في خطوة مفاجئة فاقمت غضب الشارع، الذي يعاني الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، توقفت جميع محطات الوقود في إيران عن العمل، أمس، بسبب خلل فني في النظام الإلكتروني الموحد، سببه تعرض منظومة التوزيع لهجوم سيبراني من قراصنة يرجح أنهم إسرائيليون.وأكد المجلس الأعلى للأمن القومي، للتلفزيون الرسمي الذي بث لقطات لمحطات مقفلة والسيارات مصطفة والغضب على أصحابها، أن تعطل توزيع الوقود في مختلف المحطات نتج عن «هجوم سيبراني على النظام المعلوماتي لتوزيع الوقود»، مشيراً إلى أن «تفاصيل الهجوم ومنشأه موضع تحقيق».
وإذ أكد وزير الداخلية أحمد وحيدي أن الخلل في عمل محطات الوقود «يعود لمشكلة تقنية سيتمّ حلها قريباً»، نقل التلفزيون الرسمي عن «مسؤولين معنيين» عدم استبعادهم أن يكون العطل ناتجاً عن هجوم سيبراني، وهو ما تم تداوله أيضاً على نطاق واسع من قبل مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.وأعلنت الشركة الوطنية لتوزيع المحروقات توقف النظام الإلكتروني عن العمل بسبب خلل فني، موضحة أن بإمكان المواطنين التزود بالوقود بأسعار غير مدعومة ودون الحاجة للنظام حتى معالجة المشكلة. وقالت المتحدثة باسم الشركة فاطمة كاهي، للتلفزيون الرسمي، إن الشركة دعت إلى «اجتماع طارئ لحل الأزمة».
أين وقودنا؟
وتصادف الهجوم السيبراني مع ذكرى الاحتجاجات التي عمت إيران في نوفمبر 2019 احتجاجاً على زيادة أسعار البنزين بنسبة 200 في المئة وتحولها إلى غضب عارم ضد النظام والحكومة، وتم قمعها بعنف مفرط وغير مسبوق من قبل قوات الأمن.ونشر رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للوحات إعلانية رقمية مثبتة في مدينة أصفهان، بُثّ عليها سؤال موجَّه إلى المرشد الأعلى علي خامنئي: «يا خامنئي أين وقودنا؟» و«البنزين المجاني في محطة جمران للوقود».وكتبت وكالة «إيسنا» أن «الصور الواردة من أصفهان تظهر أن اللوحات الإعلانية الرقمية في هذه المدينة تعرضت لهجوم سيبراني قام به عملاء للأجانب»، قبل أن تزيل هذا الخبر بعد بضع دقائق من نشره.حرب سيبرانية
وفي وقت سابق، رجح مركز «القدس للشؤون العامة والدولة»، الذي يعد أحد مراكز الفكر ودعم صناعة القرار في إسرائيل الأحد الماضي، تزايد حدة الحرب السيبرانية مع إيران خلال الأشهر المقبلة، مشيراً إلى أن «جميع التقديرات السائدة بتل أبيب ترجح أن تحاول طهران شن هجمات سيبرانية كبرى ضد منشآت حيوية إسرائيلية، ولاسيما شركات المياه والكهرباء والمرافق المدنية».ووفق المركز، ترى إسرائيل أن الحرب السيبرانية مع إيران ستتفاقم في الفترة المقبلة، بالتوازي مع الخطوات السياسية والدبلوماسية ضد الاتفاق النووي ومحاولاتها منع حيازاتها السلاح النووي وترسيخ أقدامها عسكرياً في سورية.وفي فبراير الماضي، أكد المركز أن إيران وإسرائيل «تخوضان حرباً سرية في ساحة الفضاء السيبراني، في إطار الصراع بشأن البرنامج النووي الإيراني»، مؤكداً أن قدرات تل أبيب تفوق نظيرتها الإيرانية حتى الآن.الضربة المحتملة
