أكد وزير الدولة لشؤون البلدية وزير الدولة لشؤون الإسكان والتطوير العمراني، شايع الشايع، منذ أيام، أن لدى المؤسسة العامة للرعاية السكنية قناعة تامة بأن النهج المتبع حاليا لتوفير السكن للمواطنين، مكلف جدا وغير مستدام، ولن يحل التحدي الاسكاني.«الجريدة»، بدورها، سألت عددا من العقاريين حول أفضل السبل لحل القضية الإسكانية بأقل تكلفة ممكنة، حيث اتفقوا على أن النهج الذي تتبعه المؤسسة لا يخدم المواطن، ويخلق العديد من المشاكل، ولا بدّ من اتخاذ طرق أخرى أكثر جدوى.
وأشار العقاريون الى أن الحل لتجاوز أزمة السكن يكمن في إشراك القطاع الخاص والمطورين العقاريين في عملية تطوير الأراضي والمساكن، حيث إن المطور يمتلك حلولا وخبرة كافية في تنفيذ المشاريع الإسكانية من بنى تحتية أو عقارات سكنية.وبينوا أن هناك قوانين يجب إقرارها إضافة إلى ذلك، ومن أهمها قانون الرهن العقاري، الذي أصبح ضرورة في ظل عجز بنك الائتمان عن توفير القروض للمواطنين... وفيما يلي التفاصيل:قال الرئيس التنفيذي لشركة إنجازات للتنمية العقارية، محمد الفرحان، إن المؤسسة العامة للرعاية السكنية لديها من الدراسات التي تم إعدادها بمبالغ طائلة عن طريق مستشاريين محليين ودوليين ووزراء سابقين كرؤية لحلّ القضية الإسكانية في الكويت.وبيّن الفرحان أن تلك الدراسات تتضمن العديد من الطرق لحل المشكلة التي تعانيها الدولة، لكنّ المعضلة تكمن في أنه لا يوجد قرار سياسي لتطبيق تلك السياسات على أرض الواقع.وتابع أن الدولة لا تريد حلولا مستقبلية مستدامة، وتعمل على "طمام المرحوم" دون وجود رؤية واضحة، وهذا ما أدى الى تراكم الطلبات الإسكانية، وتزايد حدة الأزمة.وأكد الفرحان أنه لو تم تطبيق الدراسات التي تمتلكها المؤسسة من تحرير الأراضي أو منح المطور العقاري دورا أكبر، أو غيرها، بشروط وضوابط، لتم حل الأزمة الإسكانية وبتكلفة منخفضة على الدولة.
غير مجزية
من جانبه، أكد نائب رئيس اتحاد العقاريين، قيس الغانم، أن النهج الذي تتبعه المؤسسة العامة للرعاية السكنية في الوقت الحالي غير صحيح، وهو بمنزلة الهروب من المسؤولية ولا يخدم المواطن.وبيّن الغانم أن من المفترض على المؤسسة في حال أرادت تغيير نهجها المتبع في عملية توفير السكن للمواطنين، الأخذ بآراء المختصين، وبدراساتهم وتوصياتهم حتى يتم الخروج بأفضل نهج ممكن.وتابع أن الطريقة المتبعة في عملية تطوير الأراضي وتوفير السكن للمواطنين، غير مستدامة وغير مجزية، وذلك في ظل العجز الذي تعانيه ميزانية الدولة.وقال إن الحل لتجاوز تلك المعضلة يكمن في إشراك القطاع الخاص والمطورين العقاريين في تطوير الأراضي والمساكن، حيث إن المطور يمتلك حلولا وخبرة كافية في تنفيذ المشاريع الإسكانية من بنى تحتية أو عقارات سكنية، بنماذج مختلفة تتناسب مع احتياجات المواطن وبأقل تكلفة ممكنة، مشيرا الى أن معظم دول العالم تعتمد على المطورين العقاريين في هذه المسائل، ويكون دور الدولة في الرقابة عليها.وأشار إلى أن على المؤسسة تحرير الأراضي، وتسليمها للمطورين العقاريين، ليتم تنفيذ بنيتها التحتية والمرافق العامة وبناء المساكن للمواطنين، وبأسعار محددة ومتفق عليها مسبقا، وبمواصفات معيّنة تناسب متطلبات المواطن.وأردف أن دور الجهات الأخرى في إقرار قانون الرهن العقاري يأتي بعد ذلك، وهو ما أصبح ضرورة ملحّة، وذلك في ظل عدم قدرة بنك الائتمان على منح القروض للمواطنين.ولفت الى أن العديد من نواب مجلس الأمة والمواطنين لديهم مخاوف وفكرة سيئة عن "الرهن العقاري"، وذلك نتيجة لتجارب بعض الدول، موضحا أنه يمكن إصدار تشريعات بهذا الشأن تناسب حالة المجتمع الكويتي وتكون هناك المزيد من الضمانات التي تحفظ حقوق المواطنين.وقال الغانم إن حالة ميزانية العامة لا تسمح بالاستمرار بالنظام القائم حاليا، وعلى الحكومة اللجوء الى طرق، أكثر فعالية وأقل تكلفة، وحل مشكلة تملُّك المواطنين للسكن، خاصة في ظل ارتفاع أسعار العقارات وتزايد أعداد المواطنين.نماذج عمل
