العراق: مهلة لـ«تصحيح» نتيجة الانتخابات... وقضاة يستشيرون النجف
بدا أن الفصائل الموالية لإيران والخاسرة في الانتخابات التشريعية العراقية، صامتة بعد إصدار مجلس الأمن الدولي بياناً نادراً، أمس الأول، يدعم فيه «نزاهة» الاقتراع الذي جرى في العاشر من الشهر الجاري، لكن أنصار الميليشيات أخذوا المهمة على عاتقهم، ومنحوا مهلة ثلاثة أيام لـ«تصحيح النتائج أو الاستعداد لتصعيد كبير»، على حد وصف مئات المحتجين منهم الذين بدأوا اعتصاماً أمام مباني الحكومة ونصبوا سرادق وخياماً، وسط تأهب أمني وحذر من الاحتكاك.وحشدت الميليشيات أنصارها بصعوبة واضحة، بدت من خلال الأعداد القليلة في بغداد، على خلفية انقسام بين حلفاء طهران أنفسهم حول مدى حدة الرد المطلوب على الهيئات التنفيذية والقضائية، التي أجرت الاقتراع، وخسرت فيه الفصائل أكثر من نصف مقاعدها، مقابل صعود كبير لتيار مقتدى الصدر، وفوز مفاجئ لمستقلين وأحزاب جديدة مؤيدة للحراك الشعبي، مما جعل المراقبين يصفون الانتخابات بأنها أبرز مناسبة لتقدم التيار الداعم للدولة، ضد الاتجاهات الموالية لطهران.وقالت مصادر رفيعة في بغداد، إن القوى الخاسرة أرادت أن تبعث برسالة إلى مجلس الأمن تطالب فيها بإعادة الانتخابات، لكن المنظمة الدولية فاجأتها ببيان تأييد للاقتراع، مما شجع الصدر على إصدار بيان طلب فيه من الجميع قبول النتائج والتوقف عن إشاعة أجواء التهديد والتصعيد، التي تهدد بجر البلاد إلى فوضى سياسية وأمنية، مستنكراً ما أسماه بالضغوط التي توجه إلى هيئة الانتخابات والجهاز القضائي.
ويجرب العراقيون للمرة الأولى انقساماً حاداً كهذا حول الاقتراع النيابي يصل إلى درجة التصعيد والتهديدات بالرد الأمني.وذكرت مصادر لـ«الجريدة»، أن قضاة ورجال قانون معنيين بالانتخابات، كثفوا اتصالاتهم بمرجعية النجف العليا، لطلب المشورة والتدخل أمام تهديدات حلفاء إيران التي يمكن أن تنفلت مع استخدام الشارع. وكان المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، الذي يحظى باحترام كبير في المحافل الدولية، دعم الانتخابات، وذكر مقربون منه أنه أوصى بتقبل النتائج مهما كانت المفاجآت؛ لأنه اقتراع يأتي بعد حركة احتجاج شعبي واسعة ضد الأحزاب مضى عليها سنتان، وسقط خلالها نحو 30 ألف قتيل وجريح من الناشطين، في مواجهة عنيدة بين التيار المدني وأنصار الميليشيات.ودعمت الخارجية الإيرانية نتائج الانتخابات، لكن ذلك لا يعكس ارتياح الحرس الثوري الإيراني حيال الصيغة السياسية والأمنية المتوقع ظهورها تبعاً للأوزان النيابية الجديدة، مما يعني بالضرورة مفاوضات عسيرة حول التعامل مع مخرجات الاقتراع، خصوصاً بسبب الخصومة المحتدمة بين رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي والفصائل المنضوية تحت مظلة الحشد الشعبي.ورجحت نتائج الاقتراع حظوظ الكاظمي في التمديد لجهة تحالفه مع تيار الصدر والأحزاب الكردية وقربه من المستقلين والحركة الاحتجاجية، لكن الفصائل الخاسرة تتوجس خيفة من نواياه لأنه خاض معها مواجهات كبيرة كادت تؤدي إلى احتراب داخلي.كما يتأثر جو المفاوضات بشأن تشكيل الحكومة الجديدة بتضاعف مقاعد رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي الذي حل رابعاً في الانتخابات، ويريد العودة إلى دائرة النفوذ بعد نحو سبعة أعوام من خسارته المنصب، رغم وجود موقف عراقي واسع يرفضه نتيجة سياساته الموصوفة بالانفعالية، التي صعّدت حينها من الانقسامات الطائفية.