في هذه الأثناء، أفادت هيئة البث العبرية «مكان» بأن تقديرات استخبارية عرضت على المستوى السياسي في إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة تفيد بأن إيران تسعى إلى نصب صواريخ «أرض-جو» في سورية ولبنان والعراق ومناطق أخرى بهدف اعتراض غارات جوية إسرائيلية».ووفق «مكان»، فإن حكومة نفتالي بينيت أوعزت للأجهزة الأمنية بإعداد خطط لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية حال تعثر المفاوضات النووية، مشيرة إلى أن «التقديرات العسكرية تؤكد أن قوة سورية أطلقت صواريخ من منظومة إيرانية للدفاعات الجوية على طائرات من سلاح الجو الإسرائيلي».وتزامناً مع تقدم إيران ببرنامجها النووي وتلويح واشنطن باستخدام خيارات أخرى غير دبلوماسية لمنعها من حيازة السلاح النووي، قرر الجيش الإسرائيلي خلال الأشهر الأخيرة أن يغير مجدداً سلم أولوياته والاستعداد لإمكانية خيار عسكري لتنفيذ هجوم ضد إيران.وأفادت صحيفة «يسرائيل هيوم» بأن سلاح الجو سيبدأ العام المقبل الاستعدادات للتدرب على هجوم محتمل ضد إيران، موضحة أن «التجهيزات ستستمر مدة عام على الأقل، إضافة إلى الحاجة لمعلومات استخباراتية حديثة وتجهيز عدة إمكانيات للعمل».وبحسب الصحيفة، فإن «سلاح الجو سيتطلب أيضاً تغييراً في بناء قوته، وتأهيل عناصره، وصيانة طائراته وشراء المزيد من قطع الغيار للرحلات لمسافات طويلة»، لافتة إلى أن رئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي صادق على الخطة.هجوم التنف
في هذه الأثناء، اتهم مسؤولون أميركيون، أمس الأول، إيران بالوقوف وراء هجوم الطائرات من دون طيار ليل الأربعاء- الخميس على مركز ثقل القوات الأميركية بقاعدة «التنف» جنوبي سورية، رداً على هجوم استهدف وكلاء إيران قرب مدينة تدمر، وألقي اللوم فيه على إسرائيل.وأفادت وكالة «أسوشيتد برس» وصحيفة «بوليتكو» بأن وزارة الدفاع «البنتاغون» تعتقد أن إيران قدمت الموارد والطائرات المسيّرة وشجعت على الهجوم، لكن لم يتم إطلاقها منها، مبينة أن الهجمات شملت ما يصل إلى خمس طائرات مسيّرة محمّلة بالعبوات الناسفة، وأنها أصابت كلاً من الجانب الأميركي من ثكنة التنف، والجانب الذي توجد فيه قوات المعارضة السورية.ورفض المتحدث باسم «البنتاغون» جون كيربي، الإدلاء بتفاصيل عندما سُئل عن التقرير خلال مؤتمر صحافي أمس الأول، ووصفه بأنه «هجوم معقد ومنسق ومتعمد».وقال إن الولايات المتحدة شهدت هجمات مماثلة من قبل الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران، لكنه لم يخض في التفاصيل، وأضاف أنه ليس لديه تحديث بشأن الذخائر المستخدمة في الهجوم.كما رفض كيربي الحديث عما إذا كان قد تم تحذير القوات في وقت مبكر أو إذا كانت الولايات المتحدة تعتزم القيام برد عسكري. وقال كيربي: «تظل حماية وأمن قواتنا في الخارج مصدر قلق بالغ لوزير الدفاع لويد أوستن، وإذا كان هناك ردّ، فسيكون في زمان ومكان و بطريقة محددة نختارها».وكانت وسائل الإعلام الموالية لإيران قالت، إن «هجوم التنف نُفّذ من قبل حلفاء سورية»، في إشارة واضحة إلى الجماعات المدعومة منها، رداً على هجوم استهدفهم قبل أيام قرب مدينة تدمر، وألقي اللوم فيه على إسرائيل.وجاء هجوم «التنف» في فترة تصاعد التوترات مع إيران، وحذر المبعوث الأميركي روبرت مالي أن مفاوضات إحياء الاتفاق النووي المتعثر باتت في «مرحلة حرجة»، والولايات المتحدة»سوف تستخدم أدوات أخرى» في حال فشل المفاوضات، مضيفاً في مؤتمر صحافي شاركت فيه «الجريدة» أن الصبر بدأ ينفد في ظل استمرار طهران في التلكؤ.