وذكر رئيس اتحاد وسطاء العقار، عبدالعزيز الدغيشم، أنه لا بدّ من الاعتراف بأن الطريقة الحالية المتبعة من "السكنية"، غير مستدامة، وتواجه العديد من المشاكل، ولا بدّ من اتخاذ طرق أخرى أكثر جدوى.وقال الدغيشم إن الطريقة المثلى هي تسليم المشاريع الإسكانية الى المطورين العقاريين، حيث إن السوق المحلي يفتقر إلى المطورين العقاريين، مؤكدا امتلاك المطور السرعة في تنفيذ المشاريع الإسكانية وتقديم أفضل نماذج عمل، وبأسعار منخفضة، مقارنة بالمشاريع التي تقوم بها الحكومة.وأكد أن المطور يعدّ من العناصر الأساسية المهم توافرها في الدولة، مشيرا إلى أن هناك العديد من الأمثلة على نجاح المطورين في مناطق، مثل جنوب السرة، والتي أصبحت فيما بعد من أكثر المناطق النموذجية رغبة من المواطنين.وأوضح أن الدولة غير قادرة على توفير السكن للمواطنين بمعزل عن القطاع الخاص، كما أن جزءا كبيرا من أسباب ارتفاع الأسعار السكني والمشاكل التي تواجهها الدولة هو منع الشركات من المساهمة في عمليات البناء.وأفاد بأن هناك قوانين يجب إقرارها مع السماح للمطور العقاري في بناء المساكن، ومن أهمها قانون الرهن العقاري، الذي أصبح ضرورة في ظل عجز بنك الائتمان على توفير القروض للمواطنين.وبيّن الدغيشم أن الرهن العقاري معمول به في معظم دول العالم، وله العديد من المميزات، منها أنه يساهم في زيادة قدرة المواطن على تملُّك منزله الخاص، وتقليل مدة الانتظار في طابور بنك الائتمان، كما يتيح القانون فرصة للبنوك لاستخدام السيولة الفائضة لديها في السوق المحلي، إضافة الى أنه سيخفف الضغط عن الميزانية العامة للدولة.مفهوم المدن
من جهته، قال نائب رئيس اتحاد مقيّمي العقار، عبدالعزيز الشداد، إن المؤسسة العامة للرعاية السكنية لديها صلاحيات واسعة، إلا أنها لم تستغل تلك الصلاحيات، كما انها من الجهات المغلقة ولا تشارك المختصين في توفير المساكن للمواطنين.وبيّن الشداد أنه يجب تغيير مفهوم المدن الإسكانية بالتعريف الحالي، على أن تتضمن مساحات متنوعة من العقارات تتيح للمواطن الاختيار، إضافة الى وجود خدمات داعمة لهذه المدن من مجمعات تجارية وفنادق ومرافق حكومية.وأشار الى أن ذلك لن يتم في ظل النهج المتبع حاليا والبطء التي تعانيه المؤسسة في تنفيذ المشاريع، إذ بإمكانها إشراك المطورين في هذه العملية، ولكن ذلك أيضا يتطلب تضافر جهود الجهات الأخرى كافة.وتابع أن تخفيض تكاليف البناء يتطلب من الجهات الأخرى فتح باب الاستيراد من مواد البناء، وتوفير الأيدي العاملة، وبالتالي تنخفض تكلفة البناء على المطور، وفي نهاية المطاف سينعكس ذلك على المواطن وقدرته على الشراء.وعلّق الشداد بأنه لا توجد أزمة إسكانية في الكويت، بل يوجد خلل في التعامل مع المستثمرين الذين توجهوا نحو القطاع السكني، إذ يجب وضع قوانين وتشريعات تضبط التملك في هذا القطاع.وأوضح أن القضية الإسكانية متصلة بمعظم جهات الدولة، وينبغي عليها التكاتف لحلها، حيث إن توفير الأرض مع ارتفاع تكاليف البناء يعد أيضا مشكلة ويجب عدم تجاهلها.