لم تطفئ اشتباكات الطيونة الأسبوع الفائت الحريق السياسي دائم الاشتعال بين حركة أمل والتيار الوطني الحرّ بل على العكس اتسع الخلاف ليشمل مسألة ترسيم الحدود. وبينما سارع رئيس مجلس النواب نبيه بري لمنع تداعيات ما حصل في عين الرمانة من التفاقم، كانت الاشتباكات السياسية تتصاعد بينه وبين رئيس «التيار الوطني الحرّ» جبران باسيل في جلسة المجلس النيابي أمس الأول.
وخصص جدول أعمال الجلسة لإقرار تعديلات على قانون الانتخاب وتحديد موعد الانتخابات، بعدما أصر برّي على إقرار القانون قبل الدخول في سجالات سياسية أو قضائية حول التطورات والأحداث الأخيرة، ما كان سيؤثر على مسار الجلسة ومجرياتها، وقد يتم تطيير النصاب فترفع الجلسة بدون إقرار التعديلات. واستبقت الجلسة بجولة اتصالات بين مختلف القوى لمحاولة القفز فوق الدخول في سجالات وصراعات لتمرير قانون الانتخابات، بينما لجأ برّي إلى رفع الجلسة مباشرة بعد إقرار القانون حتى لا تتحول إلى حلبة صراع سياسي.وكان يفترض أن تحضر في الجلسة «حادثة الطيونة»، واقتراح تشكيل هيئة قضائية اتهامية للنظر في قرارات المحقق العدلي طارق البيطار في تفجير مرفأ بيروت، لكن الخلافات السياسية حالت دون طرحها. ويعتبر برّي هذه الهيئة، التي تلتف على صلاحيات المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وصلاحيات المجلس النيابي، مطلباً لرئيس الجمهورية وصهره جبران باسيل لإبقاء الكلمة الأخيرة لهما في أي ملف قضائي.وفي الحصيلة، أقر المجلس النيابي تعديلات قانون الانتخاب وسقطت مطالب كبيرة طالب بها باسيل، وهي تصويت المغتربين لستة نواب وإنشاء «ميغاسنتر»، بالإضافة إلى تحديد موعد الانتخابات في 27 مارس، الأمر الذي اعترض عليه باسيل، ملوحاً بالطعن. وبحسب ما تشير المعلومات فقد حصل اتفاق بين تيار «المستقبل» وحركة «أمل» على بند تصويت المغتربين الذي رفضه «التيار الوطني الحرّ» و«حزب الله». وبالتالي أصبح القانون أمام خيارين، وسط معلومات تفيد بأن رئيس الجمهورية قد لا يوقعه وسيحيله مجدداً إلى المجلس النيابي، الذي قد يقره مجدداً وهو ما سيقابله عون بالطعن بالقانون أمام المجلس الدستوري.الخلافات بين بري وعون تنعكس أيضاً في ملف ترسيم الحدود البحرية. فهذا الملف يتقدم أيضاً على ما عداه مع زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين إلى بيروت ولقائه المسؤولين اللبنانيين للبحث في الوصول إلى تسوية حول عملية الترسيم، يعتمد هوكشتاين آلية التفاوض المكوكية أي من خلال إجراء زيارات بين لبنان وإسرائيل لطرح وجهات النظر المتبادلة، وهذا يعني التخلي عن أسس المفاوضات السابقة في الناقورة، وعدم ترؤس جلسات التفاوض لبنانياً من قبل وفد عسكري تقني. وبحسب ما تشير المعلومات، فإن عون يوافق على هذه الآلية من المفاوضات، ولا يمانع أن يشارك فيها خبراء عسكريون وتقنيون، فيما حتى الآن الرئيس نبيه بري لا يزال يتحفظ عن الآلية على الرغم من إصراره على ضرورة الوصول إلى حلّ سريع حماية للثروة اللبنانية في البحر. الاقتراح الذي يحمله هوكشتاين سيحتاج إلى وقت طويل للوصول إلى حلّ بشأنه، وخصوصاً أنه يقترح إنشاء شركة أميركية قابضة تعمل على استخراج النفط وتوزيع العائدات المالية على الطرفين وإن لم يتم التوصل إلى صيغة نهائية لمسألة الترسيم وفي ظل الخلافات المستمرة حول المساحة التي سيحصل عليها لبنان.كل الوقائع تشير إلى أن لبنان دخل عصر الانتخابات النيابية التي ستجري بعد حوالي خمسة أشهر، مع ما يعنيه ذلك من ارتفاع منسوب التوتر أو التصعيد السياسي لزوم الحاجة الانتخابية، وقد كان أمين عام حزب الله حسن نصرالله أول من افتتح الموسم الانتخابي بكلامه التصعيدي الكبير ضد القوات اللبنانية على خلفية أحداث الطيونة أمس الاول، متهماً القوات بأنها مشروع حرب أهلية وبأنها تمثل خطراً على المسيحيين.كلام نصر الله تضمن مجموعة رسائل أولها فتح المعركة الانتخابية لمصلحة حلفائه المسيحيين ضد «القوات» في محاولة منه لمحاصرتها أو عزلها. ثانيها محاولة زرع الشقاق بين «القوات» وأي طرف سياسي آخر، ثالثها والأهم استعراضه للقوة العسكرية التي يمتلكها وهي تصل إلى 100 ألف عسكري مدربين ومجهزين. كلام نصر الله التصعيدي هدفه احتواء أي تصعيد على الأرض بعد ما جرى في الطيونة، لأنه لا يريد الدخول في أي اشتباك قد يرتد عليه سلباً مسيحياً، في مقابل تركيزه على تحصيل المكاسب السياسية من وراء ما حصل.
