الإخوان المسلمون في الكويت... ودعوة الجزائري «الفضيل الورتلاني» (4-4)
يهاجم القيادي "محمود عبدالحليم" عضو الهيئة التأسيسية للإخوان ومؤلف الكتاب المعروف "الإخوان المسلمون: أحداث صنعت التاريخ"، الذي قدم له مرشد الإخوان مصطفى مشهور، والصادر عام 1983، العاهل السعودي الملك عبدالعزيز آل سعود، ويقول إن ثورة اليمن بدأت باغتيال الإمام يحيى، وإن العاهل السعودي قد لا يسعده أن يقوم حكم في جارته المتاخمة له يضرب بنظام الوراثة والأسر المالكة عرض الحائط"، ويقول "إن الإخوان منذ عرفتهم كانوا يتمنون أن يتخلص اليمن من حكم (الأئمة) حتى تدب في أوصاله الحياة"، ويؤكد "أن فكرة إعداد الشعب اليمني للثورة قد نبتت في المركز العام للإخوان المسلمين". (جـ1، ص402) ولكنه لا يناقش موقف الإخوان "المبدئي" من الانقلابات والثورات و"اعتراضهم" على استخدام العنف، بل يندفع في تأييد ثورة اليمن تحت عنوان "آثار هذه الثورة" فيقول: "كان لهذه الثورة آثار على المستوى المصري وأخرى على المستوى العربي، وثالثة على المستوى العالمي... أما على المستوى المصري فإنها ألقت في روع القائمين على الحكم في مصر أن هذه الثورة نذير لهم بين يدي عذاب شديد، فليلقوا بثقلهم أولا لإحباطها ثم ليعدوا العدة للقضاء على مدبريها وهم الإخوان المسلمون الذين بلغوا أشدهم، حتى إنهم يقيمون الدول ويسقطونها، فوجد فاروق في مصر تجاوباً لأحاسيسه عند عبدالعزيز آل سعود في السعودية وقد قربت ما بينهما، وأنستهما الخلافات التي كانت بينهما ظناً منهما أن الثورة كانت ضد الملكية، مع أن ابن الوزير قد بايعه العلماء ملكاً".على الصعيد العالمي، يقول الإخواني عبدالحليم، عرف الطاغوت الاستعماري أن العرق الوحيد الذي ينبض بالحياة في جسم العالم العربي هو الإخوان المسلمون، فلابد من خطة لاستئصال هذا العرق"، وأما عن أثر هذه الثورة على الإخوان، يضيف عبدالحليم، "فقد كانوا يتمنون أن تنجح الثورة ليكون للإسلام في هذا العالم دولة". (ص407-408)
تلك أمانيهم! أما في الواقع، فقد عرف العالم كله عام 2013 مثلا، بعد "الربيع العربي"، مدى أهلية وكفاءة الإخوان المسلمين للحكم، بعد ثلاثة عقود من تمنيات الأستاذ الداعية.مرّ الإخوان المسلون في موقفهم من الحكومات القائمة بعدة مراحل حسب مصلحة الجماعة التي يساوون بينها، كما هو معروف، وبين مصالح الإسلام والمسلمين! فرأينا المرشد حسن البنا يشيد بالملك فاروق في بداية حكمه ويتقرب إليه ويضع إمكانات الجماعة التنظيمية في خدمته ويحاول إلباسه لباس الخلافة لاستخلاص ما يمكن من تسهيلات ورخص لنشاط الإخوان في مصر.ثم ينحاز الإخوان مع الميول الثورية والانقلابية ضد الملك فاروق التي حذروا منها، حتى يصل الأمر إلى المشاركة في التخطيط لانقلاب أو ثورة يوليو 1952، عندما "وضعوا بيضهم في سلتين" كما اقترح عليهم المرشد الثاني "الهضيبي". ورأينا الإخوان حتى في العراق، الذي نقل الإخوان التجربة فيه من مصر ولم يتابعوا بحرص ما كان يجري فيها بعد ذلك، رأيناهم يقفون مع ثورة تموز (يوليو) 1958 بقيادة عبدالكريم قاسم، وفي سورية تعاطف الإخوان بقوة حتى مع الاشتراكية أو كما كانوا يسمونها "اشتراكية الإسلام" بعكس إخوان مصر الذين خسروا الكثير من التوجهات الاشتراكية والتأميم.ومع هيمنة الاستبدادات الانقلابية في المشرق العربي سادت أوساط الإخوان عموماً مع الستينيات موجة من العداء للدول أو الأنظمة الثورية والانقلابية، ساعدت في تقريبهم من الدول الخليجية المحافظة، فاستلم تيار الإخوان في هذه الدول التوجيه والتعليم والأوقاف وبخاصة التأثير في المناهج المدرسية والثقافة العامة والإعلام وغير ذلك.وقد عانت حركة الإخوان كالحكومات الخليجية والعربية من بعض توجهات الثورة الإيرانية عام 1979 والحرب العراقية- الإيرانية التي تلتها حتى عام 1988، قبل أن تصطدم بكارثة احتلال الكويت سنة 1990، أما التحول الكبير في استراتيجية "العمل الإسلامي" فجاء مع زوال الحرب الباردة وسقوط المعسكر الشرقي ثم مجيء "الربيع العربي" سنة 2011، وما جرى في مصر خاصة وليبيا والسودان والمنطقة الخليجية، والتي أتاحت للشعوب العربية للمرة الأولى رؤية الجانب الذي كان معتماً منذ سنين، من الهلال أو قمر الحركات الإسلامية. وربما تذكر بعض الإخوان ما جاء في رسائل البنا كقوله، "وأما الثورة فلا يفكر الإخوان المسلمون فيها، ولا يعتمدون عليها، ولا يؤمنون بنفعها ونتائجها". وكان المرشد قد حذر في المناسبة نفسها من تدهور الأوضاع المعيشية، ومن "ثورة ليست من عمل الإخوان المسلمين ولا من دعوتهم"! ولكن هل أحسنوا التعامل مع الأوضاع حتى عندما هيمنوا على مصر وليبيا والسودان وغيرها؟نتساءل من جديد: لماذا دُعي الفضيل الورتلاني إلى الكويت مع تأسيس حركة الإخوان المسلمين فيها؟ وما القيم الروحية والأفكار التي كان لشخص كهذا أن ينقلها إلى شباب الإخوان وأهل الكويت آنذاك؟ وماذا عن صاحبه "محمد نجيب جويفل"؟ سنرى!