قرأت هذا الكتاب، الذي ألفه علي المسعودي، والذي يتناول فيه بعض ذكرياته في مراحل حياته الدراسية والعملية، مشيراً إلى أيام دراسته الابتدائية، والمتوسطة، فالثانوية، والتي تلقاها في المناطق البعيدة - نسبياً - عن العاصمة، حيث تنقل ما بين الشدادية، والمقوع، والصيهد، وجليب الشيوخ، والجهراء. وبمناسبة الجهراء، فإن المؤلف تحدث عن فترة تأثره بالشاعر نزار قباني، فتصرف في بيت من إحدى قصائده، يقول فيه نزار:
"فجراح الحسين بعض جراحيوبصدري من الأسى كربلاءُ"فجعل منه المؤلف:"فجراح الكويت بعض جراحيوبصدري من الأسى جهراءُ"***• ثم يتحدث عن مناهج الدراسة في ذلك الوقت، فيذكر بعض أشعار أحمد شوقي، ومنها قصيدة "جدتي":لي جدةٌ ترأفُ بيأحنى علي من أبيوكل شيء سرنيتذهب فيهِ مذهبيإن غضب الأهل عليّكلهم... لم تغضبِثم يقول: أحمد شوقي رافقنا طوال مراحل العمر الدراسية، ولم يغب عاماً واحداً عن المناهج، وكُلنا نذكر حكاية الثعلب المكار:برز الثعلب يوماً... في ثياب الواعظينافمشى في الأرض يهدي... ويسب الماكريناثم تختتم الحكاية بهذين البيتينأنهم قالوا وخير القول قول العارفينامخطئٌ من ظن يوماً... أن للثعلب دينا ***ويسترسل المسعودي في سرد ذكرياته عن الشاعر فهد العسكر، لأنه كان مُعجباً بأشعاره التي كانت مقررة في مناهج الدراسة، وكذلك قرأ ما كتبه عنه الأديب عبدالله زكريا الأنصاري، فأراد أن يكتب عنه ملفاً لمجلة الثقافة الكويتية، التي تصدرها وزارة الإعلام، فبحث ونقب حتى توصل إلى مكان شقيق الشاعر فهد العسكر، الذي كان يقيم في منطقة السرة، فلما التقاه إذا به يحدثه عن شقيقه الشاعر بحديثٍ مخالفٍ لكل الذي أشيع، وكُتب عنه، ففهد لم يكن منبوذاً، وكان مندمجماً مع مجتمعه وأسرته، ولم يكن مُدمناً للخمر، وأن أسرته لم تقم بحرق قصائده وأشعاره، وقال أشياء أخرى كثيرة نشرت حينئذ في مجلة الثقافة الكويتية.***• وتحدث عما كانت تتضمنه مناهج الدراسة في ذلك الزمن، فذكر قصة "النمل الأشقر" للكاتبة ليلى العثمان، وكيف أنها كانت توحي بانتشار الأخطار، وأمراض النفوس، والجواسيس، والأطماع، التي ستبدأ بأكل الإنسان دون أن يشعر، ويقول إنه تعرف - فيما بعد - على الكاتبة ليلى العثمان كزميلة صحافية، وكاتبة جريئة في مجال القصة، وتحدث عن مقدرتها في تسليط الضوء الكاشف على مشاكل المجتمع، وكيف تجاوزت لغة الممنوعات.***وبعد أن استفاض المؤلف بذكر مناهج الدراسة أيام طفولته وصباه، وأشاد بقوتها في مختلف فصول الابتدائية، والمتوسطة، فالثانوية، أتى على مناهج الدراسة المقررة في هذه الأيام، حيث كتب يقول:"كنت أقلب مناهج الابتدائية، والمتوسطة، فهالني المستوى الرديء في تلك المقررات، فأطفالنا يعيشون في العالم الافتراضي، والرقمي، مُدججين في عالمٍ أسمنتي، خائف، ومخيف".***أمضيت مع هذا الكتاب ساعات، اطلعت فيها على الكثير من الذكريات التي عاشها المؤلف، حملت الكثير من المعلومات والتجارب، التي أرّخ فيها لأحداثٍ قد عاشها البعض منا، وكم هو جميل أن نستعيد ذكراها!
أخر كلام
«مذكرات طالب حلم»!
26-10-2021