لا تثبيت للدولار... واستئناف «التدقيق» في حسابات المصرف المركزي
تراجع وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام، عن تصريح قال فيه إن الحكومة ستثبت سعر صرف الدولار على 12 ألف ليرة، مشيراً إلى أنه «حصل التباس فيما ذكرت. للتوضيح، إن العمل على خفض سعر الصرف إلى 12 ألف ليرة، وهو تقدير شخصي، مبني على معطيات تعمل عليها الحكومة مع المجتمع الدولي وصندوق النقد والبنك الدولي ومع كل الجهات المعنية لمساعدتنا على إعادة تحريك الوضع الاقتصادي بما يتيح خفض سعر الصرف الى ما بين 10 الى 12 ألف ليرة. في أي حال، المعطيات الإيجابية والتوقعات بالنسبة الى المؤشرات الاقتصادية على مدى الأشهر الثمانية المقبلة والإجراءات اللازمة، في مقدمها نجاح مفاوضاتنا مع صندوق النقد، هي وحدها القادرة على مساعدة الحكومة لخفض سعر الصرف. وتالياً ما ذكرتُه عن سعر الـ 12 ألفاً هو رهن ورشة عمل مكثّفة».إلى ذلك، بعد نحو عام من تعليقها لتعذر حصول الشركة على كافة المستندات المطلوبة، من المقرر أن تستأنف شركة «ألفاريز ومارسال» اليوم، عمليات التدقيق الجنائي في حسابات المصرف المركزي في لبنان.وأعلنت الرئاسة اللبنانية، أن رئيس الجمهورية التقى، أمس، المسؤول في «الفاريز ومارسال» جايمس دانيال، الذي أطلعه «على مباشرة الشركة اليوم، التدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان بعد إنجاز كل الترتيبات المتعلقة بذلك.وقال مدير عام وزارة المالية اللبنانية جورج معراوي، إن فريق الشركة وصل أمس الأول، وباشر الترتيبات، مشيراً إلى أنه «بحسب العقد، لدى الشركة 12 أسبوعاً لجمع المعلومات وإعداد تقريرها».وأثار التدقيق الجنائي في حسابات المصرف المركزي العام الماضي جدلاً واسعاً في لبنان.وفي نوفمبر 2020، أنهت «ألفاريز ومارسال» عقدها الموقع مع لبنان للتدقيق الجنائي في حسابات المصرف المركزي، بعد تعذر حصولها على كافة المستندات المطلوبة منه. وقال المصرف المركزي وقتها، إن الحصول على تلك المعلومات يعارض قانون السرية المصرفية.وفي ديسمبر، أقرّ مجلس النواب قانوناً نص على تعليق العمل بالسرية المصرفية مدة عام لفتح المجال أمام إعادة إطلاق التدقيق الجنائي.وبعد أشهر من المماطلة والجدل بين الأطراف المعنية، وقع وزير المالية يوسف خليل الشهر الماضي عقد التدقيق الجنائي مع الشركة المذكورة.لكن خبراء يشككون في إمكانية تمكن مدققي الشركة من إتمام مهمتهم، نظراً إلى شروط العقد والوقت المحدد لهم، في بلد يغيب فيه مفهوم المساءلة والمحاسبة. وقال المحلل المالي مايك عازار: «طالما أنه ليس لدى المدققين وصول مباشر الى الخوادم وأنظمة المعلوماتية والمحاسبة، ولا يخضع العمل لإشراف الجهات المختصة، فإنني لا أتوقع شيئاً» من عملية التدقيق.