّرة. فنحن عشنا الحرب الكورية في الخمسينيات، كما أن الكويت عاشت محنة الغزو العراقي. لذلك، نحن نعي أهمية السلام للتنمية الدولية، وأعتقد أن الكويت أدت دوراً مهماً على الصعيد الإنساني، مما جعل منها مركزاً إنسانياً عالمياً في العالم، باعتراف من الأمم المتحدة في عام 2014، كما أُثمن جهود الكويت بشأن المصالحة الخليجية الشاملة، والتي صبّت في إطار المصلحة العربية المشتركة، وأعتقد أن الكويت تلهمنا دائماً في مجال والسلام وفي مجال العمل الانساني.• كم يبلغ عدد أفراد الجالية الكورية في الكويت؟- في السابق كانوا بضعة آلاف، لكن اليوم باتوا نحو 600 وأعتقد أن هذا العدد سيرتفع مع عودتنا إلى الحياة الطبيعية، والشركات الكورية بانتظار بعض المناقصات على مشاريع حكومية، وعندها يمكننا رؤية المزيد من الكوريين في الكويت.
المسيرة الدبلوماسية
• حدثنا عن خلفيتك الدبلوماسية، وأين عملت قبل وصولك إلى الكويت؟- بدأت مسيرتي الدبلوماسية في وزارة الخارجية عام 1993، وأول مهمة لي كقنصل كانت في مدينة سياتل الأميركية برتية قنصل، وبعدها خدمت في إيران، وتم تعييني في عام 2012 مديراً لإدارة شؤون الشرق الأوسط بوزارة الخارجية في كوريا، ما ساعدني في الحصول على خبرة كبيرة في العلاقات الثنائية بين كوريا والكويت.وعملتُ أيضاً في واشنطن، وتوليت منصب وزير- مستشار بالبعثة الدائمة لجمهورية كوريا في الأمم المتحدة بنيويورك، كما توليت منصب المدير العام لإدارة المنظمات الدولية بوزارة الخارجية في جمهورية كوريا، لذلك أنا على دراية كاملة بالدور الذي أدته دولة الكويت عندما شغلت العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بين عامي 2018 و2019، ونثمن جهود الوساطة التي بذلتها ومازالت تبذلها في حل النزاعات وما قدمته من مساعدات إنسانية، ساهمت جميعها بقدر كبير في الحفاظ على السلام والاستقرار في المجتمع الدولي.مسابقة للمأكولات الشرقية والكورية ودروس في التايكوندو
قال السفير الكوري إن من شأن التبادل الثقافي تعزيز العلاقات بين الدول، نظراً إلى أنه الركيزة الأساسية لتطوير العلاقات.وأضاف أن السفارة كانت سابقاً تقيم فعاليات ثقافية، "إذ احتفلنا عام 2019 بالذكرى الـ 40 لإقامة العلاقات الثنائية مع الكويت، وأنا متفائل جداً بفضل تعامل السلطات الكويتية وسيطرتها على جائحة "كورونا". وتابع: أتوقع أننا سنقوم في عيدنا الوطني هذا الشهر، بفعاليات صغيرة ونفكّر في إعطاء بعض الكويتيين ملابس كورية، كي يلتقطوا صورا بها، ونحن سنعرضها لاحقاً من خلال فيلم مصوّر، كما سنعطي دروساً للأطفال في رياضة التايكوندو وسنلتقط صوراً وأفلاماً مصورة لهم، ونعرضها خلال هذه الفعالية في نهاية أكتوبر الجاري، وسنعطي أيضاً بعض الدروس في فن الخط.وذكر أنه في نوفمبر، ستقيم السفارة معرضاً للمأكولات الكورية، ومسابقة للمأكولات الشرقية بين طباخين كوريين وكويتيين، على أن تعتمد الطبخات على "الكيمتشي" وهو طعام كوري تقليدي وأساسي لا تكاد تخلو منه مائدة وهو أشبه ما يكون بالمخلل عند العرب وأساسه مادة الملفوف والثوم، وأتوقع من بعض الطهاة الكويتيين المحترفين أن يقدّموا لنا مأكولات يصنعونها من "الكيمتشي".الديوانية ومجبوس الدجاج
أوضح تشونغ أنه لم يتمكن من زيارة أي ديوانية، نظراً لظروف جائحة كورونا، متمنياً أن تعود الحياة إلى طبيعتها كي يتسنّى له الاستمتاع بمحادثات شيّقة مع أصدقاء كويتيين في ديوانياتهم.وقال إنه يحب أكل مجبوس الدجاج، نظراً إلى أنه مصنوع أساساً من الأرز، "والأرز في كوريا هو أمر أساسي من طعامنا، إذاً الأمر مماثل، رغم اختلاف الطعم، لكنني معجب جداً بنكهة المجبوس الكويتية".